يشكو سكان مدينة الباب بريف حلب، شمالي سورية، من تدهور واقع الخدمات الصحية، وخاصة في أعقاب انتشار فيروس كورونا، إذ يضطر المريض للانتظار فترات طويلة للحصول على المعاينة أو إجراء عمل جراحي، في وقت يضطر فيه لشراء غالبية أدويته على حسابه الخاص، في ظل تدهور واقعهم الاقتصادي وعيش غالبيتهم في فقر مدقع.
وأثار فيروس كورونا الذعر بين الطاقم الطبي قبل المدنيين، بحسب علي المحمد، ابن مدينة الباب، الذي قال لـ"العربي الجديد": "هناك تقصير في الخدمات الطبية بشكل عام، بسبب عدم التزام الأطباء بأوقات عملهم، فمع انتشار الفيروس والتهويل الإعلامي المرافق له، الكثير من الأطباء يتغيبون عن الدوام، وخاصة القاطنين في تركيا".
وأضاف "أما المشفى فمزدحم بالمرضى، وأعتقد أن ذلك بسبب نقص الكادر الطبي وازدياد فقر الناس، فكثير منهم ليست لديهم الإمكانية لدفع معاينة طبيب خاص، أو تكاليف إجراء عملية في مشفى خاص".
والانتظار يبقى أكثر ما يرهق المريض في أروقة المشفى، كما قال أبو عبد الله سعيد، لـ"العربي الجديد"، مضيفا "أصبح الناس يأتون قبل بدء العمل في العيادات لحجز دور لهم، وخاصة من يأتي من خارج مدينة الباب، وحتى أماكن الانتظار ليست مؤهلة لاستقبال هذا العدد، فتجد الناس يجلسون على الأرض بانتظار دورهم".
وأضاف "المشكلة الأكبر عقب المعاينة هي تأمين العلاج، من أدوية أو مستلزمات طبية، التي غالبا غير متوفرة في المشفى، ما يجبر المريض على شرائها على حسابه الشخصي من الصيدليات أو مراكز بيع المستلزمات الطبية"، متابعا "منذ فترة قصيرة كسرت ساق أحد أفراد عائلتي، اضطررنا لشراء الجبس وبقية احتياجات الجبيرة من خارج المشفى. لحسن الحظ كان معنا ثمن تلك الاحتياجات، لكن كثر من ليس معهم ثمن العلاج، في حين تكاد تكون الجمعيات أو المنظمات الصحية غائبة عن تأمين الأدوية والعلاجات، ما دفع الكثير من العائلات للاعتماد على العلاجات الشعبية، مثل الأعشاب الطبية والجبار العربي".
المصابون بفيروس كورونا وضعهم ليس أفضل من بقية المرضى، فشقيق أحد المصابين الذي أقام لفترة في قسم العزل بمشفى الباب، قال لـ"العربي الجديد"، طالبا عدم الكشف عن اسم عائلته لأسباب خاصة: "حتى قسم العزل الوحيد في المشفى لا تتوفر فيه الخدمات الأساسية، فعلى مستوى النظافة هي بأدنى مستوياتها، حتى تغيير الأغطية عن الأسرة لا يتم بشكل منتظم، وبعض الأحيان لا تبدل لأيام فكيف حال العلاجات".
ولفت إلى أن "الكثيرين ممن يكتشفون أنهم مصابون بفيروس كورونا أو حتى تظهر عليهم أعراض الإصابة، يلجأون للحجر المنزلي، ومراجعة الأطباء في العيادات الخاصة، أما الحجر بالمشفى فهو يتسبب بضغط نفسي كبير بالنسبة للمصابين، ما يؤدي إلى تدهور حالات البعض منهم".
وحاول "العربي الجديد" التواصل مع مديرية الصحة في الباب ومشفى الباب دون جدوى، في حين كان مدير مشفى الباب الكبير فادي الحاج علي، قد قال في تصريح لموقع إعلامي محلي، إن سبب التراجع في الواقع الطبي خلال هذه الفترة هو توجه القطاعات الصحية إلى متابعة مرضى كورونا، وإصابة بعض الأطباء بالفيروس، لافتا إلى أنه في حال تم الانتهاء من بناء مراكز للحجر الصحي خارج المشفى ستعود جميع الأقسام للعمل بشكل طبيعي وأفضل من قبل.