تخفيف بدانة الأطفال ضمن إرشادات "الصين الصحية 2030"

22 اغسطس 2024
تريد السلطات الصينية وقف مشكلات السمنة في المدارس (ستيفن شايفر/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تدابير حكومية جديدة لمكافحة السمنة**: أصدرت الحكومة الصينية إرشادات جديدة تشمل تقديم وجبات صحية، توظيف متخصصين في التغذية، وضمان مشاركة الطلاب في التمارين الرياضية اليومية، بالإضافة إلى فحص الطلاب وإنشاء سجلات صحية.

- **أسباب سلوكية وراء السمنة**: نمط الحياة الجديد في الصين، مثل الاعتماد على الوجبات السريعة وإدمان ألعاب الفيديو، أدى إلى زيادة بدانة الأطفال، مع انشغال الآباء والأمهات بأعمالهم وتساهل المدارس مع حصص الرياضة.

- **ترحيب مجتمعي بالتدابير الجديدة**: لاقت التدابير الحكومية إشادة من أولياء الأمور، حيث أعربوا عن سعادتهم بإلزام الطلاب بممارسة الرياضة وتناول طعام صحي، مما يساعد في تحفيزهم على ترك العادات السيئة.

يتوقع خبراء أن تسرّع سلسلة تدابير جديدة اتخذتها الحكومة الصينية السيطرة على بدانة الأطفال والسمنة غير المنضبطة، والوقاية منهافي المدارس، وأن توفر حلولاً شاملة ومنهجية للمشاكل التي تزداد يوماً بعد يوم.

أصدرت السلطات الصينية في يوليو/ تموز الماضي إرشادات جديدة لضمان الصحة البدنية والعقلية للأطفال، من خلال التحكم بشكل فعّال في زيادة الوزن غير الصحية والسمنة بين طلاب المدارس الابتدائية والثانوية في البلاد. وتشمل التدابير اتباع أنظمة غذائية صحية، مثل تقديم وجبات تحتوي على كميات أقل من الملح والزيت والسكر لطلاب هذه المدارس. 
وتحدد الإرشادات أساليب عملية، مثل حث المدارس على توظيف متخصصين مؤهلين في التغذية بدوام كامل أو جزئي، وضمان مشاركة الطلاب في التمارين الرياضية اليومية للحفاظ على صحتهم البدنية. كما تتضمن خطوات إضافية لفحص الطلاب بحثاً عن السمنة، وإنشاء سجلات صحية بناءً على الفحوصات، وإبلاغ الآباء بالنتائج على الفور، وأيضاً تشكيل لجان متخصصة مسؤولة عن إعداد قوائم مراجعة ذاتية لتقييم مخاطر زيادة الوزن والسمنة لدى الطلاب، ما يتيح حصول المدارس والأسر على إشعارات مبكرة من خلال حساب الدرجات بمساعدة متخصصين.
وتأتي هذه الإرشادات الحكومية في إطار تنفيذ مبادرة "الصين الصحية 2030"، وهي نهج تشاركي لتحسين الرعاية الصحية في البلاد، وتهدف إلى وصول جميع المواطنين إلى الرعاية الصحية.
وحسب المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يعاني نحو 10.4% من الأطفال دون سن ست سنوات من زيادة الوزن أو السمنة حالياً، ويعاني خُمس سكان الصين الذين تتراوح أعمارهم بين ست سنوات و17 سنة من البدانة.

أسباب سلوكية

تقول المستشارة في مركز شينزن لمكافحة البدانة، شين لينغ، لـ"العربي الجديد": "أحد أهم أسباب بدانة الأطفال في الصين هو نمط الحياة الجديد الذي يفرض سلوكيات دخيلة على المجتمع الصيني الذي لطالما كان مثالاً للمجتمعات الصحية في العالم".
تضيف: "منع انشغال الآباء والأمهات بأعمالهم اجتماع الأسرة حول مائدة واحدة، واستبدل ذلك باللجوء إلى مطاعم الوجبات السريعة والجاهزة. وحتى في أوقات الدراسة يُفضل الطلاب هذا النوع من المطاعم التي تنتشر في كل مكان، على الوجبات المدرسية. والاعتماد على هذه الوجبات طوال الأسبوع سبب أساسي في رفع مستوى بدانة الأطفال". 

