تزايد جرائم الشوارع يهدد حياة الباكستانيين

20 يناير 2024
شوارع باكستان غير آمنة للسكان (آصف حسان/فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع أعمال العنف والعمليات التفجيرية التي تطاول كل مناطق باكستان تنتشر جرائم السرقة والنهب والخطف بشكل كبير، حتى أصبحت جزءاً من حياة المواطنين، وهي تثير الخوف والقلق بعدما امتدت إلى أماكن حساسة ومحصنّة أمنياً في العاصمة إسلام آباد.
وفي 10 يناير/ كانون الثاني، أعلنت شرطة إسلام آباد أن وتيرة الجرائم ارتفعت في العاصمة خلال الأسبوع الأول من العام الجديد، وشملت 20 عملية سرقة و61 سرقة لدراجات نارية وسيارات، وعمليتي خطف للحصول على مبالغ مالية.
وسبق أن أعلنت شرطة إسلام آباد تسجيل 1186 عملية سرقة وقتل وخطف في العاصمة وضواحيها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما شكل ارتفاعاً بنسبة 81 في المائة مقارنة بالشهر السابق، وأكدت الشرطة أن الجناة قتلوا وجرحوا أشخاصاً قاوموا عملياتهم غير القانونية، ونفذوا بعض هذه الجرائم باستخدام أسلحة رشاشة، وأن الاعتداءات حصلت في طرق رئيسية وأحياء.
وأثيرت قضية جرائم الشوارع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حين تعرّض مسؤول حكومي لسلب هاتفه في وسط إسلام آباد، وأوضحت قيادة شرطة العاصمة في بيان حينها، أن "المدير العام للجمارك تعرّض لعملية سطو في وضح النهار قرب مركز شرطة رامنا، حيث أوقف السيارة، وترك هاتفه داخلها للتجول في حديقة قريبة، فجاء مسلحان على متن دراجة نارية، وأخذا الهاتف من داخل السيارة بعدما هددا الحارس الشخصي بإطلاق النار عليه".
وأكدت شرطة إسلام آباد ووزارة الداخلية، في بيانين منفصلين، أن أجهزتهما تسيطر على الوضع الأمني، لكن ذلك لم يمنع انتشار الذعر بين سكان العاصمة. يقول محمد جواد لـ"العربي الجديد": "لا نثق بما تقوله الشرطة، ونعتبر أن اعتقال بعض الأشخاص ليس حلاً، فمشكلة الممارسات غير القانونية متجذرة بسبب البطالة والفقر اللذين يجبران الناس على تنفيذ هذه الجرائم. كانت أعمال السرقة تحصل خلال الليل، وفي أماكن نائية، أما الآن فتحدث في وسط العاصمة، وفي وضح النهار، وتخلف بعضها قتلى أو جرحى، ما يشير إلى أن الضالعين في السرقة لا يخافون من رجال الأمن، ولا يترددون في حمل الأسلحة، حتى في المناطق المحصنّة أمنياً".

امتدت الجرائم إلى أماكن حساسة ومحصنّة أمنياً (رضوان تبسم/ فرانس برس)
امتدت الجرائم إلى مناطق محصنّة أمنياً (رضوان تبسم/فرانس برس)

وإذا كانت هذه الحال سائدة في العاصمة من البديهي أن الوضع أكثر سوءاً في مدن أخرى. وقالت الشرطة في لاهور، عاصمة إقليم البنجاب، أكبر أقاليم باكستان، في بيان في 7 أكتوبر الماضي، إن "الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 شهدت ارتكاب 15504 جرائم وأعمال سرقة ونهب في الشوارع، علماً أن 12284 عملية سُجلت خلال الفترة نفسها من عام 2022، ومن بينها سرقة 1308 دراجات نارية خلال هذه الفترة مقابل 945 دراجة في الفترة ذاتها من عام 2022، ما يدل على ارتفاع كبير في عدد الجرائم". 
ويلفت مواطنون ومراقبون للوضع الاجتماعي في باكستان إلى أن أرقام التقارير الأمنية أقل من تلك الحقيقية. ويخبر رميز راجه، الذي يسكن في مدينة لاهور، "العربي الجديد"، بأن "أرقام الشرطة غير دقيقة لأن أجهزة الأمن تريد الحفاظ على كرامتها، ومدينة لاهور وحدها تشهد أكثر من 100 جريمة سرقة ونهب وسطو يومياً، وتعتبر سرقة الدراجات النارية أمراً روتينياً، كما تتفشى أعمال الخطف، ويعتقد كثيرون بأن الشرطة ليست فقط فاشلة في التصدي لهذه الجرائم، بل ضالعة فيها، والجميع يعرفون أن شرطيين كثيرين ضالعون في بيع المخدرات، وهم يفعلون ذلك بأنفسهم، أو بالتواطؤ مع عصابات إجرامية، وإذا كان هؤلاء الشرطيون يبيعون المخدرات، فالمؤكد أنهم ضالعون أيضاً في أعمال السرقة والنهب وجرائم الشوارع".

وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، قال الناشط الاجتماعي أويس أحمد: "ليست جرائم الشوارع وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى وقت طويل، لكنها تشهد ارتفاعاً غير مسبوق. والمستغرب أن الضالعين في القضايا لا يخافون من الشرطة، إذ ينفّذون عملياتهم غير القانونية في وضح النهار وفي أي مكان، ثم يهربون"، موضحاً أن "أسباباً اجتماعية وأمنية تقف وراء ذلك، من بينها البطالة المستشرية، وإدمان المخدرات، فكثير من المدمنين ضالعون في هذه القضايا، لكن الأخطر هو تورط ضباط في جهاز الشرطة، وهو ما ثبت بحق عشرات منهم أصدرت المحاكم عقوبات ضدهم، والقضية تشمل كل الأقاليم لكن بوتيرة مختلفة".

المساهمون