يصل الاحتقان في قطاع التعليم بالمغرب إلى نقطة تُعَدّ منعطفاً حاسماً، هذا الأسبوع، مع دخول آلاف الأساتذة والكوادر في إضراب عن العمل، ابتداءً من اليوم الثلاثاء ولمدّة ثلاثة أيام، في حين تتّجه الأنظار إلى مدى التزام رئيس الحكومة عزيز أخنوش بما صرّح به أمس الاثنين. وهو كان قد أعلن عن استعداده لتوفير شروط وضمانات تحسين النظام الأساسي الجديد لموظفي القطاع، والتفاعل إيجاباً مع الملفات المطلبية المقدّمة، وذلك في خطوة لإنهاء الاحتقان ما بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وبين فئات تعليمية عدّة.
وللأسبوع الثاني، شُلّت المؤسسات التعليمية الحكومية في المغرب، صباح اليوم الثلاثاء، من جرّاء إضراب فئات تعليمية وكوادر إدارية وتربوية عدّة رفضاً للمقتضيات الجديدة التي جاء بها النظام الأساسي لموظّفي القطاع. فالهيئات النقابية والتنسيقيات التعليمية المختلفة ترى أنّه لا يلبّي مطالب العاملين في القطاع ولا يحقّق الإنصاف في عدد من الملفات العالقة، من قبيل الدمج الفعلي للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، مع عدم توفّر تعويضات مناسبة، والإجهاز على الحقّ في الترقية بالشهادة من خلال ربطها بالمناظرة وتوفّر المناصب المالية، وخلق فروقات بين الفئات التعليمية. يأتي ذلك إلى جانب إثقال هيئة التدريس بمهام تُصنَّف بحكم التطوّع، وعدم تقليص ساعات العمل، وتكريس نظام التعاقد في قطاع التعليم عبر تعزيز إطاره القانوني.
في المقابل، تفيد الوزارة الوصية على القطاع بأنّ النظام الجديد يحافظ على كلّ المكتسبات السابقة، ويستجيب لمطلب توحيد المسارات المهنية، كذلك يتضمّن مقتضيات عدّة في مجال التحفيز سوف تستفيد منها هيئة التدريس، ويستجيب لمطالب طال انتظارها لا سيّما من خلال فتح أفق الترقي لبلوغ الدرجة الممتازة بالنسبة إلى مجموعة من الفئات. تضيف أنّه سوف يُصار كذلك إلى إقرار نظام وآليات أخرى للتحفيز، تراعي المردود المهني.
وقد حاولت الحكومة استباق الإضراب الثالث من نوعه الذي تخوضه الفئات التعليمية منذ بدء العام الدراسي 2023-2024 في سبتمبر/ أيلول الماضي، بدعوة النقابات الأربع الأكثر تمثيلاً، أمس الاثنين، إلى لقاء مع رئيس الحكومة انتهى مع تعبير أخنوش عن استعداده لتوفير شروط وضمانات تحسين النظام الأساسي وللتفاعل إيجاباً مع الملفات المطلبية المقدّمة.
وفي هذا الإطار، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، المنضوية تحت لواء "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، عبد الإله دحمان لـ"العربي الجديد"، إنّ "كلّ التصريحات المرتبطة بالنظام الجديد وسعي الحكومة إلى الالتفاف على الحراك التعليمي دفعت النقابة إلى برنامج نضالي يتماهى مع نبض الشغّيلة ومطالبها". أضاف أنّ "الاحتقان الكبير الذي تشهده كلّ مكوّنات المنظومة التربوية يقتضي إسناد الفعل النضالي والحفاظ على النفس الوحدوي من أجل تقوية موقع الرافضين للنظام الأساسي، لا سيّما في ظلّ غياب أيّ ردّ فعل حقيقي لما طالبنا به من حوار متعدّد الأطراف يشمل المسؤولين المعنيين والفئات المتضرّرة وكوادرها التنسيقية".
وأوضح دحمان أنّ "الإضراب الجديد يمثّل رسالة في وجه أيّ التفاف حكومي على الحراك التعليمي". وأشار إلى "ضعف الحكومة والوزارة الوصية في التعامل مع الاحتقان الكبير الذي يشهده القطاع وغياب أيّ مبادرة جادة". وتابع دحمان أنّ "محطتنا النضالية هذه هي من أجل تجديد رفضنا النظام الأساسي ومقتضياته، وهي كذلك دعوة إلى مراجعة هذا النظام"، لافتاً إلى أنّ "مطلبنا هو إنصاف مكوّنات الشغيلة التعليمية بمختلف فئاتها المتضرّرة وتحسين موقع الشغيلة في المجتمع من خلال تحسين أوضاعها الإدارية والمالية والاعتبارية والتكوينية والمهنية".