تأخر صرف مساعدات الأسر الأشد فقراً يُفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

12 ابريل 2023
من فعالية سابقة لمطالبة الحكومة بصرف المستحقات للفقراء (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تتمكن الفلسطينية حليمة أبو جليلة من مُخيم جباليا للاجئين، شمال قِطاع غزة، وهي أرملة مُنذ عامين ونصف، من سداد أبسط التزامات واحتياجات أسرتها اليومية، بفعل تأخر صرف دفعات الشؤون الاجتماعية الخاصة بالأسر الفقيرة مُنذ نهاية عام 2021.

وتتشارك 81 ألف أسرة فقيرة من قِطاع غزة الهَم ذاته، إذ حُرمت من صرف مخصصاتها المالية من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله، والتي من المفترض أن تُصرف كُل ثلاثة أشهر، ويُساهم الاتحاد الأوروبي بنحو 50% من الدفعة الواحدة، بينما تدفع السلطة النصف الآخر من موازنتها.

وتُرجِع السُلطة الفلسطينية سبب عدم صرف مخصصات الأسر الفقيرة إلى الأزمة المالية، بينما ترى العديد من الجهات الفلسطينية، سواء الوطنية أو الأهلية أو الشعبية، أن عدم صرف الحكومة مُستحقات منتفعي الشؤون الاجتماعية، رغم توفّر جزءٍ من الموازنة المُخصّصة، لا يعدو كونه تهربا من المسؤولية تجاه متطلبات الأسر الفقيرة، واعتداء على حقوقها المشروعة والمكفولة والمُستَحقة.

وتقول أبو جليلة، التي تُعاني أوضاعاً اقتصادية غاية في السوء، في الوقت الذي تُحرم فيه من الحصول على المُخصصات المالية، إن الأوضاع أثّرت على قدرتها على دفع إيجار المنزل لصاحبه الذي يُهددها وعائلتها بالطرد في حال عدم السداد، مُضيفة: "لا نطلب سوى حقنا، فقد بتنا عاجزين عن توفير أبسط الاحتياجات والالتزامات اليومية".

فيما توضح شريكتها في الواقع الصعب منال الحواجري (53 عاما)، لـ"العربي الجديد"، أنها لم تعد تتحمل أعباء الحياة ومُتطلبات أولادها وبناتها وحدها، إذ باتت تُحرم من مصدر الدخل الوحيد الذي بدأ صرفه بعد وفاة زوجها، داعية كل الجهات المعنية إلى صرف مخصصات الأسر "الفقيرة والمُعدمة".

ويبلغ عدد الأسر المُستفيدة من مخصصات الشؤون الاجتماعية 116 ألف أسرة في فلسطين، منها 81 ألف أسرة في قطاع غزة، وتضم 53 ألفاً من ذوي الإعاقة، و28 ألفاً من كبار السن والمرضى، و37 ألفا من المطلقات والأرامل، بينما تصل نسبة الأسر المنتفعة من شيكات الشؤون الاجتماعية وأولادها دون سن الخامسة عشرة إلى 40.5%.

ولم يتمالك الثلاثيني الفلسطيني حسن ماضي، وهو شخص من ذوي الإعاقة الحركية، دمعه حين بدأ حديثه لـ"العربي الجديد" عن أزمة تأخر صرف مُخصصات الشؤون الاجتماعية منذ ما يزيد عن العام ونصف، وهي مصدر الدخل الوحيد للأسر الفقيرة والمتعففة.

ويوضح ماضي أن شيكات الشؤون تُعتبر السند الحقيقي والوحيد للأسر الفقيرة، في ظل انعدام مصادر الدخل الأخرى، داعيا الجهات المُختصة إلى الوقوف بجانب تلك الأسر، وصرف مستحقاتها المالية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها.

أما الفلسطيني محمد الحرازين، من حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وهو من ذوي الإعاقة الحركية (مُستفيد من شيكات الشؤون)، فيقول إنه قام بصرف آخر شيك قبل عام ونصف، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وأضاف: "من حقي الحصول على المُخصص المالي بالكامل، فأنا أعيل أسرة مكونة من خمسة أشخاص، دون وجود أي مصدر دخل إضافي".

في هذا الإطار، يوضح الناطق الإعلامي للهيئة العليا للمطالبة بحقوق فقراء ومنتفعي الشؤون الاجتماعية صبحي المغربي أن أزمة عدم صرف شيكات الشؤون في تفاقم مُستمر، حيث "لم تلتزم الحكومة الفلسطينية بصرف حقوق الأسر الفقيرة، والفئات الهشة والمهمشة، وقد وصلت الذمة المالية على السلطة الفلسطينية للفقراء إلى حوالي 2.5 مليار شيكل". (الدولار يساوي 3.6 شيكلات تقريبا).

ويُبين المغربي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ملف الشؤون الاجتماعية بات "ملفا شائكا، بدأت أزمته منذ عام 2017، وهو العام الذي بدأ فيه تقليص الدفعات"، حيث تم تقليص شيك واحد، أما في الأعوام ما بين 2018 حتى 2020 فتم تقليص شيكين من أصل أربعة شيكات (يُصرف شيك كُل ثلاثة أشهر)، فيما كان عام 2021 خاليا تماما من صرف أي شيك، بحُجة أن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بوعوده، مُبينًا أن تلك الأسباب ليست سوى "مُماطلة وتسويف لعدم صرف المُستحقات".

ويُشدد المغربي على أن شيكات الشؤون الاجتماعية ليست على سلم أولويات السلطة الفلسطينية، خاصة في ظل استحواذ الاحتلال الإسرائيلي على عوائد الضرائب، ويقول: "عوائد الضرائب ليست المشكلة، حيث يُغطي الاتحاد الأوروبي 66 ألف أسرة مستفيدة من شيكات الشؤون في قطاع غزة"، ودعا إلى زيادة المُخصص المالي لتغطية كافة الأسر في غزة والضفة.

وتُنظم الأسر الفقيرة وقفات احتجاجية بشكل متواصل أمام مقر وزارة التنمية الاجتماعية، لمُطالبة الحكومة بصرف مخصصات الشؤون، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، والغلاء الذي وصل إلى المستلزمات الحياتية كافة.

ويُعاني قِطاع غزة المُحاصر إسرائيليا مُنذ عام 2006 من أوضاع اقتصادية مُتردية، أثّرت على مُختلف نواحي الحياة، كما تفاقمت نسب الفقر التي وصلت إلى حاجز 80%، ونِسب البطالة التي تجاوزت نسبة 65%، فيما تعتمد نحو 80% من الأسر في غزة على المُساعدات الإنسانية والإغاثية.

المساهمون