استمع إلى الملخص
- تسربت المياه إلى المنازل، مما أدى إلى نزوح بعض السكان، بينما لم تصدر الحكومة قرارات لمواجهة التغيرات المناخية، واستمرت الحياة معطلة في أجدابيا.
- تسببت الفيضانات في وفاة خمسة أشخاص وأثارت مخاوف من انهيار السدود، ودعا الأكاديمي سليمان الزحاف لاتخاذ إجراءات لمواجهة التغير المناخي وصيانة السدود.
أعلنت بلدية مدينة أجدابيا، شمال شرقي ليبيا، تعليق الدراسة والأعمال في المرافق الحكومية مدة أربعة أيام بعد أن تسببت موجة الأمطار الغزيرة التي ضربتها في مطلع الأسبوع الحالي في إغلاق الطرق، وغرق بعض المدارس والمرافق العامة، ونشرت أجهزة الطوارئ والدعم فرقاً لإنقاذ العشرات من الأسر العالقة داخل منازلها، كما هرع مواطنون للمشاركة في حملات الإنقاذ بواسطة سيارات الدفع الرباعي، ما ساهم في تقليل أضرار الأمطار.
وأظهرت مقاطع مصورة تناقلها رواد وسائل التواصل الاجتماعي تسرب المياه إلى داخل منازل المواطنين الذين نزح بعضهم من منازلهم، في حين لم يصدر أي قرار عن وزارات حكومة مجلس النواب بعد أسابيع من تصريحات مسؤوليها بشأن الاستعدادات لمواجهة مختلف التغيرات المناخية، بما فيها موجة الطقس البارد والأمطار الغزيرة.
ومن أجدابيا، يؤكد وائل المغربي أن مظاهر الحياة لا تزال غائبة في أغلب أحياء المدينة، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "بعض المدارس لا يزال مقفلاً أمام الطلاب، في الوقت الذي بدأ فيه نازحون إعادة تأهيل منازلهم للعودة إليها".
وشملت موجة الأمطار الغزيرة عدداً من مدن الساحل الشمالي الليبي، لكن أكثرها كثافة كانت في مدن سرت ومصراتة وترهونة وبني وليد، إضافة إلى غريان والزاوية ومناطق أخرى في الغرب، وفي الشرق، كانت أجدابيا وأحياء شرق بنغازي من بين أكثر المناطق التي شهدت هطولاً غزيراً للأمطار.
وعاش سكان جنوب شرق العاصمة طرابلس قلقاً على مدار يومين عقب تحذيرات نشرات المركز الوطني للأرصاد الجوية من إمكانية أن تؤدي الأمطار الغزيرة إلى جريان الأودية، لا سيما أن تلك المناطق توجد على نطاق تأثير وادي المجينين، أكبر أودية جنوب شرق طرابلس.
ورغم أن سيارات الدورية التابعة لوزارة الداخلية كانت تجوب مسار الوادي، إلا أن المواطن يوسف الزطريني يؤكد أن القلق كان ظاهراً على سكان منطقته "مشروع الهضبة" والمناطق المجاورة لها، التي تقع في طريق مياه الوادي، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "حادث انهيار سد وادي درنة في عام 2023 زاد من مخاوف السكان الذين يعيشون بالقرب من الأودية وسدودها، خصوصاً تلك التي تعود إلى الفترة نفسها التي بني فيه سد درنة. بعض الأودية لا يضم سدوداً تحجز مياهها عن المناطق الآهلة بالسكان، وخلال موجات أمطار عدة سابقة، غرقت أحياء وسط مدينة ترهونة الواقعة إلى الشرق من طرابلس، وتضررت أغلب مرافقها، بما فيها المستشفى العام وبعض المدارس".
وفي مطلع الأسبوع الحالي، أعلنت بلديات شرق طرابلس ومصراتة وسرت وترهونة وأجدابيا تعليق الدراسة بسبب إغلاق مياه الأمطار الطرقات الرئيسية. وفيما كانت نشرات البلديات والحكومتين في طرابلس وبنغازي تؤكد أن سبب تعليق الدراسة هو سلامة الطلاب، حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات تطالب السلطات بالإقرار بأن السبب هو انهيار البنية التحتية، مؤكدين أن الأمطار فضحت مشاريع الإعمار والبناء التي تبين أنها مجرد محاولات صيانة عابرة، أو بناء بمواصفات فنية متردية.
وتسببت الفيضانات التي شهدتها البلاد قبل أسبوعين بوفاة خمسة أشخاص غرقاً في مياه الأدوية، من بينهم ثلاثة أشقاء، إضافة إلى عنصرين من عناصر أجهزة الإنقاذ والطوارئ، بحسب بيان حكومي.
ووفقاً لتوقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية، ستشهد ليبيا مطلع الأسبوع المقبل موجة جديدة من الأمطار الغزيرة ضمن منخفض جوي.
ويعبر الأكاديمي المهتم بالدراسات المناخية سليمان الزحاف عن قلقه حيال التغير المناخي الذي شهدته البلاد خلال السنتين الماضيتين، مؤكداً ضرورة قيام السلطات في الحكومتين بمسؤولياتها حيال هذه التغيرات، وضرورة الاستعداد للمخاطر المحتملة من زاوية دراسة أسباب التغير المناخي، وطرق التعايش معه، وحماية المدنيين.
ويوضح الزحاف لـ"العربي الجديد" أنه "لم يعد مقبولاً الاكتفاء بنشر فرق الإنقاذ للتعامل مع الحدث كأنه عابر أو مؤقت. لم يعد ممكناً توقع كميات الأمطار في ظل التغير المناخي الذي يشهده العالم، ومن الضروري إجراء صيانة ودعم للسدود، وتفريغ كل مسارات الأودية من سكانها إلى حين انتهاء فصل الشتاء. مثل هذه المعالجات قد تكون قاسية على السكان، لكنها بالغة الضرورة، فضلاً عن أهمية دعم البنية التحتية في المدن لتلافي مخاطر غرق الأحياء، وتكرر ما عشناه من مآس خلال الأسابيع الماضية".