تجارب قاسية لملايين النازحين في السودان

14 ابريل 2024
نازحة من ود مدني إلى القضارف في ديسمبر 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحرب في السودان أدت إلى نزوح غير مسبوق يتجاوز 8.5 ملايين شخص، مما خلق أكبر أزمة نزوح عالمية، مع عودة بعض النازحين إلى العاصمة رغم الدمار.
- الأوضاع الإنسانية تدهورت بشكل كبير، مع انهيار النظام الصحي وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، مما يزيد من معاناة النازحين الذين يعتمدون على المساعدات.
- الأزمة تواجه إهمالاً دولياً رغم تحذيرات الأمم المتحدة، مع تدخلات خارجية قد تطيل أمد الصراع وتزعزع استقرار المنطقة، مما يهدد بتفاقم الأزمة وزيادة تدفق اللاجئين نحو أوروبا.

تسببت الحرب المندلعة منذ عام في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في نزوح أكثر من 8.5 ملايين شخص من منازلهم، ما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم اضطرت فيها عائلات إلى فعل ذلك مرات، واخرى إلى الهروب إلى دول مجاورة تعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية. وأخيراً، أجبرت التحديات المالية بعض السودانيين على العودة إلى العاصمة التي عصفت بها الحرب.

يقول محمد إسماعيل الذي فرّ إلى مصر إنّ طموحاته تنحصر في توفير طعام لأطفاله الخمسة من راتب شهري ضئيل يبلغ نحو 100 دولار يتقاضاه مقابل عمله في مصنع ورق بمدينة الجيزة. وأوضح إسماعيل أنّ دوافع هروبه مع عائلته من السودان أمنية أكثر من كونها اقتصادية. ويخبر أن ابنه إسماعيل البالغ 7 سنوات لا يستطيع حتى الآن إلا النوم إلى جواره بسبب الصدمة التي تعرض لها من سماع الانفجارات قبل أن تهرب العائلة من ضواحي الخرطوم في يناير/ كانون الثاني الماضي.

أيضاً، قال أحمد الذي فرّ مع زوجته وأطفاله الأربعة من مدينة ود مدني (وسط) حين بدأت الحرب: "سحبتنا قوات الدعم السريع من سيارة واستولوا عليها، ثم توجهنا شرقاً إلى مدينة القضارف حيث توفيت والدة زوجتي بعد رحلة شاقة استمرت ثلاثة أيام. ولاحقاً دفعت أموالاً لمهربين للقدوم إلى مصر. لقد تحطمت حياتنا بسبب الحرب". 

واللافت أن أكثر من 3 ملايين كان يعيشون بلا مأوى في السودان بسبب صراعات سابقة قبل الحرب الحالية، ومعظمهم في دارفور، حيث اتُهمت قوات الدعم السريع وحلفاؤها بارتكاب أعمال عنف على نطاق واسع خلال الأشهر الـ12 الماضية.

ورغم أن أجزاءً من السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا على صعيد المساحة، لم تتضرر نسبياً، يعتمد نازحون كثيرون على المساعدات الخيرية في ظل مواجهة نحو 5 ملايين جوعاً شديداً. أيضاً يُعتبر النظام الصحي في حالة انهيار، ما سمح بتفشي أمراض منها الحصبة والكوليرا. وتقول وكالات إغاثة إنّ "الجيش يقيد وصول مواد الإغاثة الإنسانية، كما أنّ الكميات القليلة التي تدخل تتعرض لخطر النهب في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع".

وعلى الأرض، لم تستطع "غرف طوارئ" التي يديرها متطوعون وترتبط بمجموعات مؤيدة للديمقراطية تشكلت خلال الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، إلا تقديم الحدّ الأدنى من المساعدات الغذائية، والحفاظ على استمرار بعض الخدمات الأساسية.

ويحاول عشرات الآلاف البحث عن مأوى في أنحاء مدينة بورتسودان التي يسيطر عليها الجيش، لكنهم يتساءلون عمّا ينتظرهم في المستقبل. وقالت مشاعر علي، وهي أم لثلاثة أطفال تعيش في مركز للنازحين بالمدينة التي تطل على البحر الأحمر: "تجربة النزوح قاسية جداً، ولم يتخيل أحد أنها ستحدث يوماً".

ويؤكد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن "الحرب تسببت في إحدى أسوأ موجات النزوح والأزمات الإنسانية في العالم، كما أنها من الأزمات الأكثر إهمالاً وتجاهلاً رغم أن آثارها وتداعياتها غير عادية على الناس". وحذر من أن مزيداً من اللاجئين السودانيين قد يتوجهون إلى أوروبا إذا لم يتلقوا مساعدات.

وتستمر أزمة النزوح بينما يهدد تدخل قوى منها الإمارات وإيران بإطالة أمد الصراع وزعزعة استقرار المنطقة المحيطة بالسودان. وأخيراً، توقفت صادرات النفط من جنوب السودان التي تمر عبر السودان وتشكل مصدراً مهماً للدخل، بسبب الحرب، ما رفع الأسعار.

(رويترز)

المساهمون