تكافل اجتماعي في مخيم عين الحلوة خلال رمضان
تنتظر العديد من العائلات الفلسطينية شهر رمضان للحصول على المساعدات، منها وجبة الإفطار، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وغلاء الأسعار وغيرها من المشاكل التي فاقمت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، تعمل جمعية الفرقان للعمل الخيري، ومن خلال مطبخ الوفاء الخيري، على إعداد الوجبات للعائلات المحتاجة في المخيم منذ خمس سنوات. ولتحديد العائلات الأكثر حاجة، تستند إلى استبيان أعدته لجان الأحياء في المخيم. ويقول المدير التنفيذي للجمعية رمضان محمد، وهو من سكان المخيم: "تأسس المطبخ منذ خمس سنوات، ويهتم بإعداد وجبات ساخنة يومياً في شهر رمضان، بالإضافة إلى الفترات التي تشهد أزمات، على غرار أزمة تفشي فيروس كورونا الجديد، وتوزيعها على الفقراء في مخيم عين الحلوة"، ويشير إلى أن الأسر المستهدفة هي الأكثر حاجة، موضحاً أن حوالي 90 في المائة من أهالي المخيم يحتاجون إلى مساعدة، ويتم ذلك بالتعاون مع لجان الأحياء في المخيم.
ويشير إلى أن "المخيم مقسم إلى 32 حيّاً. يومياً، نتصل بحيّ أو ثلاثة أحياء بحسب عدد القاطنين فيها، ونرسل الوجبات لهم، وتتولى اللجان في الحي توزيع الوجبات. نوزع 200 وجبة للعائلات يومياً بالإضافة إلى التمر. وفي الوقت الحالي، نوزع البصل والبطاطس مع الوجبات".
يضيف أن تأمين هذه الوجبات يتم من خلال متبرعين في الخارج ولبنان. "بداية، نطلع المتبرعين على المشروع، فيرسلون إلينا ما نحتاجه من مال لتأمين الوجبات ومواد عينية، كالأرز والبهارات وغيرها"، لافتاً إلى أن مبادرة رمضان هي مبادرة عبادة وعطاء، يتابع: "بالإضافة إلى تقديم الوجبات الساخنة، نقدم الخضار والبطاطس والزيت والألبان والأجبان والبيض، ونسعى إلى أن تشمل هذه المساعدات جميع الناس"، كما يلفت إلى وجود مشروع لشراء ثياب العيد للأطفال والمال للعائلات المحتاجة.
يتابع محمد: "قبل حلول شهر رمضان، عقدت المؤسّسات، وعددها ثمان، اجتماعاً مشتركاً في المخيم، لتحديد العائلات الأكثر حاجة وتقسيمها بين المؤسسات. وحتّى اليوم، وزعنا 2400 طرد غذائي في أكثر من مؤسسة. وبالنسبة للتوزيع، قرّرنا استثناء الأشخاص الذين يتقاضون رواتب من منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا)".
من جهتها، تقول ليلى، وهي من قرية الرأس الأحمر الفلسطينية الصغيرة (إحدى قرى محافظة طوباس، شمال الضفة الغربية، وتقع ضمن منطقة ج)، وتقيم في مخيم عين الحلوة، وتدرس التمريض وهي متطوعة في المطبخ: "تطوعت مع عدد من الشبان والشابات في هذه المبادرة، ونعمل على تجهيز المواد الغذائية وتوزيعها على المحتاجين".
تتابع: "غالبية الناس في المخيم يعانون في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وليس لديهم ما يكفي من طعام بعدما ارتفعت أسعار الخضار والفاكهة واللحوم والدجاج. لذلك، هناك ضرورة لمثل هذه المبادرات التي تعمل على مد يد العون لتلك العائلات التي لا تستطيع تأمين قوت يومها"، وترى أنه في الوقت الحالي زادت أهمية مثل هذه المبادرات، "وخصوصاً أن بعض الأطفال لا يأكلون الأطعمة التي يحتاجون إليها للنمو. حتى الكبار لا يتناولون وجبات صحية ومغذية"، تتابع: "من يستطيع تقديم المساعدة المادية فليسرع، لأن الناس في حاجة إلى تلك المساعدات"، وعن تطوعها في العمل الخيري، تقول: "يجب على كل شخص التطوع في مثل هذه الأعمال التي تعزّز الثقة في النفس، كما أن العمل التطوعي ومساعدة الصائمين يشعرني بالارتياح"، داعية الشباب إلى التطوع.
أما يوسف محمد كنعان، وهو من حيفا (من أكبر وأهم مدن فلسطين التاريخية)، ويقيم في مخيم عين الحلوة، وكان يعمل سابقاً في ورش البناء، فيقول إنه اختار العمل التطوعي بعد تقاعده، الأمر الذي أعاد إليه الشعور بأنه شاب، يضيف: "تطوعت في المبادرة منذ تأسيسها، أي منذ خمس سنوات، وأتولى وضع الطعام في العلب المخصصة لها بالإضافة إلى أمور أخرى".
يتابع: "في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها اليوم، والتي لم نشهد مثيلاً لها، يجب أن يكون هناك تكافل اجتماعي. كما يجب على الجيران والأهل أن يتفقدوا بعضهم بعضاً لأن أوضاع الناس تزيد صعوبة وباتوا لا يستطيعون شراء بعض الخضار الأساسية التي كانت تعد رخيصة قبل وقت ليس ببعيد. لذلك، أشجع هذه المبادرات، وأدعو المقتدرين إلى التبرع".