قالت منظمة "كوميتي فور جستس" إنّ قوائم الإرهاب في مصر تطول لتشمل 4625 فرداً، و8 كيانات في مجريات 61 قضية.
وأوضحت المنظمة في تقريرها السنوي الذي أعده فريق "مراقبة المحاكمات العادلة"، والذي حمل عنوان "إدانة بلا محاكمة: قوائم الإرهاب في مصر"، أنّ تشريعات مكافحة الإرهاب انتشرت في مصر عقب أحداث 2013، غير أنّ التوسّع المستمر في تعريفات الإرهاب والكيان والفعل الإرهابي لم يزل ضمن أبرز الأدوات التي شرعت بها السلطات المصرية للزجّ بآلاف الأشخاص داخل السجون لسنوات طوال، دون اتهام أو محاكمة.
وذكرت المنظمة في تقريرها أنّ السلطات المصرية توسّعت في تعريف الإرهاب والكيانات الإرهابية وتمويلها في قوانينها. ففي تعريفها للكيان الإرهابي تمدّدت من التنظيم القانوني إلى الفعلي، ليشمل الجمعيات والمنظمات والجماعات والعصابات والخلايا وصولاً إلى الشركات والاتحادات، ثم فتح المجال لكافة التجمعات المحتملة في النطاق المحلي والعالمي، وكذلك في تعريف "تمويل الإرهاب"، شمل القانون تقديم آخرين لـ"أي وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم أو التمويل أو السفر مع العلم بذلك ولو لم يكن لها صلة مباشرة بالعمل الإرهابي"، وفي ماهية "الأموال" المستخدمة في تمويل الإرهاب، توسّع القانون ليزيد مخاطر تطبيق تلك النصوص، ويشرّع استيلاء السلطة على مقدرات الأفراد والمجتمع، لا سيما الحقوق الاقتصادية والمالية للأفراد والمجتمعات.
وأضاف التقرير أنّ القانون لا يبقي للمتهم أو الكيان محلّ الإدراج بقوائم الإرهاب بعد صدور الحكم سوى الطعن خلال 60 يوماً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، غير أنّ الطعن نفسه لا يستند إلى حيثيات الحكم أو القرار.
وأكّد التقرير أنّ الخصومة السياسية بين النظام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين أدّت إلى تجاوز الأعراف والأطر القانونية الدولية لتعريف الإرهاب فضلاً عن مبادئ المشروعية والعدالة والمسؤولية الجنائية، وسرعان ما امتدت لخصومة موطأة مع قطاعات واسعة من المجتمع باعتبارها قد تدعم أفكار أو أنشطة المعارضة، بينما لم تصدر قرارات أخرى بالإدراج في عام 2019.
وجاء العامان 2020 و2021 ليبرز فيهما نسبياً نشاط التيارات السياسية المختلفة عن جماعة الإخوان المسلمين بالتزامن مع محطات سياسية هامة، مثل الانتخابات الرئاسية لعام 2018، والتعديلات الدستورية لعام 2019، وأخيراً تظاهرات سبتمبر/أيلول 2019، التي اتسمت بمشاركات هائلة من مواطنين غير مسيّسين أو بعيدين عن نشاط جماعات الإسلاميين، ما دعا النظام المصري إلى أن يوجّه دفة الملاحقة والتنكيل بقوائم "الإرهاب" إلى ممثّلي تلك التيارات، والتي كان من ضمن رموزها التي أدرجت على قوائم الإرهاب: الناشط الحقوقي البارز علاء عبد الفتاح، والسياسي زياد العليمي، والمحامي والمدافع عن حقوق الإنسان محمد الباقر.
كما أوضح التقرير النتائج المترتبة على الإدراج على قوائم الإرهاب، والتي من ضمنها: مصادرة الأموال وسحب جواز السفر أو إلغاؤه، وفقدان شرط حسن السمعة اللازم لتولي الوظائف العامة أو النيابية أو المحلية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنّ تشريعات مكافحة الإرهاب واحدة من أهم أدوات السلطة المصرية في انتهاك حريات وحقوق الأفراد السياسية والمدنية والاقتصادية، لا سيما الحق في التعبير وتكوين الاجتماعات والتملك والتظاهر والمشاركة الديمقراطية.
وأوصت "كوميتي فور جستس" في ختام تقريرها، بتحديد نطاق "الكيان الإرهابي"، و"الفعل"، و"الفرد الإرهابي"، و"التمويل"، و"الترويج"، والمساعدة والتحضير، وغيرها من البنود التي تضمنتها حزمة قوانين مكافحة الإرهاب بما يحقق معايير الدقة والوضوح والتحديد، وتأطير الجريمة الإرهابية من حيث نتائجها والتخلي عن العبارات الفضفاضة التي تسمح بتوقيع القانون بحق "كل" و"أي معارض"، لا سيما عبارات "السلم العام" و"الأمن القومي"، وغيرها من المصطلحات التي لا تناسب تشريعاً بخطورة وجسامة تشريع مكافحة الإرهاب.
كما دعت المنظمة السلطات المصرية لتمكين الأفراد من ممارسة الحق في الدفاع المكفول بالدستور والتشريع المصري، وسن الآليات القانونية والإجرائية للاطلاع على أسباب الإدراج بقوائم الإرهاب، والمستندات التي قامت على أساسها المحكمة بالحكم بالإدراج، وحيثيات الحكم، وإتاحة فرص الدفاع وتفنيد الأدلة، وسرعة التجاوب مع هذه الإجراءات، والفصل في التظلمات أو الشكاوى لتحجيم أضرار الإدراج على الضحايا وذويهم وتعويضهم في حال ثبوت براءتهم أو دحض الأدلة المقدمة إلى المحكمة بحقهم، وتمكينهم من الحق في الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة النقض، ورفع أسماء الضحايا المدرجين تعسفياً بتلك القوائم على خلفية نشاط سياسي أو اقتصادي أو حقوقي.
وطالبت المنظمة مصر بالالتزام بمعايير الأمم المتحدة في احترام حقوق الإنسان ومبادئ المحاكمة العادلة في سياق الحرب على الإرهاب.