تقليصات "أونروا" تمنع أطفال "محاريم غزة" من التعليم

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
01 سبتمبر 2021
تقليصات "أونروا" تحرم أطفال "محاريم غزة" من التعليم
+ الخط -

لم يتمكن الطفل الفلسطيني محمد عاشور (6 سنوات) من الالتحاق بالصف الأول الابتدائي مثل أقرانه، بعد إخبار ذويه بأنه لن يتم تسجيله في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، وفقًا لإجراءات جديدة متعلقة بالفئة التي يطلق عليها محليا "المحاريم".

ليس محمد الطفل الوحيد الذي لم يتمكن من التسجيل في مدارس "أونروا"، بل كان مثله العديد من الأطفال الذين سجلت أمهاتهم في كشوف اللاجئين، على الرغم من تسجيل أشقائهم في المدارس التابعة للوكالة، ومعاملتهم معاملة اللاجئين.

ويُطلق مسمى "محاريم غزة" على الأسر الفلسطينية التي تستفيد من خدمات "أونروا"، والذين أدرجتها الوكالة تحت وصف "فقراء"، وكانت تستفيد من الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية من دون تسجيلها رسمياً، باستثناء ختم الوكالة الذي كان يوضع على ظهر شهادة ميلاد الأطفال، ويقضي بالاستفادة من تلك الخدمات، إلى أن تم مؤخراً منع الختم، وبالتالي حرمان الأجيال الجديدة من الاستفادة من خدمات الوكالة.

ويرى المُختصون أن تلك الإجراءات تندرج ضمن "تقليصات" الوكالة الأممية، والتي تم بموجبها رفض تسجيل بعض الأطفال في المدارس على الرغم من تسجيلهم في بطاقة التموين، ويتم بموجب الإجراءات الجديدة، اعتبارهم مواطنين، ما يعني استفادة الأم فقط من بطاقة التموين، فيما تنذر تلك الإجراءات بعدم الاستفادة من المساعدات الغذائية، علاوة على التفرقة بين الأشقاء، إذ يستفيد البعض، بينما لن يستفيد البعض الآخر.

وتقول أمل الدهشان، والدة الطفل محمد عاشور، إنها تُصنف وفقًا لتسمية الوكالة ضمن "محاريم غزة"، وكانت تستفيد من مختلف الخدمات هي وأولادها من دون أن يتم تسجيلهم رسميًا في بطاقة التموين الخاصة بها، لكنها واجهت مؤخرًا عدة مشاكل، وتضيف: "لدي ثلاثة أبناء، وتم تسجيل ابني أنس وابنتي نسمة في مدارس الوكالة، إلا أنني فوجئت تسجيل ابني الأصغر محمد، على اعتبار أنني من المحاريم، إلى جانب أنني متزوجة من مواطن غير لاجئ، فيما ما زال أشقائي الرجال المُصنفون على نفس البند يستفيدون من خدمات الوكالة".

وتبين الدهشان لـ"العربي الجديد" أنها تعرضت مع أسرتها لتقليص العديد من الخدمات السابقة، سواء الخدمات التعليمية، أو الإغاثية، أو الصحية، وتصف ذلك قائلة: "اضطررنا لتسجيل محمد في مدرسة تابعة للحكومة على الرغم من بعدها الجغرافي، إلى جانب تفرقته عن أشقائه، وقد خلف ذلك أثرًا نفسيًا سيئًا لديه".

الفلسطينية صفاء عياد، مصنفة في الوكالة ضمن "المحاريم"، وكانت تعامل مع أطفالها معاملة اللاجئين، وتم تسجيل أربعة من أبنائها في مدارس تابعة لـ"أونروا"، إلا أنها لم تتمكن من وضع ختم الوكالة على شهادة ميلاد ابنها الأصغر "زياد"، ما يعني أنه لن يتمكن من الالتحاق بمدارس الوكالة كبقية إخوته، ولن يتمكن من الحصول على أي من خدمات الوكالة الإغاثية، أو الصحية.

وتبين عياد لـ"العربي الجديد" أن "قضية التقليصات لم تأت دفعة واحدة، وإنما مرت بأربعة مراحل، تم في المرحلة الأولى ختم شهادة ميلاد ابني عمر بالختم الرسمي، وفي المرحلة الثانية تم وضع ختم جانبي في شهادتي ميلاد علاء وعامر، ثم تم رفض ختم شهادة ميلاد ابني عاصم في المرحلة الثالثة، ولكن تم معاملته معاملة اللاجئين، وتسجيله بمدارس الوكالة، أما ابني الأصغر زياد فقد تم رفض ختم شهادة ميلاده، ورفض استفادته حتى من خدمات التطعيم، ولن يتمكن من الحصول على أي من خدمات الوكالة".

ويؤكد الباحث في شئون اللاجئين، سمير أبو مدللة، على أن مهمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، هي تقديم الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية لحاملي "كارت التموين"، موضحًا "توجه الوكالة منذ سنوات إلى تقليصات في عدة مجالات، وفي مقدمتها الصحة والتعليم. ما حدث مؤخرًا مع فئة (محاريم غزة) أمر مستهجن بسبب تأثيره على شريحة واسعة من أفراد الشعب الفلسطيني، وعلى الخدمات المُقدمة لنحو 250 ألف طفل فلسطيني، ومنها التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم، ما يُنذر بمزيد من التدهور".

وتتسق تلك الخطوات وفق قول أبو مدللة لـ"العربي الجديد"، مع الطرح الأميركي الذي يقضي بضرورة استفادة الصف الأول من اللاجئين من خدمات الوكالة، وحرمان الأجيال الجديدة، ويؤكد على أن هذه الخطوة تؤثر على الوضع الصحي والتعليمي، علاوة على أثرها النفسي على الأطفال.

ولم يتلق "العربي الجديد" أي رد من قبل إدارة "الأونروا" في قطاع غزة، على التساؤلات الموثقة بالشهادات، على الرغم من طلب الأسئلة كتابيًا لعرضها على الإدارة، ومن ثم طلب مهلة لمدة أسبوع للإجابة على الأسئلة، وذلك لعدم وجود رد من مكتب المفوض العام للوكالة فيما يتعلق بقضية "محاريم غزة".

ذات صلة

الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.
الصورة
واجهة زجاجية مهشمة في إحدى غرف مستشفى بيروت الحكومي (حسين بيضون)

مجتمع

تواجه المستشفيات في لبنان تهديدات إسرائيلية تذكر اللبنانيين بما شهدوه في قطاع غزة على الشاشات، ويسعى المعنيون إلى مناشدة المسؤولين الدوليين لتحييدها
الصورة
جنود إسرائيليون يقومون بدورية على طريق رفح في قطاع غزة، 13 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير طويل إن تكتكيات حرب العصابات التي تنتهجها حركة حماس  في شمال غزة يجعل من الصعب هزيمتها.
المساهمون