تبعات العدوان الإسرائيلي تضاعف معاناة الحوامل في غزة

20 يوليو 2024
لا تتوفر الرعاية الطبية لغالبية الحوامل (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تواجه النساء الحوامل في غزة نقصًا حادًا في الرعاية الصحية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي، مما يزيد من مخاطر الحمل والولادة.
- تعاني النساء من سوء التغذية والظروف غير الصحية في مراكز النزوح، حيث تفتقر هذه الأماكن للنظافة والخصوصية، مما يزيد من مضاعفات الولادة.
- تتعرض النساء لمخاطر إضافية بسبب القصف والهلع، مما يؤدي إلى مضاعفات مثل النزيف والإجهاض، مع نقص حاد في الرعاية الصحية والأدوية.

تواجه آلاف النساء الحوامل تحديات مركبة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بفعل التهجير القسري والظروف المعيشية المتردية، إذ يفتقرن إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، ولا تتوفر لهن الرعاية الصحية الأساسية.

ويقترب عدد النساء الحوامل في قطاع غزة من 60 ألف امرأة وفق تحديث أخير للمكتب الإعلامي الحكومي، وهن يعانين من جراء الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وتشديد الحصار المطبق بعد سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح، ومنع دخول المستلزمات الأساسية، الأمر الذي تسبب بنقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية والفيتامينات اللازمة لصحة الأم والجنين.
تعاني الثلاثينية الفلسطينية عبير إنشاصي الحامل في شهرها الثامن من انتفاخ في أقدامها وشعور دائم بالدوار وعدم التوازن، فيما تزيد الأجواء غير الصحية داخل خيمة النزوح قسوة الأزمات التي واجهتها طوال حملها. تمكنت إنشاصي من الحصول على موعد مع طبيبة نساء لزيارتها في خيمة النزوح بفعل عدم قدرتها على مغادرتها نتيجة المضاعفات التي تعاني منها.

نحو 95% من نساء غزة الحوامل يعانين من تبعات سوء التغذية

وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "العيش داخل الخيام صعب للغاية، وتتضاعف صعوبته لدى الحوامل نظراً لحاجتهن إلى الرعاية والمتابعة الدائمة التي تساعدهن على اجتياز المراحل الحرجة بأمان. أعيش مخاوف مستمرة من تعرضي أو تعرض جنيني للخطر بفعل الأوضاع غير الطبيعية التي رافقت فترة الحمل، والتي شملت تكرار النزوح من مدينة غزة إلى مخيم الزوايدة، ثم إلى مدينة رفح، وبعدها إلى مخيم النصيرات، وأيضاً النقص الحاد في الأدوية والمواد الغذائية، وحتى الماء الصالح للشرب، علاوة على القلق الدائم من القصف الذي لم تسلم منه أي منطقة، بما في ذلك المناطق التي يدعي الاحتلال أنها آمنة". 
أما الفلسطينية سماح الشيخ ديب، الحامل في شهرها الأخير، فتوضح لـ"العربي الجديد"، أنها لم تتمكن من متابعة حملها بشكل طبيعي كما حدث في حملها الأول، وصولاً إلى ولادة طفلها البكر "أيهم"، ما يخلق لديها شعوراً دائماً بالقلق من حصول مضاعفات أثناء الولادة، خاصة في ظل النقص الحاد بأدوات الرعاية الصحية، وغياب قدرة القطاع الصحي على التعامل مع أي طارئ قد تتعرض له.

الصورة
ظروف النزوح تفاقم المخاطر على الحوامل (عبد زقوت/الأناضول)
ظروف النزوح تفاقم المخاطر على الحوامل (عبد زقوت/الأناضول)

ويزيد من قلق الشيخ ديب سماعها عن العديد من حالات الوفاة أو فقدان الجنين بسبب مضاعفات الولادة، وهي مضاعفات ناتجة عن الأوضاع الصحية والغذائية والنفسية المتردية التي تسبب بها العدوان الإسرائيلي المتواصل، تقول: "كنت أتناول المعلبات طوال فترة حملي، وغابت الوجبات الصحية الغنية بالحديد والفيتامينات بفعل نقص المواد الغذائية وغلاء الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي. تعاني جميع النساء الحوامل لتوفير الأدوية اللازمة لمراحل حملهن على نفقتهن الخاصة، فهناك نقص شديد في الأدوية، وفي المرافق الصحية، إلى جانب المخاطر التي تتعرض لها النساء بفعل القصف".
وترافق المخاطر النساء في مختلف مراحل الحمل، خصوصاً مع ظروف الحياة داخل الملاجئ ومراكز الإيواء التي تفتقر إلى أدنى درجات النظافة أو الخصوصية، وتفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بأن نحو 95% من سيدات غزة الحوامل يعانين من سوء التغذية. كما تسببت الأوضاع الخطيرة، وصعوبة الوصول إلى المرافق الصحية إلى اضطرار كثير من النساء للولادة داخل الخيام أو مراكز النزوح، ما يفاقم خطورة الواقع الكارثي. ويقدر الأطباء حدوث قرابة 180 حالة ولادة يومياً في ظل ظروف غير صحية، وتعرض نحو 15% من الحوامل لمضاعفات الولادة، ما يهدد حياتهن وحياة أجنتهن، عدا عن مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة. 

تقول الطبيبة الفلسطينية أميرة أبو سيدو إنّ "القصف المتواصل وحالات الهلع المنتشرة تصيب الحوامل بأخطار عدة، من بينها النزيف، ما قد يؤدي إلى الإجهاض أو تعريض حياة الجنين أو الأم للخطر"، وتوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ "غالبية نساء غزة الحوامل تعرضن خلال فترة الحرب لسوء التغذية، في حين تتطلب فترة الحمل مضاعفة التغذية والحصول على وجبات خاصة، لكن الحصار المشدد ونقص المواد للغذائية يحول دون ذلك".

وتبين أبو سيدو أن "النساء الحوامل يعانين بأشكال مختلفة خلال العدوان، سواء بسبب التنقل المتواصل وسط بيئة غير صحية، أو تفشي القلق والخوف وانعدام الأمن والخصوصية، وأيضاً بفعل النقص الحاد في الرعاية الصحية، إذ تتطلب حالات الحوامل رعاية خاصة على مدار أشهر حملهن، علاوة على الظروف غير الطبيعية للولادة الناتجة عن الواقع الصحي المتردي، وشح المستهلكات الطبية، ونقص الأدوية اللازمة لتأمين وتسهيل عملية الولادة". 

المساهمون