قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إن التغيير الذي طرأ على السياسة المصرية على مدار العام الماضي، لم يتجاوز كونه مجرد خطاب للاستهلاك الدولي قبل المحلي، وأنه لم تكن هناك لدى السلطات المصرية أي إرادة حقيقية في تغيير واقع حقوق الإنسان في مصر، أو في خلق انفراجة سياسية حقيقية وفتح المجال العام. وهو ما عبَّرت عنه مجمل السياسات والممارسات التي انتهجتها السلطات المصرية تجاه حقوق الإنسان، وبوجه خاص الحق في التعبير الحر عن الرأي.
وأكدت المؤسسة في تقريرها السنوي عن حالة حرية التعبير في مصر 2022، والذي حمل عنوان "انتهاكات تطغى على وعود الإصلاح"، أنه رغم مجهودات لجنة العفو الرئاسي منذ إعادة تفعيلها قبل سبعة أشهر، فإن خطواتها كانت شديدة البطء، وانتقائية، ويتحكم أكثر من جهاز أمني بشكل كامل في تحديد من يخرج من السجن، بينما اقتصر دور لجنة العفو على ترشيح القوائم بعد استقبال طلبات المواطنين والجهات الحقوقية.
ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي على مضامين هذا التقرير.
واعتبرت المؤسسة أن هذا التباطؤ في إنهاء ملف سجناء الرأي "كان أبرز أسباب تردد وتراجع الحركة المدنية الديمقراطية في الانفتاح على المشاركة في الحوار الوطني".
كما رصدت المؤسسة استمرار الممارسات الأمنية والقضائية في ملاحقة أصحاب الرأي والصحافيين والمبدعين، والتنكيل بالمعارضين السياسيين والتضييق على عموم المواطنين، وخصوصًا في كل ما يرتبط بحراك ما، في المجال العام سواء التقليدي أو الافتراضي.
ورأت المؤسسة أن "تلك الممارسات أدت إلى زيادة حصيلة المحبوسين والمحاكمين على ذمة قضايا رأي، بما تقدره مؤسسة حرية الفكر والتعبير بأنه تخطى بنسبة كبيرة أعداد المخلى سبيلهم أو الصادرة لهم قرارات عفو من قِبَل رئيس الجمهورية".
أضاف التقرير أنه وبعد مرور 15 شهرًا على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، "لم تلتزم السلطات المصرية، بمختلِف أجهزتها، بالتعهدات والالتزامات التي قطعتها على نفسها في الاستراتيجية"، حسب التقرير، الذي رصد على مستوى السياسات، أن البرلمان "لم يناقش بعدُ قانون الحق في الحصول على المعلومات، رغم تعهد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكذلك قانون الأحوال الشخصية، ولم يُقِر البرلمان التعديلات المنتظرة على قانون الإجراءات الجنائية في ما يتعلق بالحبس الاحتياطي. أما على سبيل الممارسة، فلم يتغير شيء على الإطلاق، فقد استمرت العقلية الأمنية نفسها بديلًا من التدخلات السياسية والحوار".
وخلص التقرير إلى أنه "مع نهاية عام 2022 ما زالت الولادة القيصرية للحوار الوطني متعثرة، حبيسة الإجراءات التحضيرية. إذ لم تتعامل السلطة بجدية مع الضمانات التي أعلنتها الحركة المدنية الديمقراطية، الكيان السياسي المعارض الأهم للنظام المصري وممثل المعارضة في الحوار الوطني، كضرورة للمشاركة في الحوار الوطني".
وعلى الجانب الآخر، أكدت المؤسسة "استمرار الحكومة المصرية في إقرار عدد مهم من السياسات العامة، بشكل منفرد وسلطوي، وبلا انتظارٍ للحوار الوطني، فيما بدا وكأنه تفريغ للحوار الوطني من أي مضمون حقيقي وجاد. كان من بينها إقرار تعديلات قانون الإجراءات الضريبية الموحد، ومناقشة قانون العمل في البرلمان بهدف إقراره، فضلًا عن السياسات المالية والمصرفية والاقتصادية الأخرى التي تم إقرارها".