أيضاً تشير شين إلى سبب آخر يؤدي إلى بدانة الأطفال يتعلق بإدمان الأطفال ألعاب الفيديو والبقاء ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف الخليوية، وهذا من سمات الجيل الحالي الذي سيطرت عليه التكنولوجيا والأجهزة الذكية". وتعتبر أن "إدمان هذه الألعاب استنزف وقت الأطفال، وأبعدهم عن ميادين الرياضة، كما أن تساهل الهيئات الإدارية في المدارس الابتدائية والثانوية مع حصص الرياضة، واعتبارها نشاطاً اختيارياً عززا هذا الاتجاه، وجعلا الطلاب أكثر كسلاً وخمولاً". 
وتتوقع أن تحسم التدابير الحكومية الجديدة هذه المسألة، خصوصاً أنها نصت على ضرورة استقطاب مدربين متخصصين ومؤهلين للإشراف على النشاط الرياضي داخل المؤسسات التعليمية.

خُمس الصينيين بين 6 سنوات و17 سنة يعانون من البدانة (أليس يان/ Getty)
خُمس الصينيين بين 6 سنوات و17 سنة يعانون من البدانة (أليس يان/ Getty)

ترحيب مجتمعي

ولاقت التدابير الحكومية الجديدة للحدّ من السمنة بين الأطفال إشادة كبيرة من أولياء الأمور الذين يعاني أبناؤهم من البدانة. 
يقول جيانغ شوي (46 عاماً)، وهو صاحب متجر للهواتف الخليوية في مدينة كوانجو (جنوب)، ووالد طفل يُعاني من السمنة، لـ"العربي الجديد": "وصل ابني إلى وزن 90 كيلوغراماً في سن الثالثة عشرة، ويُصنف ضمن فئة السمنة المفرطة. وحاولت على مدار أكثر من عامين علاجه بكل الطرق المتاحة، لكنني لم أفلح بسبب كسله، وعدم رغبته في تنفيذ أي نشاط رياضي، وإدمانه ألعاب الفيديو، ومتابعة الأفلام الكرتونية". 
وأبدى جيانغ سعادته بالتدابير الحكومية الجديدة لمكافحة السمنة بين الأطفال، وقال إن "إلزام الطلاب في المدارس بممارسة الرياضة وتناول طعام صحي سيساعد في تحفيزهم على ترك السلوكيات والعادات السيئة، وزيادة التركيز على مظهرهم وأناقتهم وشكلهم الخارجي". 
ويلفت إلى أنه قبل أشهر قليلة فقد الأمل في إمكانية انتشال ابنه من دوامة السمنة، لكن الإرشادات الحكومية شكلت بارقة أمل له، وجعلته يشعر بأن هناك من يفكر بمعاناته كأب لطفل بدين، كما أدرك أن معاناة طفله تمثل معاناة جيل كامل من الأطفال كانوا ضحية إهمال أسري و"شراك" التكنولوجيا وألعاب الفيديو.

يشار إلى أن الصين أجرت عدداً من التدخلات الوطنية في السنوات الأخيرة لمعالجة مشكلة السمنة لدى الأطفال. وتركز معظمها على أساليب التغذية والنشاط البدني في المدارس الابتدائية والثانوية. 
وكانت أبرز الاقتراحات فرض ضريبة بنسبة 20% على المشروبات الغازية المحلاة بالسكر، وتقييد تسويق الأطعمة غير الصحية للأطفال.
وكان انتشار الأطفال والمراهقين الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة في الصين أقل بكثير من المتوسط العالمي عام 2000، بنسبة 8%، لكن هذا الرقم ارتفع إلى نحو 37% عام 2020، وتجاوز بعض البلدان الغربية والبلدان ذات الدخل المتوسط والعالي. وخلصت دراسة حديثة أجراها المركز الصيني للصحة النفسية إلى أنه بحلول عام 2030 سترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60% إذا استمر ارتفاع مؤشر السمنة بالوتيرة نفسها. 

المساهمون