يتوقع العامل السابق بإدارة الهجرة التركية شوكت أقصوي، زيادة تدفق المهاجرين السريين إلى تركيا، بهدف الهجرة إلى الدول الأوروبية عبر الحدود البرية مع بلغاريا أو عبر البحر إلى اليونان، لأن انسداد الأفق بدول جوار تركيا (سورية والعراق)، أو تردي الواقع المعيشي والأمني بالدول العربية والأفريقية، يزيد من مجازفة الشباب للوصول إلى القارة الأوروبية.
يضيف أقصوي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن شرطة بلاده ضبطت اليوم الأحد عشرات المهاجرين السوريين والأفغان والباكستانيين في ولاية كيركالي دخلوا تركيا بشكل غير قانوني، ونقلوا إلى مراكز الترحيل، كاشفاً في الوقت نفسه أن تركيا تشددت بضبط الحدود البرية، بهدف منع التسلل والدخول غير القانوني، بعدما "أعادت النظر" هذا العام بمنح التأشيرة للقادمين بهدف السياحة والعلاج وتحديد وجودهم في تركيا بفترة لا تتجاوز الشهر، وقد ألغت منح الإقامة السنوية السياحية لأول مرة وتقييد تجديدها للمقيمين منذ سنوات بغرض السياحة.
وبحسب بيانات مديرية الهجرة بوزارة الداخلية، بلغ عدد المهاجرين السريين الذين اعتقلوا 5119 شخصاً خلال الأسبوع الماضي، وجرى ترحيل 2265 مهاجراً منهم، فيما نقل البقية إلى مراكز الترحيل، ليصل عدد المهاجرين السريين الذين مُنعوا من دخول تركيا إلى 224 ألفاً و716 شخصاً، وعدد الذين رحّلوا من تركيا منذ بداية العام وحتى مطلع الشهر الجاري إلى 87 ألفاً و258 مهاجراً، غالبيتهم من الأفغانيين والباكستانيين والسوريين.
وتقول الباحثة التركية عائشة نور، إن سياسة بلدها المفتوحة سابقاً أمام اللاجئين من الدول التي تشهد حروباً وثورات، أوصلت عدد اللاجئين إلى أكثر من 5 ملايين، منهم 3.6 ملايين سوري. وزاد تفكير بعض هؤلاء بالهجرة السرية بسبب الغلاء المعيشي، والتشدد في تطبيق القوانين، وتأمين الأوراق الرسمية بتركيا، إلا أن التزام بلدها باتفاقية الحد من الهجرة السرية مع الاتحاد الأوروبي الموقعة في مارس/ آذار 2016، بالإضافة إلى المخاطر المحدقة بالمهاجرين، دفعها لملاحقتهم سواء في المدن الكبرى أو الحدودية، بل وتسيير دوريات إلى الشواطئ وحتى الفنادق بولايات إزمير وأدرنه وأيدن وإسطنبول، لمنع الهجرة وترحيل المهاجرين السريين إلى بلادهم.
وتضيف في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن الحلول للحد من الهجرة السرية يجب أن تأتي من بلدان المهاجرين، من خلال تحسين شروط الحياة والأمان. فتركيا المجاورة لدول ثورات الربيع العربي (سورية والعراق)، والمفتوحة سابقاً أمام أي لاجئ بهدف السياحة أو العلاج، باتت من أكثر الوجهات العالمية للمهاجرين السريين، نتيجة حدودها البرية مع بلغاريا، وقربها من اليونان التي يقصدها المهاجرون عبر قوارب غير آمنة أو مطاطية تشكّل خطراً على حياتهم.
وترى نور أن ما تقوم به تركيا ليس حلاً دائماً، بل وقائياً لحماية المهاجرين، والحد من تدفقهم، وترحيل كل مخالف إلى بلده، كاشفة أن مراكز الترحيل تغص بالمهاجرين السريين. وتقول: "علمنا عن أكثر من 17 ألف مهاجر سري بمراكز الترحيل اليوم، جلهم من أفغانستان وباكستان".
وتشير نور إلى أن "جل الشباب السوريين باتوا يفكرون بالهجرة السرية من تركيا باتجاه الدول الأوروبية، بعد ارتفاع الأسعار ورفع بدلات إيجار المنازل. وإذ لا يمكن للمهاجرين البقاء في تركيا أو العودة إلى الداخل السوري، اختار معظمهم المجازفة والهجرة".
وكانت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، قد كشفت أمس السبت، عن آخر إحصائية لأعداد طالبي اللجوء الذين عبروا سواحل وحدود دول الاتحاد الأوروبي عبر الطرقات والشواطئ المختلفة خلال العام الحالي 2022. وقالت في بيان إن عدد طالبي اللجوء السوريين الذين عبروا إلى دول الاتحاد الأوروبي منذ يناير/ كانون الثاني 2022 حتى شهر يوليو/ تموز الماضي بلغ 40 ألفاً و296 شخصاً، منهم 33 ألفاً و684 عبر طريق غرب البلقان، و3678 عبر طريق شرق البحر الأبيض المتوسط، و2565 عبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط.
وبيّنت "فرونتكس" أن أعداد طالبي اللجوء الواصلين إلى أوروبا ارتفع خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2022، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وأن 86 ألفاً و420 طالب لجوء وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي خلال الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي حتى أواخر مايو/ أيار، مشيرة إلى زيادة بنسبة 82% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وكانت تركيا قد أعلنت على لسان نائب وزير الداخلية إسماعيل جاتاكلي قبل أيام، أن عدد المهاجرين السريين الذين منعتهم من عبور حدودها منذ عام 2016 بلغ مليونين و683 ألفاً و310 مهاجرين. وأشار إلى أنّ أحداثاً مثل الحروب والصراعات والإرهاب والكوارث الطبيعية والأوبئة وأزمات الغذاء والطاقة حول العالم تؤدّي إلى زيادة الهجرة، داعياً إلى معالجة المشكلات التي تؤدي إلى الهجرة وحلها من مصادرها.