أنجز سكان بلدة الثعلة الواقعة في الريف الغربي لمحافظة السويداء جنوبيّ سورية، العديد من خدمات البنية التحتية الأساسية على حسابهم، وبدعم من المغتربين، لتتخلص البلدة من مشاكل الكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها من الخدمات، في خطوة لاقت استحسان أغلب سكان المحافظة، فيما عبّر آخرون عن استيائهم، باعتبار أن تلك مهمة الحكومة، لا الأهالي.
يقول إياد سليقة، عضو لجنة المتابعة مع مؤسسات النظام في بلدة الثعلة: "أنجزت فعاليات المجتمع الأهلي في البلدة مشروع تركيب منظومة طاقة شمسية لمقسم الاتصالات لضمان استمرارية عمله في تزويد المواطنين على مدار الساعة بالإنترنت".
وذكرت وكالة سانا التابعة للنظام السوري، أن المشروع تمّ بدعم من أهالي البلدة وأبنائها المغتربين، وبإشراف فرع الشركة السورية للاتصالات، لتأمين الطاقة اللازمة لتغذية مدخرات المقسم في ظل تكرار انقطاع الكهرباء.
المبادرة نفسها استفادت منها قرى الدارة، والأصلحة، وسكاكة، وهي مخصصة للإنترنت، لا للاتصالات، بحسب مصدر في الشركة السورية للاتصالات التي وقّعت العقد مع لجنة المتابعة في البلدة. وقام سكان عدد من البلدات والقرى بمبادرات مشابهة من أجل تركيب منظومات طاقة للمقاسم، كما في بلدة شقا، التي كان سكانها البالغ عددهم 12 ألف نسمة يعانون من تكرار انقطاع الاتصالات.
ويقول مدير تحرير موقع الراصد المحلي، سليمان فخر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه المبادرة، على أهميتها بالنسبة إلى السكان، تعتبر سابقة في المحافظة، وهي خطيرة في مضمونها، لكونها تمهد الطريق لباقي المناطق كي تحذو حذوها، والحكومة وشركات الاتصالات المسروقة لصالح أذرع النظام تجني المليارات من دون أن تدفع أي تكلفة، ومن دون أن تخفف عن أصحاب هذه المبادرات الضرائب". وأوضح فخر أنّ "أيّ عطل في منظومة الطاقة تتكفل بإصلاحه لجنة المتابعة في البلدة، وهذا استنزاف للمغتربين الذين وجدوا أنفسهم بديلاً من النظام في تقديم الخدمات عبر دفع المال".
ويرى محمد حبيب، من بلدة الثعلة، أن مبادرة أبناء بلدته كانت ضرورة ملحة، ويضيف لـ"العربي الجديد": "مستقبل طلبة الجامعات والمدارس أهم من كل الأموال، ولم يكن هناك أي بديل، فالحكومة لم تعد تهتم بأي شيء، وتركت الجمل بما حمل للسكان، أو كما نقول في البلدة، ليقلعوا شوكهم بأيديهم، فلم يكن أمامنا كمغتربين أي خيار سوى الدفع، ولم ندفع فقط في مبادرة الاتصالات، بل إن هناك مبادرات أخرى قام بها المجتمع المحلي في الثعلة، إذ أنجزوا خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مشروع ربط آبار المياه المغذية للبلدة بشبكة الكهرباء لضمان استمرار عملها، وتأمين ضخ المياه للمواطنين بدلاً من اللجوء إلى شراء صهاريج المياه المكلفة، وتحكم عمال الشبكة بحياة الناس، وهو أيضاً اتفاق موثق مع مؤسسة المياه في السويداء".
ولفت حبيب إلى مبادرة ثانية شملت تركيب منظومة طاقة على سطح مبنى البلدية لتسهيل عمل الموظفين، وعدم تعطيلهم عن تقديم الخدمات للمواطنين، بحجة عدم توافر الكهرباء، وبهذا أصبحت البلدة تمتلك جميع الخدمات الأساسية.
في المقابل، رفض مغتربو بلدة عرمان الواقعة في الريف الجنوبي لمحافظة السويداء، القيام بهذه المبادرات على نفقتهم، على الرغم من أن سكان البلدة يعتبرون من الأغنياء في المنطقة. يقول حازم الصفدي، من أبناء عرمان، لـ"العربي الجديد": "لا يخفى على أحد الدور الأساسي للمغتربين وأموالهم في إحياء اقتصاد المحافظة، وتمويل تجهيز وصيانة الخدمات الإنسانية، فالسويداء فقيرة بمعنى الكلمة، فلا بترول، ولا ثروات معدنية، والدولة لا تقيم مشاريع استراتيجية فيها، وليس لديها منافذ حدودية، والزراعة تعاني من مشاكل كثيرة تحدّ من إنتاج الفلاحين".
ويؤكد الصفدي توجه السكان نحو السفر بغرض تحسين أوضاعهم، وتقديم الدعم إلى أهلهم الباقين في سورية، لكن
السلطة رغم ذلك لا تدعهم وشأنهم، وظهرت خلال الفترة الأخيرة دعوات حزبية تطالبهم بإثبات وطنيتهم عبر مطالبتهم بتمويل مشاريع حكومية، مثل مطالبتهم بدعم بريد عرمان بمنظومة طاقة شمسية بتكلفة تتجاوز 5 آلاف دولار، لكن الأمر لم يتم، نظراً لوعي المغتربين لخبث هذه الدعوات.
وتطور الفساد في قطاع المياه، وصولاً إلى تعطيل موارد المياه، ومطالبة حزب البعث المغتربين بدفع مبالغ كبيرة لإصلاح الأعطال وإعادة ضخ المياه، وآخر ابتكاراتهم كان طلب تمويل ملعب رياضي بمبلغ 70 ألف دولار، رغم أن ملكيته تعود للاتحاد الرياضي. وحسب حبيب، فقد رُفضت كلّ هذه المطالبات من المغتربين، واعتبارها ابتزازاً لهم.