تخفيض سادس لقيمة سلّة غذاء الشمال السوري

18 مارس 2023
السلة الغذائية ركيزة عيش آلاف العائلات (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

اعتادت الأمم المتحدة أن تستبق أي تخفيض جديد في قيمة المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي للنازحين في منطقة شمال غربي سورية، بإطلاق مبررات، منها ضعف التمويل والحرب في أوكرانيا. أجرى البرنامج أول تخفيض في يناير/ كانون الثاني 2020، وتابع السلسلة التي لم توقفها أيضاً تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة في فبراير/ شباط الماضي، والكارثة الإنسانية التي خلّفها. 
ويتناقض ذلك مع تأكيد الأمم المتحدة في تقارير متتالية ارتفاع معدلات الجوع والفقر في المنطقة، وبالتالي أعداد المحتاجين إلى غذاء، علماً أن هذه التقارير تقدّر معاناة 2.5 مليون شخص من الانعدام الشديد في الأمن الغذائي.

يشتكي علي حمادة، الذي يقيم في تجمع مخيمات أطمة قرب الحدود السورية مع تركيا، من تخفيض قيمة السلة الغذائية للمرة السادسة منذ 2020، وكذلك قيمة القسيمة الشرائية التي تمنح للنازحين، ويقول لـ"العربي الجديد": "جرى منحنا قسيمة شرائية بقيمة 60 دولاراً بدلاً من السلة الغذائية، لكن قيمتها تدنت إلى 40 دولاراً، فيما ترفع المحلات التجارية الأسعار، ما يجعل القيمة الفعلية لهذه القسيمة تتراوح ما بين 30 إلى 32 دولاراً، وهي تستخدم لشراء 5 كيلوغرامات من الأرز ومثلها من السكر والبرغل، وبعض الاحتياجات الأخرى، ولا تكفي أي عائلة".
وأثّر التخفيض على العائلات معدومة الدخل وتلك التي تعتمد على معيل واحد، إذ بلغت قيمتها 1075 سعرة حرارية، أي نحو نصف القيمة التي كانت تتضمنها السلة قبل التخفيض الأول في عام 2020.

يتلقى النازح عبد السلام أبو أحمد، سلة غذائية، ويقول لـ"العربي الجديد": "التخفيض الجديد ألغى الفاصولياء، وقلّص كمية الزيت النباتي وكيلوغرامات الأرز والبرغل إلى النصف، وباتت السلة الغذائية لا تكفي إلا لعدة أيام، وفي حال كان عدد أفراد العائلة يتراوح بين 7 إلى 10، يزداد الوضع سوءاً. أما القسيمة الشرائية التي تبلغ قيمتها 40 دولاراً فتسمح بشراء العائلة 10 كيلوغرامات من السكر ومثلها من الأرز ونصف كيلوغرام من الشاي. المشكلة أنه لا عمل، ولا مصادر دخل في المنطقة، ما يجعل تخفيض السلة الغذائية تجويعاً للناس".

ويوضح مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في شمال غربي سورية، بانييه سوفاتو، أن "قيمة السلة الغذائية 991 سعرة حرارية، وحصة الأسرة الواحدة التي تضم 5 أفراد في المتوسط تبلغ 8 كيلوغرامات من الأرز و3 كيلوغرامات من العدس الأحمر و4 كيلوغرامات من السكر وكيلوغرامين من الحمص و4 ليترات من الزيت النباتي، إضافة إلى 15 كيلوغراماً من الطحين".

ويعلّق في بيان جرى توزيعه: "ندرك أن فرق الإغاثة التي تعمل على الأرض ستواجه أسئلة من المحتاجين، لكن هذا التخفيض في حجم الحصة الغذائية هو الحل الأخير لضمان استمرار مساعدة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، والبرنامج سيواصل حث المانحين على زيادة تمويل الاستجابة لهذه الاحتياجات".

لا مراعاة لتداعيات الزلزال في تخفيض قيمة السلة الغذائية (بكر قاسم/ الأناضول)
لا مراعاة لتداعيات الزلزال في تخفيض قيمة السلة الغذائية (بكر قاسم/ الأناضول)

ويقول خالد العلي، الذي يعمل في إحدى المنظمات الإنسانية لـ"العربي الجديد": "تعتمد آلاف العائلات على السلة، إذ تحتوي على احتياجات العائلة الضرورية، مثل الأرز والبرغل والعدس والسكر والطحين، إضافة إلى الزيت النباتي الذي يعتبر من أهم مقتنيات السلة، ويقارب سعر الليتر الواحد منه دولاراً ونصف الدولار، ما يشكل عبئاً على النازحين في حال قرروا شراءه".

وفي 9 مارس/ آذار الجاري، عرض فريق "منسقو استجابة سورية" تفاصيل عمليات التخفيض الستة التي طرأت على قيمة السلة الغذائية، وأشار إلى أن التخفيض الأول حصل في يناير/كانون الثاني 2020، حين كانت قيمة السلة تبلغ 2066.2 سعرة حرارية، ثم انخفضت القيمة إلى 1855 سعرة بعد التخفيض الثاني في مارس/ آذار من العام ذاته، وبعدها إلى 1341 سعرة في سبتمبر/ أيلول 2021، ثم 1170 سعرة في مايو/ أيار 2022، وصولاً إلى 991 سعرة في التخفيض الأخير.

وأكد الفريق أن "التخفيض الأخير لا يتناسب مع تقييم الاحتياجات الإنسانية الخاصة بالمنطقة، ما يظهر العشوائية في اختيار المواد المخفّضة". كما استغرب إجراء التخفيض في ظل تأثر المنطقة بالزلزال، وعدم الأخذ في الاعتبار الحاجة الملحة إلى تأمين الغذاء. ورفض الفريق تبرير برنامج الأغذية العالمي التخفيض بزيادة عدد المستفيدين "لأن البرنامج يعمل وفق نظام تمويل مبني على الاحتياجات، كما يوجد تمويل آخر للبرنامج خاص بحالات الطوارئ".

المساهمون