تعرّض سكّان جبلة في محافظة اللاذقية شمال غربي سورية، خلال السنوات الماضية، للتضييق من النظام السوري في شتّى جوانب الحياة، وفي الوقت الحالي يتعمّد تهميش المدينة وكذلك القرى المحيطة بها خدميّاً وأيضاً من ناحية المساعدات الإنسانية، في ظل تفشي الفساد والطائفية التي ينتهجها، وكعقاب أيضاً لمن بقي من السكّان بعد نزوح عوائل واعتقال شبان.
وقُسمت أحياء المدينة خلال السنوات الماضية إلى قسمين من قبل النظام؛ الأول مناصر للثورة 2011 ويضم أحياء العزة والتغرة والفيض وجب جويخة والجركس، وهي أحياء وسط المدينة وجنوبها، بينما الأحياء الباقية موالية للنظام في أقصى شمال وجنوب وشرق المدينة، وعمل النظام خلال هذه السنوات على فصلها طائفياً، كما يعامل القرى التي كانت خارجة عن سيطرته في ريف اللاذقية معاملة أحياء جبلة التي شهدت انتفاضة فيها، ويحرمها من المساعدات والخدمات.
وبعد كارثة زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، رسّخ النظام التمييز في إيصال المساعدات الإنسانية، والتجاهل الخدمي، وهذا ما يؤكده الناشط الإعلامي حسام الجبلاوي لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "بالنسبة للمساعدات هناك شكاوى كثيرة من السكان بالتمييز خلال عملية التوزيع، والسبب يعود لكون قسم كبير من المساعدات تتم سرقته ويباع في الأسواق، وحتى التي تصل إلى الأهالي غالباً ما تكون منتهية الصلاحية، كما أنّ الواقع الخدمي في جبلة سيئ جداً، سيارات القمامة قليلة والمياه خلال الصيف شبه مقطوعة، وخدمات البلدية ضعيفة للغاية، والنظام يبرر ما يحدث بكونه مرتبطاً بكارثة الزلزال، لكنها في الأصل متهالكة منذ سنوات بسبب عدم الصيانة وقلة الموارد".
ويضيف الجبلاوي: "الفساد يكون أيضاً من المخاتير (المسؤولون المحليون) الذين يجهزون قوائم اسمية للمساعدات ويعتمدون بالدرجة الأولى على الولاء للنظام، كما يسجلون أسماء غير المتضررين من الزلزال، وفي الشق الثاني هناك البعد الطائفي في مناطق الريف الشمالي وأغلبها قرى معارضة، فهي متضررة من الزلزال لكن لم يتم توجيه قوافل الإغاثة لها".
الأربعيني فادي الذي فضّل عدم ذكر اسمه الكامل لدواع أمنية، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الخدمي سيئ للغاية في المدينة، وهناك حرمان من المساعدات على خلفية انتماء العائلة بالدرجة الأولى وما إذا كان فيها أفراد معارضون للنظام".
ويتابع "حتى الوقت الحالي من أصل 8 أبنية مهدمة بالكامل في جبلة بسبب الزلزال، أزيل قسم من الأنقاض فقط، وهناك أبنية مهدمة جزئياً لم يتم التعامل معها، وخلال لجوء الأهالي للحدائق والأماكن العامة بعد الزلزال، وفي الوقت الحالي، تراكمت النفايات مسببة مشاكل صحية وبيئية والبلديات تتجاهل القيام بخطوات حقيقية".
بدوره يوضح خضر السوري لـ"العربي الجديد"، أنّ المساعدات الإنسانية التي من المفترض أن يحصل عليها الأهالي في مدينة جبلة والتي تكفي الجميع، تباع على البسطات وفي محال المدينة التجارية، ويقول: "لم نحصل على أي مساعدات منذ وقوع الزلزال والوضع في المدينة من سيئ إلى أسوأ".
يشار إلى أنّ مدينة جبلة تعد من أوائل المدن التي شاركت في التظاهرات الشعبية لإسقاط النظام السوري عام 2011، وأكثرها تعرضاً للقمع لكونها تعدّ معقلاً لقوات النظام، والمليشيات والأنصار الموالين له. وفي إحصاءات العام 2009، كان عدد سكان المدينة 160 ألفاً، ويصبح 250 ألفاً عند احتساب سكان الريف معها.