كان هيروشي نيشياما (الأسماء الواردة في هذا التقرير الذي عرضه موقع "جابان توداي" مستعارة) يعمل بدوام جزئي في مصنع لتجهيز الأغذية عندما بدأ انتشار فيروس كورونا الجديد. يبلغ نيشياما 46 عاماً، وهو عازب، ويعيش مع والديه. احتياجاته قليلة، أما أجره فقد كان يبلغ 150 ألف ينّ (أكثر من 1400 دولار أميركي) شهرياً، ويكفيه في مثل هذه الظروف. أحبّ وظيفته، بما في ذلك ما تتيحه له من وقت للراحة. كان يعمل نوبة صباحية لا تتجاوز أربع ساعات، فيما بقية اليوم ملكه. لكنّ حالة الطوارئ التي أُعلنت في مارس/ آذار الماضي غيرت الأمور، إذ تقلصت أعمال الشركة التي يعمل فيها، والتي تبيع المأكولات الجاهزة لعدد من المدارس والمكاتب، بعد الإغلاق، فتدنى دوام عمله، ومعه راتبه. لكن، ماذا لو سُرِّح كلياً؟ ماذا يعني أن تكون عاطلاً من العمل في مثل هذه السنّ؟ هكذا بحث عن عمل، وكانت محطة وقود في الحيّ تبحث عن موظف للعمل في نوبة ليلية. تقدم نيشياما بطلب، وحصل على الوظيفة، ليكسب الآن 350 ألف ينّ (3320 دولاراً) في الشهر.
أما كين كيمورا، فقد كان طوال حياته مهتماً بالملابس والأزياء. الوظيفة التي حصل عليها بعد تخرجه تناسبه تماماً، إذ كان العمل بدوام جزئي وبأجر منخفض (نحو 1890 دولاراً)، لكن في متجر لبيع الملابس في محافظة إيواتي الريفية. يبلغ من العمر 34 عاماً، وهو متزوج، لكن من دون أطفال. كلفة المعيشة المنخفضة والطموحات المتواضعة، إلى جانب بيئة العمل المقبولة، يمكن أن تجعل الحياة سعيدة. كان كيمورا سعيداً بالفعل، لكنّ التسريح المفاجئ بسبب الفيروس، جعل العالم قاتماً في ناظريه. كان الأمر مفاجئاً جداً، إذ ما الذي ينبغي له فعله؟ بدأ مرحلة اكتئاب قبل أيّ تفكير جدّي، لكنّه أخيراً قرر أن يبدأ البحث عن عمل. خوفاً من الإصابة بالفيروس، بحث عبر الإنترنت، وعثر في النهاية على فرصة بدوام جزئي في متجر للهواتف الذكية. كانت معرفته ضئيلة، ومؤهلاته معدومة، لكنّه اعتبرها مجرد بداية. مع ذلك، أدى الفيروس سريعاً إلى انخفاض المبيعات، وكان رئيسه سريع الانفعال. يقول: "كنت أشعر بأنّي محطم"، كذلك كان هناك خوف دائم لديه من العدوى في أثناء تعامله مع الزبائن، وهو ما عمّق اكتئابه ودفعه إلى ترك العمل. لاحقاً، بات يتنقل بين أعمال عدة بدوام جزئي ولا يستمر، والآن لا يكسب أكثر من 900 ينّ (8.5 دولارات) في الساعة، في ورشة لصيانة الهواتف المحمولة. يعلّق: "كلّ ما أطلبه، قليل من الاستقرار في الحياة".