استمع إلى الملخص
- النازحون مثل رضا علاق وبتول كنعان وجدوا الأمان في هذه الملاهي، حيث تقدم المنظمات غير الحكومية مساعدات غذائية، بينما تعبر فاطمة صلاح عن رغبتها في الهجرة لحماية أطفالها.
- يعيش النازحون في ساحة الشهداء بظروف صعبة، حيث يحاولون نصب خيام بلاستيكية، ويعبر موسى علي عن خوفه على أطفاله من القصف المستمر.
عند مدخل ملهى ليلي في وسط بيروت، لوحة كبيرة كُتب عليها بالإنكليزية "قواعد اللباس: أنيقة وغير رسمية". لكنّ نزلاء الملهى، في الوقت الراهن، نازحون من مناطق يستهدفها العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، وقد هربوا بما عليهم من ملابس خوفاً من الموت. وعوضاً عن زبائنه السابقين المرفّهين، يستضيف ملهى "ذا سكين" أو "المكان الذي يجب عدم تفويت رؤيته في بيروت"، وفقاً لأحد المرشدين السياحيين، عائلات نازحة هجّرها القصف الإسرائيلي المتواصل منذ نحو عشرة أيام، من الضاحية الجنوبية لبيروت ومن جنوب لبنان وبقاعه (شرق).
تقول مديرة الشركة التي تدير الملهى غاييل عيراني لوكالة فرانس برس: "قرّرنا فتح أبوابنا في يوم الانفجار الكبير (الذي اغتيل فيه الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله) في الضاحية الجنوبية لبيروت". تضيف أنّ "400 شخص يقيمون في الملهى الليلي، في الوقت الراهن، إلى جانب العائلات (النازحة) التي تعيش في محيطه الخارجي".
#LebanonForever
— Rula El Halabi (@Rulaelhalabi) October 2, 2024
♥️🇱🇧 LEBANON HAS ALWAYS BEEN, AND WILL ALWAYS BE AN INCREDIBLE COUNTRY 🇱🇧♥️
In a powerful display of solidarity, SKYBAR, one of the country’s most renowned nightclubs, opened its doors to shelter over 300 displaced individuals.
This act of generosity not only… pic.twitter.com/V04ANd9OC9
في الإطار نفسه، على سطح الملهى الليلي المعروف بـ"سكاي بار" شرقي بيروت، الذي يطلّ على البحر الأبيض المتوسط والذي لطالما استقبل زبائن بملابس السهرة الأنيقة، ثمّة ثياب مغسولة عُلّقت لتجفّ على جدار يسوّر شرفة المبنى الأسود الكبير. وفي داخل الملهى الليلي الفخم بجدرانه وأرضياته السوداء، مشهد يكاد لا يُصدَّق. على حلبة الرقص، أطفال يلعبون بالكرة ويتزحلقون على ألواح، فيما آخرون يستمعون في زاوية أخرى إلى الموسيقى. كذلك انتشرت مجموعات أخرى بالقرب من طاولات اعتاد الزبائن الجلوس حولها في سهراتهم. وفي المكان نفسه، افترش رجال الأرض، وتجاذب آخرون أطراف الحديث حول طاولة، فيما كانت فتاة صغيرة تقرأ كتاباً عن الأميرات.
رضا علاق تبلغ من العمر 49 عاماً، وقد افترشت الشارع مدّة أسبوع مع والدتها البالغة من العمر 79 عاماً، قبل أن تجد المرأتان ملجأ في الملهى المشار إليه. تقول رضا لوكالة فرانس برس: "هنا، نحن بخير". وتشير إلى أنّ شقيقتها المغتربة دلّتها إلى الملهى، بعدما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنّه فتح أبوابه أمام النازحين.
وبينما تقدّم منظمات غير حكومية مساعدات غذائية إلى النازحين الذين لجأوا إلى الملهى، يرى هؤلاء أنّ قدرتهم على استخدام المراحيض والاستحمام هي "رفاهية" في ظلّ المحنة التي يمرّون بها. وتقول بتول كنعان، التي يعمل زوجها حارساً في مرآب البناية، لوكالة فرانس برس: "نشعر بالأمان هنا، وسنبقى حتى نهاية الحرب". من جهتها، تشير فاطمة صلاح لوكالة فرانس برس إلى أنّها "قرّرت عدم العودة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت". وتقول هذه الممرضة اللبنانية البالغة من العمر 35 عاماً، بشيء من الإحباط: "نريد الهجرة إلى أيّ بلد (...) بريطانيا أو حتى العراق". وتتابع فاطمة، وهي أمّ لأربعة أطفال، "نحن خائفون على أطفالنا... يقولون إنّ الحرب ستطول".
"الحياة مستمرة" وسط العدوان على لبنان
على بعد نحو كيلومترَين من الملهى الليلي الراقي الواقع شرقي العاصمة اللبنانية، تحديداً في ساحة الشهداء بوسط بيروت، يجلس عشرات النازحين على فرش، وقد حاولوا نصب ما يشبه خياماً بلاستيكية للوقاية من البرد الذي بدأ يتسلّل مع انطلاق فصل الخريف. أمّا آخرون، فتوجّهوا إلى ساحة جامع الأمين، المسجد الكبير في وسط بيروت.
هنا، في الأماكن المفتوحة، يلعب أطفال، كثيرون منهم صغار بملابس داخلية فقط، فيما يجلس مراهقون على الأرض يلهون بورق اللعب. ويخبر رجل عجوز استقرّ على فرشة أنّه اضطر إلى ترك كرسيه المتحرّك وراءه عندما فرّت عائلته من منزله على عجل، وهو اليوم غير قادر على التحرّك. وفي حين يوزّع متطوعون وجبات طعام، تبدو ظروف النظافة الشخصية معدومة، فلا مراحيض عامة ولا وسائل للاغتسال.
من جهته، يقول موسى علي إنّه "موجود هنا" مع ابنتَيه وستة أفراد آخرين من عائلته منذ أكثر من أسبوع، علماً أنّه كان يعمل في جمع القمامة، ويعيش في الضاحية الجنوبية لبيروت التي خرج منها مع اشتداد العدوان الإسرائيلي في 23 سبتمبر/ أيلول المنصرم. ويوضح الرجل البالغ من العمر 30 عاماً والذي يرتدي قميصاً أسود كُتب عليه "الحياة مستمرة"، لوكالة فرانس برس: "كنّا خائفين جداً على الأطفال". ويقرّ بأنّه لم يغيّر قميصه مذ غادر منزله، تماماً كما ابنته الصغيرة زمزم البالغة من العمر عامَين.
(فرانس برس)