تمديد "كوب 27" في شرم الشيخ إلى السبت.. من أجل المناخ

18 نوفمبر 2022
هل يخرج أطراف "كوب 27" باتّفاق منصف غداً؟ (محمد عابد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

في ما يُعَدّ آخر التصريحات من "كوب 27" حتى الساعة، صرّح الوزير المسؤول عن مكافحة تغيّر المناخ في نيوزيلندا جيمس شو، مساء اليوم الجمعة، بأنّ الموفدين إلى مؤتمر المناخ يقتربون من التوصّل إلى اتفاق بشأن قضية "الخسائر والأضرار" المناخية الشائكة، لكنّه حذّر من أنّ المحادثات قد تنهار "في اللحظة الأخيرة". أضاف أنّه في حال حدث ذلك، فسوف يكون "عاراً حقيقياً لأنّنا اقتربنا (من تحقيق نتيجة) أكثر من أيّ وقت مضى"، مذ تقدّم الاتحاد الأوروبي باقتراح "مفيد بشكل لا يصدّق".

أتى ذلك في حين كان مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) المنعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية قد مُدّد إلى يوم غد السبت، مع استمرار المفاوضات لإحراز اختراق في مسألة تمويل الدول الغنية للخسائر والأضرار اللاحقة بالدول الفقيرة، وإعادة تأكيد الأهداف المناخية الطموحة. وقد أعلن التمديد رئيس "كوب 27" سامح شكري، اليوم الجمعة، وقال في خلال جلسة عامة أمام المندوبين "ما زلت أشعر بالقلق إزاء عدد المسائل العالقة، ولا سيّما المسائل المالية وتخفيف المخاطر (خفض انبعاثات غازات الدفيئة) والخسائر والأضرار" الناجمة عن تغيّر المناخ. ودعا شكري الأطراف إلى تكثيف الجهود و"العمل معاً لحلّ هذه المسائل المتبقية بأسرع وقت ممكن". وشدّد: "اليوم، نحن في حاجة إلى تسريع الوتيرة مرّة أخرى. الوقت ليس في صالحنا".

أضاف شكري: "أنا مصمّم على إنجاز المؤتمر غداً السبت"، في وقت كان من المفترض أن تُختتم أعماله اليوم الجمعة في الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بحسب الجدول. يُذكر أنّ أعمال المؤتمر الذي انطلق في السادس من هذا الشهر، تتعثّر حول المسائل نفسها.  لكنّه، بحسب ما يبدو، فإنّ مخرجاً يرتسم بالنسبة إلى ملفّ واحد على الأقلّ ويتعلق بقضية "الخسائر والأضرار" أكثر المسائل الشائكة في "كوب 27".
 

وشهد عام 2022 كوارث عدّة مرتبطة بتغيّر المناخ، من فيضانات وموجات جفاف تؤثّر في المحاصيل وحرائق واسعة النطاق. وتتحفّظ الدول الغنية منذ سنوات عن فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل هذه الأضرار، إلا أنّ الاتحاد الأوروبي عرض اقتراحاً بهذا الشأن في وقت متأخّر من يوم أمس الخميس. فقد أكد الاتحاد في خلال جلسة عامة أنّه مستعد لإنشاء "صندوق استجابة للخسائر والأضرار"، على أن يُموَّل من قبل "قاعدة واسعة من المانحين"، أي من دول تملك قدرة مالية على المساهمة، في إشارة إلى الصين حليفة الدول النامية في هذا الملف. وشدّد الاتحاد على ضرورة أن تستفيد منه "الدول الضعيفة جداً" فقط. وفي الوقت ذاته، طالب الأوروبيون المدعومون من مجموعات أخرى، بالتزامات قوية بشأن خفض انبعاثات غازات الدفيئة بهدف الحدّ من الاحترار.

وفي وقت متأخّر من يوم أمس الخميس، عُرضت مسوّدة قرار حول الخسائر والأضرار تضمّنت خيارات عدّة أحدها شبيه جداً بالعرض الأوروبي. وقالت وزيرة تغيّر المناخ الباكستانية شيري رحمن باسم مجموعة 77+الصين التي ترأسها بلادها إنّ هذا الخيار مقبول "مع تعديلات قليلة اقترحناها".

وتبقى معرفة موقف الولايات المتحدة الأميركية أكبر قوة اقتصادية وثاني ملوّث في العالم، والتي كانت تعارض حتى الآن إنشاء صندوق منفصل في إطار التعويضات. وقد رفض متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق، مشدّداً على أن المفاوضات متواصلة. كذلك، لم تصدر الصين أكبر ملوّث في العالم وثاني قوّة اقتصادية فيه، موقفاً في هذا الشأن.

في هذا الإطار، قالت ريتشيل كليتوس كبيرة خبراء الاقتصاد في منظمة "يونيون أوف كونسيرند ساينتيستس" الأميركية غير الحكومية: "دقّت ساعة الحقيقة. في إمكان الولايات المتحدة الأميركية والصين حلحلة هذا الملف في الساعات الأربع والعشرين المقبلة".

وأكّد نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس، صباح اليوم الجمعة، أنّ "هذا عرضنا النهائي. في أيّ مفاوضات إذا قمت بخطوة إلى الأمام ولم يتحرّك الطرف الآخر أيضاً، فإنّ العرض ينتهي بعد ذلك". من جهته، صرّح وزير البيئة الكندي ستيفن غيلبو أمام صحافيين بأنّ الدول "اقتربت من اتفاق"، إلا أنّ "التمويل يجب أن يأتي أيضاً من دول لها انبعاثات كثيرة".

وتجرى المفاوضات المالية في جوّ من التشكيك الكبير، إذ لم تفِ الدول الغنية بالتزام قطعته في عام 2009 بزيادة التمويل للدول النامية بهدف التكيّف مع تغيّر المناخ وتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، إلى 100 مليار دولار أميركي ابتداءً من عام 2020.

ونشرت الرئاسة المصرية لمؤتمر "كوب 27"، صباح اليوم الجمعة، مسوّدة وثيقة نهائية. وتعيد هذه المسوّدة الجديدة تأكيد العزم على "مواصلة الجهود لحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية"، في إشارة واضحة إلى أهداف اتفاق باريس للمناخ (2015). فقد نصّ اتفاق باريس للمناخ الذي يشكّل الحجر الأساس في مكافحة تغيّر المناخ، على هدف حصر الاحترار دون درجتَين مئويتَين وإن أمكن بحدود 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وفي حين أنّ كلّ عُشر من درجة مئوية يؤدّي إلى كوارث مناخية كثيرة، تعهّد الموقّعون على اتفاق العام الماضي في مؤتمر "كوب 26" الذي عُقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، بإبقاء أكثر أهداف اتفاق باريس طموحاً "حيّة". لكنّ الالتزامات الحالية للدول المختلفة لا تسمح بتاتاً بتحقيق هذا الهدف. وتفيد الأمم المتحدة بأنّها تسمح بأفضل الأحوال بحصر الاحترار بـ2.4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي.

وعلى صعيد الطاقة، أعادت المسوّدة التأكيد على ضرورة خفض استخدام الفحم إذا لم يترافق مع أنظمة لالتقاط الكربون والدعم "غير المجدي" للطاقة الأحفورية، من دون أن تشير صراحة إلى تخفيض استخدام النفط والغاز كما كانت ترغب بعض الدول. لكنّها شدّدت على ضرورة "تسريع" اعتماد الطاقة المتجددة وهو ما يُعَدّ عنصراً جديداً.

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون