بيع المياه ينتعش في بلاد الرافدين مع اتساع رقعة الجفاف

29 يونيو 2022
شحّ المياه خلق داخل المجتمع وظائف جديدة مثل باعة المياه (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

تتسع في مدن جنوب ووسط العراق، ظاهرة بيع المياه التي تستخدم عادة في الطبخ والشرب والاستحمام من قبل الأهالي، وذلك بالتزامن مع اتساع رقعة الجفاف وتكرار انقطاع المياه عن المدن والأحياء السكنية أو تلوثها.

ووجد الكثير من المستثمرين في معامل تنقية وتعبئة المياه، تجارة رابحة ومضمونة، ما أدى إلى اتساعها بشكل كبير خلال العامين الماضيين، إلى جانب بيع الأحواض المنزلية وبرادات المياه التي بات العراقيون لا يستغنون عنها في منازلهم.

ويقول عراقيون، إنهم ينفقون مبالغ متفاوتة على شراء المياه شهرياً وباتت تعتبر من ضمن المصاريف اللازمة على غرار مصاريف شراء الكهرباء الأهلية عبر المولدات، بسبب عجز الحكومات المتعاقبة عن حل أزمة الطاقة منذ قرابة العقدين من الزمن.

علي المياحي صاحب معمل لتعبئة المياه يقول لـ"العربي الجديد"، إنهم يبيعون المياه في المناطق التي لا تصل إليها عبر شبكة الأنابيب، أو تلك التي تصل إليها مياه لا تصلح للاستهلاك الآدمي.

ويضيف المياحي: "هنالك طلب كبير، بالنظر لحاجة المواطنين إلى كميات كبيرة من المياه، واستنتجنا ذلك من خلال عدد السيارات الحوضية التي نرسلها للمناطق وكانت سابقا أقل بكثير من الآن بواقع 6 أضعاف عما كان عليه عام 2017 مثلا".

من جهة ثانية، دفعت أزمة المياه مواطنين إلى هجرة مناطقهم.

عبطان الخزاعي يسكن في بلدة المحاويل الواقعة جنوب غربي محافظة بابل 116 كيلومترا جنوبي العاصمة بغداد يقول لـ"العربي الجديد"، إن "الحياة لم تعد سهلة في منطقتنا. لا يوجد ماء للشرب، ولا للاستخدامات الأخرى، حتى السيارات الحوضية التي تنقل لنا الماء أصبحت تتأخر، ناهيك عن العبء المالي الإضافي الذي يفرض علينا حتى نحصل على الماء".

مضيفا: "أحيانا كانت تصل إلينا شاحنات تنقل المياه سببت تسمماً وأمراضا كثيرة، كنا قبل ذلك ننعم بفضل الله حين كانت المياه متوفرة، الزراعة مزدهرة، مياه الشرب متوفرة الحياة عامرة، لكن بعد ذلك هاجرنا وتركنا مالنا".

ويتحسر على تحول العراق إلى بلاد بلا رافدين يعيش سكانها العطش وتسودها المناطق الجافة وتتدهور زراعتها: "كل شيء يتغير للأسوأ".

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية علي راضي لـ"العربي الجديد"، عن هذه الأزمة وصعوبة معالجتها.

ويقول إنه "بعد انخفاض حصص العراق المائية أصبحنا ملزمين بتقنين المياه ووضع خطة لتوزيعها بمناطق وقطاعات، هنالك أولويات توضع للاهتمام أولا بتوليد الطاقة ومياه الزراعة والشرب، إضافة إلى تخزين كميات كخزين مائي".

مبينا أن "هناك مناطق وقرى تعرضت للجفاف وهاجر ساكنوها وتركت الزراعة فيها بسبب عدم وجود المياه، هذا الخطر قد يزداد أكثر إذا استمرت دول الجوار بهذا الحصار دون أن تساعد العراق أو تتقاسم معه الضرر، نحن الآن نستخدم جزءاً كبيراً من الخزين المائي ويعني هذا لو استمر الجفاف للعام المقبل والذي بعده، فسنكون أمام خطر أكبر قد يوسع دائرة المناطق التي لا يوجد فيها مياه للشرب".

ويطالب راضي المواطنين بضرورة ترشيد استخدام المياه، لأن الخطر لو حل فسيشمل الجميع وسيعرض البلاد لأزمة كبيرة، ويقول: "ليس منطقياً بعد الآن هدر المياه، حتى أن الزراعة مازال الري فيها بطرق قديمة تضيع الماء، لذلك هذه دعوة للالتفات لهذا الأمر من قبل المواطن العراقي".

أما في العاصمة بغداد، فيقول المواطن العراقي علي لافي جبارة، إنهم ينفقون ما لا يقل عن 100 دولار شهريا لشراء مياه الشرب عبر القوارير ونفقات أخرى متعلقة بالفلاتر والمعقمات الأخرى مثل مكعبات الكلور وغيرها، إذ لم تعد المياه الواصلة تنفع في الاستهلاك البشري.

مضيفا لـ"العربي الجديد"، أنّ شحّ المياه خلق داخل المجتمع وظائف جديدة مثل باعة المياه ومعدات ومستلزمات تعقيمها، وصولا إلى متعهدي حفر الآبار بالمناطق. معتبرا أن وزارة المياه تلتحق بوزارة الكهرباء في الفشل بإيصال الخدمات.

المساهمون