- التلاميذ يتبعون استراتيجيات متنوعة للمراجعة تشمل الدراسة الجماعية بإشراف أساتذة متطوعين في المكتبات العامة واللجوء إلى المراكز التعليمية الخاصة لتدارك التأخر في المواد الدراسية.
- التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في استعدادات التلاميذ، حيث يستفيدون من الدروس التعليمية المجانية على الإنترنت ومنصات مثل يوتيوب لمراجعة الدروس وحل امتحانات السنوات السابقة، مع التأكيد على أهمية التعاون بين المدرسة والأسرة.
بدأ آلاف التلاميذ المقبلين على امتحانات شهادة البكالوريا بشعبها المختلفة (علوم تجريبية، تقني رياضي، رياضيات، تسيير واقتصاد، لغات أجنبية، آداب وفلسفة) في الجزائر، الاستعداد لهذا الاستحقاق المهم الذي يبدأ الشهر المقبل في يوم الأحد الموافق لـ 9 يونيو/ حزيران المقبل ويستمر حتى يوم الخميس الموافق لـ 13 منه، من خلال مراجعة الدروس بكثافة. وعادة ما تُشغل هذه الفترة جميع أفراد العائلة الذين يسعون إلى تهيئة أجواء مناسبة لأبنائهم للدراسة في البيوت؛ فهذه الاختبارات تعد الأهم في مسار التلاميذ الدراسي كونها تؤهلهم لبدء حياتهم الجامعية.
يختار بعض التلاميذ الدراسة ضمن مجموعات من خلال لقاءات دورية مرتين في الأسبوع يومي الجمعة والسبت، أو الثلاثاء والسبت، في المكتبات العامة الرئيسية التابعة للبلديات أو الولايات والموجودة في مختلف مناطق الجزائر. وجهزت المكتبات العامة التابعة للحكومة مساحات للتلاميذ، وخصوصاً الذين يستعدون لتقديم امتحانات البكالوريا منهم، لمراجعة الدروس خلال فترة بعد الظهر، وذلك من الساعة الخامسة مساء وحتى الساعة العاشرة ليلاً، بإشراف أساتذة متطوعين.
في مكتبة الشيخ البشير الإبراهيمي في ولاية الأغواط جنوبي البلاد، تطوعت أستاذة الرياضيات سعيدة ولغيس لمراجعة الدروس للتلاميذ مرتين في الأسبوع. وتقول لـ "العربي الجديد" إنها تقوم بهذه المهمة منذ ثلاث سنوات، لافتة إلى أن ابنتها أيضاً تستعد للامتحانات. لذلك، تنتهز الفرصة لمساعدتها ومجموعة من زملائها في الثانوية. تضيف أن هذه المرحلة مهمة في حياة التلاميذ المقبلين على امتحانات البكالوريا، بل هي فترة "الذروة القصوى" للمراجعة، ويفضل البعض القيام بها بشكل جماعي كون هذه الطريقة "تحفزهم للاستمرار في المراجعة والتخلص من الروتين والقلق والخوف أيضاً".
في المقابل، يختار بعض التلاميذ الالتحاق بالمراكز التعليمية الخاصة علماً أن كلفة الساعة الواحدة هي 500 دينار جزائري (حوالى 3 دولارات أميركية)، مع الإشارة إلى أن الدروس الخصوصية الخاصة بالبكالوريا تحولت إلى ظاهرة في البلاد خلال السنوات الأخيرة. ويقول الأستاذ معاذ محمودي من مؤسسة النجاح في منطقة أولاد فايت، إن مثل هذه الدروس تلقى اهتماماً كبيراً من التلاميذ، ويكون الإقبال عليها مكثفاً وخصوصاً خلال شهر مايو/ أيار الجاري، إذ يحاول البعض تدارك التأخّر في بعض الدروس. وهنا تكون المراجعة الجماعية ضرورة بالنسبة إليهم بإشراف أساتذة من مختلف التخصصات والذين يتمتعون بالخبرة اللازمة.
وفي ما يتعلق بالتحضير لبرنامج المراجعة المكثف، يقول محمودي لـ "العربي الجديد" إنه يبدأ التحضير له قبل أسابيع من موعد الامتحانات، فضلاً عن تنظيم ورشات تطبيقية خاصة بالمجموعات التي تهتم بمراجعة وحل تمارين امتحانات دورات البكالوريا السابقة، بالإضافة إلى تقديم دروس مرة في الأسبوع حول كيفية قراءة الأسئلة والتعامل مع الأجوبة مع التركيز على الاستعداد النفسي بإشراف مختصين في علم النفس التربوي.
إلى ذلك، يعتمد البعض على متابعة الدروس التعليمية على منصات خاصة على الإنترنت. وتنتشر الكثير من الفيديوهات التي تقدّم دروساً مجانية للتلاميذ وتساعدهم في المراجعة اليومية. وتقول التلميذة إكرام بوناموس لـ "العربي الجديد" إن "تخصصها العلمي يجعلها تتابع يومياً الدروس المجانية عبر الإنترنت. ومنذ بداية العام الدراسي وهي تتابع الفيديوهات التعليمية. لكن منذ بداية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، صارت المتابعة مكثفة"، لافتة إلى أنها ضاعفت جهدها في البحث على موقع يوتيوب لاختيار الأساتذة الأكثر إفادة بالنسبة إليها. وتقول إنها "تحاول فهم الدروس والكلمات المفتاحية وحل امتحانات السنوات السابقة مع التقيد بالوقت الممنوح لها".
ويمكن لتلاميذ العلوم الإنسانية واللغات أيضاً المراجعة من خلال الفيديوهات التعليمية على يوتيوب. ويقول التلميذ وليد بلمعلم لـ "العربي الجديد" إنه بدأ حفظ المواد بحسب الرزنامة المدرسية، ويحرض على حفظ تواريخ ومعلومات عن بعض الشخصيات التاريخية والفلاسفة ومواقفهم وحججهم.
من جهتها، تقول أستاذة العلوم الطبيعية في ثانوية عميرة آريس في ولاية ميلة شرقي البلاد، كريمة بلكربي، إن المتابعة المستمرة من قبل التربويين والمتخصصين الاجتماعيين للتلاميذ المقبلين على امتحانات شهادة البكالوريا، تصنع فرقاً في توجيههم إلى كيفية التحضير الجيد للامتحان بحسب قدراتهم، وترفع من معنوياتهم وتبعث الثقة في نفوسهم. وتطالب بضرورة التعاون بين المدرسة والأسرة لتوفير الظروف المناسبة للمراجعة والتخفيف من شدة القلق، فضلاً عن ضرورة اهتمام إدارة المدرسة بمساعدة ودعم التلاميذ الأكثر قلقاً قبل الامتحان وبعده.