أبلغت الصومال عن الإصابة الأخيرة بالجدري في عام 1977، ولاحقاً، أقرت جمعية الصحة العالمية استئصال الوباء في عام 1980 عبر برنامج التلقيح الذي تقوده منظمة الصحة العالمية، ليكون "الجدري المائي" أول مرض ينتصر عليه البشر.
وكان جدري القرود يظهر على فترات متفاوتة في مناطق غرب ووسط إفريقيا، وهو معروف لدى البشر منذ عام 1970، وأول اكتشاف للفيروس كان في جمهورية الكونغو الديموقراطية، لكنه أصبح مرضاً معترفاً به في 1985، بعد أبحاث أجراها المعهد الحكومي للأمصال في الدنمارك.
منذ عام 1970، أُبلِغ عن إصابات بشرية بجدري القرود في العديد من الدول الإفريقية، وفي ربيع 2003، اكتشفت إصابات بشرية في الولايات المتحدة، في أول ظهور للوباء خارج إفريقيا.
خلال الشهر الأخير، سجلت منظمة الصحة العالمية نحو 150 إصابة بجدري القرود في أكثر من 20 دولة لا يتوطن فيها المرض عادة، معظمها في أوروبا، فضلاً عن كندا والولايات المتحدة وأستراليا وغيرها.
يتشابه جدري القرود مع الجدري المائي في كثير من الأشياء، ومنها أغلب الأعراض، إلا أن هناك بعض الاختلافات بينهما، من بينها أن الجدري المائي شديد العدوى، وهو يؤدي إلى ظهور طفح جلدي يشبه البثور، ويثير الحكة، ويعاني المصاب به من التعب والحمى والصداع قبل يوم أو يومين من ظهور الطفح الجلدي.
ذات الأعراض يعاني منها المصاب بجدري القرود أيضاً، لكن المرض ليس شديد العدوى، إذ يعاني المصاب من الطفح الجلدي والبثور المملوءة بالسوائل، ويشعر بالحمى والصداع قبل ظهور الطفح الجلدي، لكن بعض المصابين به يعانون من تضخّم العقد اللمفاوية، وهذا ما يميّزه عن جدري الماء، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ينتقل جدري القرود من طريق الإفرازات التنفسية للمُصاب، أو البثور الجلدية، بينما ينتشر الجدري المائي من خلال الاتصال الوثيق بالمريض، وفي الأغلب، يصاب 90 في المائة من الأشخاص غير الملقحين القريبين من المريض بالعدوى، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (سي دي سي).
تراوح فترة حضانة فيروس جدري القرود بين 5 إلى 21 يوماً، وعادة ما تدوم أعراضه من 14 إلى 21 يوماً، بحسب منظمة الصحة العالمية.
في المقابل، تستمر أعراض الجدري المائي من 4 إلى 7 أيام فقط. ولا توجد أدوية أو لقاحات متاحة حالياً لجدري القرود، لكن ثبت أن اللقاح المعروف ضد الجدري المائي ناجع بنسبة 85 في المائة في الوقاية منه، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وأعلنت شركة "موديرنا" الأميركية، يوم الثلاثاء، أنها تجري اختباراً للقاح محتمل للوقاية من جدري القرود في ظل انتشار المرض في أوروبا وأميركا.
وقالت "موديرنا" إن اختبارات اللقاح ما زالت في مرحلة التجارب قبل السريرية، لكنها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل بشأن اللقاح المحتمل، والمتوقع أن يثير منافسة حامية بين مختبرات الدواء العالمية على غرار ما حدث مع لقاح كوفيد-19.
بالنسبة إلى مكافحة الجدري المائي، ينبغي الحصول على جرعتين من اللقاح للوقاية منه، وفي حال الشفاء من الفيروس لا يكون هناك حاجة للتلقيح، لأن الجسم يتمكن من تكوين مناعة ذاتية ضده، بحسب ما تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ولم تعد لقاحات الجيل الأول والثاني للجدري المائي مستخدمة منذ عام 1984، وفي يوليو/ تموز عام 2013، رُخِّص لقاح من الجيل الثالث مخصص لوقاية البالغين من المرض.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أهمية تجنب مخالطة المصابين بالجدري، سواء الجدري المائي أو جدري القرود، ويؤكد الخبراء أن رعاية طبية جيدة تقلل من الخطر بشكل كبير، وأن معظم المصابين يتعافون تلقائياً من دون مخاطر.
وفي البلدان التي اكتشف فيها جدري القرود أخيراً، كانت معظم الإصابات خفيفة، ولم تسجل وفيات.