تحقيق جنائي حول حريق مطمر نفايات في لبنان.. هل يكون مفتعلاً؟

13 سبتمبر 2024
حريق مطمر نفايات الجديدة، شمال شرق بيروت، لبنان، 12 سبتمبر 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اجتماع طارئ للجنة البيئة النيابية**: تم الاتفاق على تشكيل لجنة تقصّي حقائق وإجراء تحقيق جنائي لمعرفة أسباب الحريق في مطمر نفايات الجديدة، وحماية المطمر فوراً، والمطالبة بإقفال المطامر المشابهة.

- **تصريحات وزير البيئة ناصر ياسين**: أكد على ضرورة تحقيق قضائي وتدقيق في عمل المطمر، وتنفيذ استراتيجية لإدارة لامركزية للنفايات، وتقسيم لبنان إلى 17 منطقة، مع تعديل القوانين وتوفير التمويل اللازم.

- **تحذيرات بيئية وصحية**: أشارت منظمة "غرينبيس" إلى أن الحريق يمثل تهديداً للصحة العامة، ودعت إلى حلول مستدامة لإدارة النفايات لتجنب الأزمات الصحية والبيئية.

على خلفية الحريق الضخم الذي اندلع مساء أمس الخميس في مطمر نفايات الجديدة، الواقع عند ساحل قضاء المتن الشمالي، شمال شرق بيروت، عقدت لجنة البيئة النيابية في لبنان اجتماعاً طارئاً، اليوم الجمعة، جرى الاتفاق فيه على تشكيل لجنة تقصّي حقائق وإجراء تحقيق جنائي لمعرفة أسباب الحريق ومحاسبة الجهة المسؤولة عن تشغيل المطمر والإسراع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات.

واتّخذت اللجنة، وفقاً لما أعلنه رئيسها النائب غياث يزبك، قراراً يقضي بالطلب من محافظ جبل لبنان محمد مكاوي حماية المطمر فوراً، وذلك في "حلّ آنيّ" نظراً إلى أنّ بلدية الجديدة منحلّة، بالإضافة إلى إبلاغ وزارة الداخلية والبلديات بضرورة تطبيق تدابير السلامة في أثناء اندلاع الحرائق ووقوع الكوارث الطبيعية لحماية الناس، إلى جانب المطالبة بالشروع فوراً في إقفال كلّ المطامر التي تشبه مطمر الجديدة.

من جهته، قال وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، بعد الاجتماع، إنّ ثمّة تراكمات كبيرة تتعلّق بالمطمر وبإدارة قطاع النفايات في لبنان، لافتاً إلى أنّ المطلوب إجراء تحقيق قضائي، خصوصاً أنّ "المدير العام للدفاع المدني أشار إلى أنّ الحريق قد يكون مفتعلاً. لذلك سوف نبلّغ المدعي العام البيئي لإجراء التحقيق".

أضاف ياسين أنّ "ثمّة حاجة إلى التدقيق في عمل المطمر، والتأكد من الالتزام الكامل بالمواصفات أم عدمه، وإذا كان هناك نكّاشون (منقّبون في النفايات) وحراسة صحيحة وغيرها من الأمور الإدارية التي ينبغي أن تتوفّر وتُطبَّق من ضمن شروط مجلس الإنماء والإعمار الموضوعة لمتعهّد المطمر".

الصورة
حريق مطمر نفايات الجديدة - شمال شرق بيروت - لبنان - 12 سبتمبر 2024 (إكس)
لقطة تظهر موقع حريق مطمر نفايات الجديدة، شمال شرق بيروت، لبنان، 12 سبتمبر 2024 (إكس)

وشدّد ياسين على أنّه "إلى جانب ذلك، يجب الذهاب نحو تنفيذ استراتيجية وزارة البيئة التي تقوم على أساس إدارة لامركزية للقطاع، إذ قسّمنا لبنان إلى 17 منطقة على مستوى الأقضية، حتى نكون أمام منظومات متكاملة؛ من إصلاح المعامل وفرز من المصدر وإنشاء مطامر مناطقية وليس مركزية، وغيرها من النقاط التي تقتضي مناقشتها بصورة سريعة ومتسارعة مع نواب قضاء المتن الشمالي وبيروت، خصوصاً أنّ النقاش مع البلديات لم يؤدّ إلى نتيجة"، مضيفاً: "نحن أمام فرصة للتخلص من المطمر بصورة نهائية".

وتابع وزير البيئة أنّ الأمر يحتاج إلى "مواكبة من قبل مجلس النواب في التشريع وتعديل بعض المواد في قانون النفايات، من بينها تغطية كلفة إدارة القطاع حتى تتمكّن البلديات من إدارته، إلى جانب تعديلات أخرى، من بينها ما سوف نضعه في موازنة عام 2025، إذ إنّنا في حاجة إلى تمويل القطاع عبر الموازنة لإدارته بطريقة صحيحة، سواء من جانب البلديات أو الوزارات المعنية".

