ما تتخوف منه عائلة الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان، المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 79 يوماً، ليس فقط أن يستشهد بسبب عدم احتمال جسده مزيداً من الوقت في الإضراب من دون أي نوع من المدعمات والمحاليل الطبية، بل أن تستخدم إدارة السجون معه التغذية القسرية، خصوصاً مع تهديد النيابة العسكرية بذلك خلال إحدى جلسات المحكمة.
وفي مخيلة زوجته رندة موسى، كما تتحدث لـ"العربي الجديد" على هامش وقفة على دوار المنارة في رام الله وسط الضفة الغربية؛ عدد من الحالات لأسرى فلسطينيين استشهدوا بسبب التغذية القسرية تلك في السبعينيات والثمانينيات.
ورأت موسى زوجها عبر شاشة داخل محكمة سالم العسكرية المقامة غرب جنين شمالي الضفة الغربية، أمس الأحد، خلال جلسة عقدت لاتخاذ قرار بطلب الدفاع الإفراج عنه بكفالة، لتصف حالته بـ"المقلقة والمؤلمة".
وتعرض الأسير خضر عدنان، الذي يبلغ من العمر (44 عاما)، لأربع حالات إغماء في الجلسة أمس، أدت إحداها إلى سقوطه مع الكرسي بعدما طلب الحديث معها عبر تقنية الفيديو، ولتتعرض هي إثر ذلك لحالة إغماء، كانت تتوقع كما تقول أن تستيقظ وتجده قد استشهد، لكنه بقي صامداً على الأقل ليوم إضافي بعد تلك الحادثة التي رأتها.
تقول موسى، التي قدمت من بلدتها عرابة جنوب جنين (شمالي الضفة الغربية) مع أطفالها إلى رام الله، إن أكثر ما يقلقها رفض نقله إلى مستشفى مدني، رغم وضعه الخطير، مع العلم أن كل الأسرى الذين أضربوا سابقاً كانوا يُنقلون إلى المستشفيات بعد مدة معينة.
وتشير إلى أنه "لا يزال في ظروف سيئة داخل عيادة سجن الرملة"، وهي تفسر ذلك بمحاولة الاستفراد به، ولم تستبعد أن تجرى تغذيته قسرياً، لأن النيابة العسكرية كما قالت هددته بذلك في حال دخل بغيبوبة طويلة، مستندة إلى ما قالت إنه إذن من كنيست الاحتلال.
وحول التغذية القسرية، تقول إنها تجرى عبر أنبوب يُدخل من الأنف ليصل إلى المعدة، ولذلك آثار صحية سلبية خصوصاً في حال قاوم الأسير ذلك، فضلاً عن استشهاد عدد من الأسرى بسببه.
وتروي موسى أن أحد ضباط الاحتلال قال لها خلال عملية اعتقال عدنان الأخيرة من منزله، بأنه يتمنى تفجير رأس عدنان والقضاء عليه.
من جهته، يرى رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، في حديث مع "العربي الجديد"، في التطور الحاصل أمس من المحكمة العسكرية برفض الإفراج عن عدنان، مؤشراً على أنه حين اعتقله، كان يستدرجه لهذا الإضراب لكي يستشهد فيه وهو الذي اعتاد الإضراب في اعتقالاته الأخيرة الخمسة منذ العام 2012.
ويؤكد فارس أن تلك المحكمة كانت فرصة للاحتلال للخروج من الأزمة ونزع فتيلها بما يؤدي إلى إنقاذ حياة عدنان، لكنه لم يفعل، معتبراً أن ما يحرك الاحتلال هو الانتقام، وكأن له ثأراً مع عدنان، كما هو الحال مع باقي الفلسطينيين الذين يقتلهم بلا مبررات.
