بقّ الفراش يقضّ مضاجع الفرنسيين.. جهود للمكافحة في المدارس والمواصلات ودور السينما

07 أكتوبر 2023
إقبال متزايد على خدمات التعقيم في فرنسا (أسوشييتد برس)
+ الخط -

يقضّ بقّ الفراش مضاجع الفرنسيين، ويسبّب قلقاً تحاول الحكومة تبديده واحتواءه، يتجلى مثلاً في خلوّ الفصول الدراسية من التلاميذ، وامتناع مستخدمي وسائل النقل العام عن الجلوس، ومن مظاهره أيضاً الأثاث الملقى في الشوارع مخافة أن يكون ملوّثاً.

وأفاد البعض مثلاً بأنهم رأوا بقّاً يزحف على مقعد القطار أو السينما، وتكثر البلاغات عن هذه الحشرات الماصة للدماء، لكنّ السلطات تؤكّد أنها لا تعبّر عن الحجم الفعليّ للظاهرة، إذ تفاقمت الضجة بفعل تداول الأخبار في شأنها على شبكات التواصل الاجتماعي، مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية 2024.

وتحرص الحكومة خصوصاً على الطمأنة خارج فرنسا، فيما أعلنت الجزائر اتخاذ "إجراءات وقائية" للحؤول دون انتشار هذه الحشرات، وشددت السلطات الفرنسية على أن "لا عودة" للبقّ، بحسب وزير النقل، كليمان بون.

لكنّ البقّ موجود فعلياً في مدرسة إليزا لومونييه الثانوية في باريس، إذ سُجّل تلوّث 14 فصلاً فيها، بحسب رسالة من مديرتها إلى المعلمين صباح الجمعة.

ولاحظت معلّمة طلبت عدم ذكر اسمها أن "ثمة حالة ذهان بين أولياء الأمور والتلاميذ". وأضافت: "أتلقى باستمرار رسائل من أولياء الأمور يقولون فيها إنهم لن يرسلوا أطفالهم ما دام بقّ الفراش موجوداً".

وفي المجمل، أُقفلت سبع مدارس في فرنسا، ورُصِد بقّ الفراش "على مختلف المستويات" في 17 مدرسة، على قول وزير التربية والتعليم غابرييل أتال لقناة "فرانس 5" مساء الجمعة.

وفي أميان بشمال فرنسا، تعيد مكتبة لوي أراغون البلدية فتح أبوابها السبت، بعد أيام على إغلاقها بسبب وجود هذه الحشرة "في الأماكن المخصصة للمطالعة فيها". وأوضحت رئيسة بلدية المدينة بريجيت فوري أن كلب أثر لم يرصد أي بقّ بعد اتخاذ إجراءات للتعقيم، ما أتاح إعادة فتح المكتبة.

 

 

وتحوّلت مسألة انتشار بقّ الفراش إلى قضية دولة، إذ تسبق الضجة بأشهر قليلة دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها باريس. وأكّد مصدر حكومي بعد اجتماع مشترك للوزارات المعنية أن "كل الوزارات مستنفرة للعمل في هذا الشأن".

وشددت ماري كريستين جيستا (72 عاماً) التي تعمل منذ سنوات على محاربة بقّ الفراش الذي اكتشفته خلال إقامتها في أحد الفنادق، على أن هذه الضجة أبعد ما تكون عن "الذهان".

وقالت المرأة التي باتت تحرص على فحص كل مكان، حتى حقيبتها المخصصة للتبضّع: "لقد أفسد حياتي"، فرؤية هذه الحشرات تطل برأسها مجدداً بعدما كانت قد تخلصت أخيراً منها. "أيقظت ذكريات سيئة" لدى جيستا التي تقيم بالقرب من فان، مضيفة: "مجرد التفكير في الأمر يجعلني أشعر بالحكة من الآن".

ولا يقتصر الخوف على جيستا، بل هو ينتشر. وبات البعض يرمي قطعاً من أثاث منزله يعتقد أنها موبوءة في المواقع المخصصة للنفايات، ويضع عليها عنوان "بقّ الفراش"، كما تُظهر صورة أريكة وفراش وطاولة نشرها صاحب حساب باسم "ماسفارغاي" على شبكة إكس (تويتر سابقاً).

وقال الكاتب الأميركي ألفريدو مينيو، الذي يعيش في باريس لصحيفة "ذي غارديان": "ثمة فُرشٌ مصطفة في الشارع الذي أقيم فيه، وعليها ملصقات صغيرة تنبّه إلى وجوب عدم لمسها. لوجود البرغوث".

البق وإجهاد ما بعد الصدمة

ولاحظ الطبيب النفسي أنطوان بيليسولو من مستشفى هنري موندور الجامعي في كريتاي أنّ "حالة ذعر جماعي خفيفة، تتمثل بكون الأشخاص الذين لا بقّ فراش لديهم يشعرون بالقلق من وجود هذه الحشرات، وأحياناً مع شيء من الجانب الهوسي".

أما ماري إيفروا، وهي مديرة شركة "إيكو-فليه" ورئيسة المعهد الوطني لدراسة بقّ الفراش ومكافحته، فأفادت بأن أولئك الذين وجدوا عندهم بقّاً يعانون "تقريباً متلازمة إجهاد ما بعد الصدمة"، مشيرة إلى أن درجة تأثر هؤلاء الكبيرة بهذه التجربة دفعت شركتها إلى تدريب موظفيها على "كيفية التعامل مع إجهاد الزبائن".

وسُجّل إقبال كبير على طلب خدمات التعقيم، من الأفراد، أو من وسائل النقل العام التي تريد طمأنة مستخدميها. ومن ذلك مثلاً أن شبكة النقل العام في مونبلييه بجنوب فرنسا نشرت صوراً الجمعة لـ"عملية كشف" يظهِر فيها موظف مع كلب أثر.

ووعد الوزير كليمان بون بإجراء "عملية تنظيف ربيعية واسعة" قبل دورة الألعاب الأولمبية سنة 2024، إلا أن الأمر لا يكاد يروق بعض المعلّقين على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ إن أحدهم مثلاً، ويُدعى "مستر إكسيلو"، أبدى ارتياحه عبر إنستغرام لعدد "المقاعد" المتوافر في القطارات.

(فرانس برس)

المساهمون