تعز: مدارس ومعاهد وكليات ثكنات للجيش

24 ديسمبر 2023
مدرسة مدمرة في تعز (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -


بعد مرور ما يقرب من تسع سنوات على اندلاع الحرب في اليمن، لا تزال قيادة محور تعز، التابع للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، تحتل مدرسة سبأ الحكومية، وتتخذها مقراً لها، بالإضافة إلى مقرات حكومية أخرى ترفض الخروج منها، على الرغم من التوجيهات الصادرة بإخلائها.
ومع بدء الحرب في مدينة تعز في مارس/ آذار 2015، وتشكيل النواة الأولى للجيش الوطني، عمدت الوحدات العسكرية التابعة للجيش إلى احتلال المدارس والمعاهد الفنية ومباني الجامعات الحكومية ومقرات المكاتب التنفيذية، واتخذت منها مقرات لها تحت مبرر الظروف الاستثنائية، ووقوع بعض هذه المقرات على خط النار.
وعملت قيادة محور تعز إلى احتلال المدارس والمقرات الحكومية وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، أو إلى سجون خاصة كما هو الحال مع مدارس باكثير والنهضة، ما جعل الطلاب يبحثون عن مدارس بديلة لاستكمال دراستهم، واضطر كثيرون إلى الالتحاق بمدارس بعيدة أو مدارس خاصة رغم الرسوم الباهظة، ما زاد من حجم الأعباء على الطلاب وأولياء أمورهم.
أمين الصلوي، أحد أولياء الأمور الذين تضرروا من احتلال المدارس الحكومية من قبل وحدات الجيش، يقول لـ"العربي الجديد" إن لديه ثلاثة أبناء كانوا يدرسون في مدرسة باكثير، لكن جرت السيطرة عليها من قبل قوات الجيش، وحولت إلى سجن، "ما اضطرني لنقلهم إلى مدرسة خاصة لاستمرار تحصيلهم العلمي، رغم الرسوم الدراسية المرتفعة في المدارس الخاصة". يضيف: "للأسف، وحدات الجيش تتعامل كالمليشيا. لا يوجد جيش وطني يقوم بتعطيل العملية التعليمية، وتحويل المدارس إلى متاريس". 
ولم يتوقف الأمر على السيطرة على المدارس، بل امتد إلى الجامعات والمعاهد الفنية، ولا تزال مباني كلية الطب بجامعة تعز تحت سيطرة اللواء الخامس حماية رئاسية الذي يتخذها مقراً لقيادته ومركزاً تدريبياً، ويرفض تسليمها. المعهد التقني الصناعي في حي الحصب وسط تعز لا يزال محتلاً من قبل الشرطة العسكرية ومحور تعز، وقد سلمت جزءاً منه فقط، ولا تزال تحتل الجزء الأكبر.
وترفض الشرطة العسكرية تسليم المبنى على الرغم من تسلمها مبنى الشرطة العسكرية شرق المدينة في منطقة العرضي، والذي ترفض الانتقال إليه رغم ترميمه. ولا تزال قيادة محور تعز تسيطر على مبنى شركة التبغ والكبريت الوطنية، وترفض تسليمه رغم التوجيهات المتكررة بذلك. ولا يزال اللواء 170 دفاع جوي يحتل مقر مركز البحوث الزراعية بمنطقة عصيفرة، بالتقاسم مع كتيبتين تابعتين للواء 22 ميكا، كما يسيطر اللواء 170 دفاع جوي على جزء من معهد المعلمين.

مقر دار رعاية الأيتام غرب المدينة لا يزال تحت سيطرة اللواء 17 مشاة، والذي يتخذ منه مقراً له، وهناك جزء من المبنى تحت سيطرة اللواء 145، وترفض قيادة اللواءين تسليم المبنى.
وكانت قيادة نادي الصقر الرياضي والثقافي قد أعلنت تجميد أنشطة النادي المختلفة، بسبب احتلال مقار ومنشآت النادي، والتي يوجد فيها معسكر النجدة ومعسكر الحماية الرئاسية منذ تسع سنوات، وخاطبت إدارة النادي قيادات الدولة المختلفة لإخراج هذه المعسكرات، وتسليم مقار النادي وجميع منشآته من دون أن تلقى أي تجاوب سوى التسويف والمماطلة.
قيادة النادي وفي رسالة موجهة إلى محافظ تعز، قالت إنها لم تجد إلا التسويف والمماطلة واختلاق الأعذار من قبل القيادات العسكرية الموجودة في مقر النادي ومنشآته المختلفة، رغم التوجيهات المستمرة من قبل المحافظ ووزير الشباب والرياضة ووزير الدفاع ووزير الداخلية، والتي أكدت جميعها ضرورة تسليم مقر النادي وخروج المعسكرات الموجودة فيه.

في إحدى جامعات تعز (أحمد الباشا/ فرانس برس)
في إحدى جامعات تعز (أحمد الباشا/ فرانس برس)

وأكدت قيادة النادي أنه في حالة استمرار المماطلة من قبل القيادات العسكرية الموجودة في النادي، فإنها ستقوم بدعوة الجمعية العمومية للنادي، وجميع أعضاء النادي، وفرقه الرياضية، وجماهيره، للتظاهر والاعتصام أمام مبنى المحافظة، ومقر النادي في بيرباشا، حتى تنصاع القيادات العسكرية للتوجيهات المتكررة من قبل القيادات العليا في الدولة.
كما أكدت قيادة النادي أنه ستجري إثارة هذا الموضوع عبر وسائل الإعلام والقنوات والمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي. وفي حال عدم تسليم مقر النادي ومنشآته، سيُعقد مؤتمر صحافي لإدارة النادي، وستعلن من خلاله عن فشل السلطة المحلية في تسليمها مقر النادي، ثم الإعلان عن التجميد النهائي لجميع أنشطته، وتحميل السلطة المحلية ووزارة الشباب والرياضة مسؤولية ذلك.
تواصلت "العربي الجديد" مع الناطق الرسمي باسم محور تعز العقيد عبد الباسط البحر، لمعرفة أسباب استمرار وجود محور تعز والألوية التابعة له في بعض المدارس والكليات والمعاهد ورفض تسليمها، إلا أنه رفض التصريح.

من جهته، يقول الناشط السياسي ماجد العامري لـ"العربي الجديد" إن قيادة محور تعز والألوية العسكرية، التابعة لها، حولت المدارس ومقرات المكاتب التنفيذية في تعز إلى ثكنات عسكرية، وسجون خاصة تابعة لها، ما أثر سلباً في العملية التعليمية بتعز، كما عمل على تعطيل العديد من المؤسسات، الأمر الذي أدى إلى بروز حراك شعبي يدعو لتحرير هذه المؤسسات المحتلة من قبل الجيش. ونتيجة للضغط الشعبي، جرى تسليم بعض المقرات فيما لا تزال مقرات أخرى تحت سيطرة قيادة المحور والألوية العسكرية".
ويضيف العامري أن قيادة المحور كانت تتحجج بظروف الحرب، لكن بعد مرور تسع سنوات، وفي ظل الهدنة المعلنة منذ إبريل/ نيسان 2022، صارت هذه المبررات غير مقبولة، وخصوصاً أن المقرات المحتلة تقع في المناطق الآمنة، وليس في خطوط التماس. كما تتوفر مقرات بديلة، لكن قيادة المحور للأسف تعتمد الابتزاز، وتشترط مبالغ مالية مقابل تسليم هذه المقرات، وهو ما يؤثر سلباً في حياة الناس بتعز.

المساهمون