تفشي الأمراض الجلدية يهدد حياة الأسرى الفلسطينيين

06 يونيو 2024
زاد الجيش الإسرائيلي حملات الاعتقال منذ السابع من أكتوبر (جعفر اشتية/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي يعانون من تفشي الأمراض الجلدية وإهمال طبي متعمد، مع حرمانهم من العلاج والرعاية الأساسية.
- الظروف المعيشية القاسية، بما في ذلك اكتظاظ الغرف ونقص المياه ووسائل التنظيف، تساهم في انتشار الأمراض بين الأسرى، مع تقييد زيارات العيادة الطبية.
- وحدة القمع (تيكر) تزيد من معاناة الأسرى بالضرب والقمع، في ظل شهادات تعكس الوضع الإنساني الخطير لنحو 9300 أسير وأسيرة، بما في ذلك المرضى المهددين بالإهمال الطبي.

تزداد معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ويواجهون اليوم تفشياً للأمراض الجلدية وسط إهمال طبي يشكل خطراً على حياتهم.

قبل نحو أسبوعين، خاض الطبيب الفلسطيني الأسير أمجد الحموري، وهو من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، الإضراب عن الطعام في سجن النقب الصحراوي بعد إصابته بمرض جلدي من دون الحصول على علاج، في ظل الإهمال الطبي، حاله حال الكثير من الأسرى الذين أصيبوا بأمراض جلدية، وهو ما بات يشكّل خطراً على حياتهم.
وتقول زوجة الأسير أمجد الحموري، أسماء الشرباتي، لـ "العربي الجديد"، إن زوجها أضرب عن الطعام احتجاجاً على رفض إدارة السجون تقديم العلاج اللازم له، هو الذي يعاني مرضاً جلدياً وحكّة أقعدته، وبات يواجه وضعاً صحياً صعباً. وطالب مرّات عدة بالسماح له بزيارة عيادة السجن، إلا أن الإدارة رفضت طلبه، ما أدّى إلى انتشار المرض الجلدي بين الأسرى بشكل كثيف. وما يزيد القلق هو عدم معرفة العائلة معلومات عنه، في ظل اعتقاله الإداري المتواصل منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتزداد الخطورة التي تمسّ حياة الأسرى في السجون الإسرائيلية، لا سيما بعد ورود شهادات من أسرى محررين عن انتشار أمراض جلدية وأخرى وبائية بين الأسرى، عدا حرمانهم من الحد الأدنى لمقومات العلاج والرعاية الطبية، وسط منع إدارة السجون المحامين من زيارتهم بشكل منتظم، أو السماح للمؤسسات الدولية والمعنية بقضايا الأسرى من اللقاء بهم.
ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدّورة فارس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظروف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا تزال صعبة، وسط مخاوف من انتشار أمراض غير معروفة في ما بينهم، ما يشكل خطراً على حياتهم". ويشير إلى تعاظم الخطر، لا سيما أن زيارات الأسرى من قبل المحامين لا تزال صعبة بحكم استمرار الاحتلال في الاعتداء بالضرب عليهم خلال خروجهم للزيارات، كما حدث في آخر زيارة للهيئة في سجن النقب قبل نحو أسبوع.
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد نشر في وقت سابق بياناً حول انتشار الأمراض الجلدية بين الأسرى. وجاء فيه: "هناك تصاعد كبير وغير مسبوق في أعداد الأسرى المصابين بأمراض جلدية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً مرض الجرب ـ السكايبوس الذي يعتبر من أخطر الأمراض الجلدية المعدية، إلى جانب إصابة الأسرى بأمراض جلدية أخرى معدية لم يتمكن الأسرى من معرفة طبيعتها".

وقبل نحو أسبوعين، أفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير عبد الباسط معطان من مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، والمصاب بمرض السرطان، وقد أفرج عنه من سجن النقب، حيث يعاني بقية الأسرى نتيجة انتشار مرض جلدي بينهم منذ نحو شهر ونصف الشهر. ولم تسمح إدارة السجون طوال الفترة الماضية لأي أسيرٍ بزيارة العيادة الطبية أو الحصول على أدنى مقومات العلاج، فيما بدأت علامات الجرب والنزيف وعدم القدرة على الحركة والمشي. 
ويعزو معطان في حديثه لـ "العربي الجديد" انتشار الأمراض الجلدية بين الأسرى، إلى حرمانهم من استخدام المياه طوال ثلاثة أشهر متواصلة بعد بدء الحرب، ثم حرمانهم من استخدام وسائل التنظيف مثل الصابون والمناشف، وتقييد استخدام المياه لمدة ساعة واحدة في اليوم من أجل الاستحمام، ومنع إدخال الملابس الشخصية الخاصة بهم. ويرتدي الأسرى منذ أشهر طويلة الملابس نفسها منذ لحظة اعتقالهم، عدا عن اكتظاظ غرف الأسر ووضع عشرة أسرى أو أكثر في غرف تتسع لأربعة فقط.
ويلفت معطان إلى أن إدارة السجن تسمح لخمسة مرضى بالخروج إلى العيادة الطبية من بين كل 100 أسير بحاجة للعلاج، كما أن معاملة الممرضين في العيادة الطبية للسجن لا تقل سوءاً عن تعامل السجّانين، هو الذي قضى 22 شهراً في الاعتقال الإداري. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، سمح له مرّة واحدة بزيارة العيادة الطبية، ولم يقدم له خلالها ما طلبه وهو دواء مسكّن، أو كأس ماءٍ مع سكر. 

وعلاوة على ذلك، لم تتوقف وحدة القمع الخاصة بسجن النقب التي تسمى (تيكر) عن قمع الأسرى وضربهم من دون مبرر. وعن تجربته مع الضرب، يقول معطان: "قبل الإفراج عني بيوم، نُقلت إلى غرفة الانتظار المعروفة بالمخلول، وضربت في مختلف أنحاء جسدي رغم علم السجانين بأنني مصاب بالسرطان، ما أدى إلى انتفاخ وتورّم عيني بشكل كبير، ثم أعادوني إلى غرفة الأسر دون تقديم العلاج وتعرضت للإغماء بعدها. وفي أعقاب الحادثة، حضر ممرض القسم الذي ردّ باستفزاز على الأسرى بأن علاج تورم العين هو أن يضع الأسير عينه على قضبان السرير الحديدية (البُرش)".
وبحسب المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بشؤون الأسرى، يبلغ أعداد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو 9300 أسير وأسيرة بينهم مئات المرضى، في ظل إهمال طبي متصاعد يهدد حياتهم.

المساهمون