وأوضح ياسين أنّه "بصفتنا وزارة بيئة، لسنا مسؤولين مباشرة عن الإدارة اليومية (لقطاع النفايات)، فهذا من ضمن عمل مجلس الإنماء والإعمار مع المتعهّد. ونحن لا نتهرّب من مسؤولياتنا، وعلينا العمل لمنع الضرر الآن وفي المستقبل". وتابع: "نعتذر لأهالي ساحل المتن الشمالي لأنّ هذه جريمة وضرر كبير ما كان يجب أن يحصلا لو كنّا أمام إدارة فضلى لهذه المنشأة".

في الإطار نفسه، قال المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطّار، في تصريح نقلته وسائل إعلام لبنانية: "نحن أمام جبلَين من النفايات في مساحة كبيرة وبالقرب من خزانات للمحروقات، الأمر الذي قد يؤدّي إلى كارثة". أضاف: "لا نستبعد أن يكون الحريق في مطمر الجديدة (أمس الخميس) مفتعلاً، وقد شهدنا في الفترة الأخيرة ارتفاعاً في عدد الحرائق المفتعلة، وفي حوزتنا تسجيلات فيديو توثّق ذلك"، مشيراً إلى أنّ "على القوى الأمنيّة التحرّك ومحاسبة المسبّبين".

حريق مطمر نفايات الجديدة يهدّد الصحة العامة

وفي سياق متصل، رأت مسؤولة الحملات لدى منظمة "غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" فرح الحطاب، أنّ "هذا الحادث الكارثي يسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لمعالجة أزمة النفايات المستمرّة في لبنان. فمطامر (...) مكدّسة بكميات هائلة من النفايات غير المعالَجة، تؤدّي إلى تدهور بيئي وتمثّل تهديدات صحية خطرة".

أضافت الحطاب أنّ "الحريق أطلق دخاناً ساماً ناتجاً عن احتراق المواد العضوية وغير العضوية، مثل البلاستيك"، شارحةً أنّ "هذه النفايات تتحوّل إلى كتلة مشتعلة يصعب إخمادها وتستمرّ في التجدّد". وتابعت أنّ "الدخان السام يحتوي على مواد خطرة مثل غاز الميثان والديوكسينات والفورانات التي تمثّل تهديداً خطراً للصحة العامة، الأمر الذي يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض تنفسية وسرطانية".

ورأت الناشطة البيئية أنّ "هذا الحريق يُعَدّ تذكيراً صارخاً بأنّ لبنان لم يعد في إمكانه الاعتماد على حلول مؤقّتة لأزمة النفايات. البلد في حاجة إلى تنفيذ حلول فعّالة وعاجلة ومستدامة على المديَين القريب والبعيد، مع التركيز على تقليل النفايات وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها، ثمّ التخلص منها بطريقة آمنة". وحذّرت الحطاب: "إذا استمرّ الوضع على حاله، فإنّ لبنان سوف يواجه أزمات صحية وبيئية متكرّرة".

لغط بين مطمر نفايات الجديدة ومكب برج حمود

وفي متابعة لمجريات عمليات إخماد حريق مطمر نفايات الجديدة، أفاد مصدر في الدفاع المدني "العربي الجديد" بأنّ "الجهود مستمرّة لإنهاء العملية وتبريد المكان"، وقد عبّر عن أمله بأن "ننتهي اليوم من إخماده، لتخفيف الأضرار قدر الإمكان، خصوصاً الأضرار الصحية التي تهدّد السكان".

وكما جرت العادة في لبنان في ما يتعلّق بمختلف القضايا، تحوّل حريق مطمر نفايات الجديدة إلى مادة للاستغلال والتجاذب السياسيَّين بين الخصوم ونوّاب المنطقة، من أجل تقاذف المسؤوليات، ولا سيّما وسط "لغط" في تحديد موقع الحريق، مساء أمس. فقد أشارت أخبار إلى وقوع الحريق في مكب نفايات برج حمود الواقع في ضاحية بيروت الشرقية، مع العلم أنّه طاول في الواقع مطمر نفايات الجديدة، كما أنّ المكب والمطمر يقعان في منطقتَين متجاورتَين. حتى الدفاع المدني وقع في هذا اللغط، إذ أشار في بيان أوّل إلى أنّ الحريق اندلع في مكب نفايات برج حمود، قبل أن يُصار إلى التصويب. يُذكر أنّ "البلبلة السياسية" وقعت، إذ إنّ ثمّة تجاذبات كبيرة في ما يخصّ ملفّ مكب نفايات برج حمود، منذ سنوات.

المساهمون