تُسيطر حالة من الحيرة في قطاع غزة على آلاف الطلبة الفلسطينيين الراغبين في إتمام دراستهم الجامعية، في ظلّ تكدس البطالة في عشرات التخصصات الجامعية على صعيد شهادتي الدبلوم المتوسط أو البكالوريوس وقلة فرص العمل المتوفرة في سوق العمل.
ويلعب ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشبان دوراً في هذه الحيرة، إذ وصلت إلى 60% من أصل 54%، إلى جانب ارتفاع تكلفة الدراسة الجامعية وشحّ السيولة النقدية لدى العائلات في غزة والاعتماد على المساعدات الأممية.
وبحسب وزارة التربية والتعليم، فإن إجمالي المؤسسات الأكاديمية العاملة في القطاع يبلغ 23 مؤسسة تمنح درجتي الدبلوم المتوسط والبكالوريوس، فيما لا تقل أعداد الطلبة عن 80 ألف طالب يدرسون في مختلف هذه المؤسسات.
وشهدت السنوات الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في معدل الالتحاق بالمؤسسات الجامعية، إلى جانب تأجيل بعض الطلبة دراستهم عدة فصول أو سنوات دراسية في ظل غياب التوظيف الحكومي وكذا في القطاع الخاص.
في الأثناء، يقول مدير دائرة التوجيه والإرشاد بوزارة العمل في غزة صالح صهيون، لـ"العربي الجديد، إن قرابة 300 ألف شخص مسجلين على نظام سوق العمل الفلسطيني الباحثين عن فرص دائمة أو مؤقتة للعمل منهم 54% خريجو جامعات و43% عمال و3% مهنيون.
ويوضح، أنّ التخصصات الأكثر تعطلاً هي مهن التعليم ونسبتها 39% بإجمالي يصل إلى 63 ألف متعطل، إذ يعتبر تخصص التعليم الأساسي هو الأكثر بطالة.
ووفق المسؤول في وزارة العمل، فإن المهن المحاسبية بلغت نسبة المدرجين في بيانات سوق العمل بها 22%، والتخصصات الطبية 10%، وتخصصات التنمية الاجتماعية 8%، والمهن الهندسية 5.8%، وتخصصات الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات 4.9%، وتخصصات الصحافة 4.3%، فيما كانت تخصصات القانون 3.6%، والتخصصات الزراعية أقل من 1%، والمهن الفنية 0.5%.
ويؤكد صالح على أن سوق العمل بات متشبعاً بكافة التخصصات، رغم أن القدرة الاستيعابية محدودة على صعيد المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص أو حتى المؤسسات الدولية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
ووفق بيانات وزارة العمل في غزة، فإن معدل الخريجين الذين يتم ولوجهم إلى سوق العمل سنوياً يتراوح بين 18 ألفا و20 ألف خريج، إذ يحصل عدد بسيط فقط منهم على فرص عمل فيما يلتحق البقية بركب المتعطلين عن العمل.
بدوره، يقول مدير عام التعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي خليل حماد، إن التخصصات الإنسانية هي الأكثر من ناحية الدراسة والبطالة في السنوات الأخيرة، مع الإشارة إلى وجود ارتفاع ملحوظ مؤخراً في دراسة التخصصات العلمية.
ويضيف حماد في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن وزارته حينما تطرح وظائف يبلغ معدل التقديم قرابة 40 ألف شخص للحصول على فرصة عمل، في الوقت الذي تحتاج فيه الوزارة في أفضل الأحوال إلى 500 موظف فقط.
ويشير مدير عام التعليم الجامعي، إلى أن معظم التخصصات الجامعية المطروحة في الجامعات والكليات تشهد ارتفاعاً كبيراً في معدل البطالة، نتيجة لشح فرص العمل وإغلاق الأسواق العربية أمام استقطاب الخريجين الفلسطينيين.
ويلفت حماد إلى أن عدد المؤسسات الأكاديمية والتعليمية العاملة في القطاع يبلغ 23 مؤسسة تطرح عشرات التخصصات الجامعية المختلفة والمتنوعة، مع توجيه مؤسسات التعليم العالي على رفع معدلات القبول في بعض التخصصات من أجل ضبط معدلات التسجيل في ظل ارتفاع معدل البطالة فيها.
وبلغ عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة المؤهل للدراسة الجامعية خلال العام الدراسي المنتهي قرابة 88 ألف طالب وطالبة على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة، فيما بلغت نسبة النجاح 68% موزعين على كل الفروع.
في موازاة ذلك، يؤكد منسق الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيف الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور أن نسبة التراجع الحاصلة في معدل إقبال الطلبة على الدراسة الجامعية تبلغ نسبة 35% مقارنة مع ما كان عليه الواقع عام 2014.
ويقول الغندور لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد الطلبة المسجلين عام 2014 كان 95 ألف طالب فيما تراجع هذا العدد عام 2019 ليصل إلى 82 ألف طالب فقط ثم عاود الارتفاع قليلاً عام 2021 ليصل إلى 88 ألف طالب.
ووفق منسق الحملة الوطنية، فإن حالة التراجع قائمة رغم الارتفاع الحاصل في العام الأخير على اعتبار أن معدل التسجيل السنوي في الجامعات في الوقت الطبيعي يصل إلى 10 ألف طالب وطالبة في مختلف مؤسسات التعليم العالي.
ويرجع الغندور حالة التراجع الحاصلة في التسجيل إلى عدم مقدرة الطلبة المالية على التسجيل، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة والفقر وارتفاع تكلفة التعليم مقارنة بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للسكان في القطاع المحاصر.