ونظم عدد من الناشطين والأسرى المحررين، اليوم الاثنين، وقفة تضامنية مع الأسير المضرب عن الطعام الشيخ خضر عدنان، على دوار المنارة وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
ورفع المشاركون صور الأسير عدنان مطالبين الجماهير الفلسطينية بالتضامن معه في ظل استمراره في الإضراب عن الطعام لليوم الـ79، ودخوله مرحلة الخطر.
كما هتف المعتصمون في رام الله لعدنان والأسرى، وضد سياسات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في الوقفة التي دعا إليها أهالي الشهداء، وخصوصاً أولئك الذين احتجز الاحتلال جثامينهم أو ما زال يحتجزها.
وقال محمود الأعرج، والد الشهيد باسل الأعرج، لـ"العربي الجديد": "إن هذه الدعوة تأتي وفاء لعدنان الذي لم يقصر في ملفات الأسرى والأسرى المضربين والشهداء"، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته، وكذلك كل مسؤول فلسطيني لم يتخذ الإجراءات ضد الاعتقال التعسفي لعدنان، فيما طالب الأعرج الجهات الرسمية بالتحرك حتى لو لم يحبوا عدنان، حسب وصفه.
بدوره، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، وهو أحد الذين خاضوا تجربة الإضراب عن الطعام؛ لـ"العربي الجديد"، "إن ما يقوم به الاحتلال عمل متعمد لقتل عدنان، وقتل الإرادة الفلسطينية المقاومة"، متوقعاً "صمود عدنان كما صمد سابقاً".
وأشار إلى أن "الشعب الفلسطيني والمقاومة لن يسمحوا بقتله"، ومتوقعاً "إطلاق الصواريخ من غزة وجنوب لبنان في حال مسه مكروه".
وكانت زوجة عدنان نظمت اعتصاماً طيلة الخميس الماضي تضامناً معه، بالتزامن مع جلسة المحكمة التي عقدت يومها دون اتخاذ قرار، حيث أرجئ القرار إلى الأمس الأحد، وكان سلبياً.
عدنان خضر صاحب 6 إضرابات
وعدنان خضر هو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، من بلدة عرابة جنوب جنين شمالي الضفة الغربية، وأب لتسعة أطفال، يواصل إضرابه عن الطعام لليوم التاسع والسبعين على التوالي رفضاً لاعتقاله. كما يواصل رفضه أخذ المدعمات وإجراء الفحوصات الطبية.
وأكد نادي الأسير الفلسطيني في بيانات سابقة أنّ "عدنان وصل إلى مرحلة صحية بالغة الخطورة، وأن مخاطر تعرضه للشهادة تتصاعد يوماً بعد يوم، إذ يقبع في سجن الرملة في ظروف مأساوية، وهو محتجز في زنزانة مزودة بالكاميرات، ويتعمد السجانون اقتحام زنزانته بشكل متكرر".
يشار إلى أنّ عدنان معتقل منذ الخامس من فبراير/ شباط الماضي، وكان قد أعلن إضرابه عن الطعام منذ لحظة اعتقاله، ولاحقاً، وجهت سلطات الاحتلال لائحة اتهام بحقّه. في المقابل، رفض الشيخ عدنان جميع ما ورد في لائحة الاتهام.
وكان عدنان قد خاض منذ عام 2012 خمسة إضرابات عن الطعام في سجون الاحتلال، معظمها ضد الاعتقال الإداري بلا تهمة أو محاكمة، أما إضرابه السادس فخاضه عام 2004.
وخاض عدنان إضراباً عام 2004 رفضاً لعزله، واستمر مدة (25) يوماً، وفي عام 2012 خاض إضراباً ثانياً واستمر مدة (66) يوماً، وفي عام 2015 مدة (56) يوماً، وفي عام 2018 مدة (58) يوماً، وفي عام 2021 خاض إضراباً عن الطعام استمر مدة 25 يوماً، وتمكّن من خلال هذه المواجهة المتكررة من نيل حريته، ومواجهة اعتقالاته التعسفية المتكررة.