بغداد تختنق برائحة الكبريت: معامل ومطامر غير قانونية

14 أكتوبر 2024
التلوث يحاصر بغداد، 16 نوفمبر 2022 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتفاقم أزمة التلوث في بغداد، حيث يعاني السكان من مشاكل صحية خطيرة بسبب السحابة الملوثة، مع دخول نحو 200 شخص إلى المستشفيات بسبب أزمات تنفسية، ويُعزى التلوث إلى ركود الرياح واستمرار مصادر التلوث.
- أكد مسؤولون أن بغداد تتصدر قائمة المدن الأكثر تلوثًا بسبب احتراق الوقود والنفايات، ويُعتبر القطاع العام مصدرًا رئيسيًا للتلوث مع عجز الفرق الرقابية عن أداء مهامها.
- يشير الخبراء إلى أن التغيرات المناخية وزيادة الاحتباس الحراري تؤدي إلى تدهور البيئة، ويُنتقد الإهمال الحكومي في معالجة الحرائق العشوائية للنفايات.

تتواصل أزمة التلوث في أجواء العاصمة العراقية بغداد وأطرافها للأسبوع الثاني على التوالي، مُخلّفة العديد من المشاكل الصحية للسكان البالغ عددهم قرابة تسعة ملايين نسمة، وسط تفسيرات مختلفة بشأن سببها. 

وكشف مسؤول صحي عراقي، اليوم الاثنين، عن دخول نحو 200 شخص للعناية في المستشفيات نتيجة أزمات تنفسية خلفتها السحابة المُعلّقة في سماء بغداد منذ أيام، مؤكدا أن ركود الرياح واستمرار مصدر التلوث كان سببا في تأزم المشكلة، وقال لـ"العربي الجديد"، إن مستشفيات جانبي الكرخ والرصافة من بغداد استقبلت نحو 200 حالة، منها 80 حالة كانت تستدعي البقاء بالمستشفيات لأطفال، مطالبا الأهالي في مناطق تشهد تلوثا أعلى من غيرها بارتداء الكمامة وعدم فتح الشبابيك ليلا.

وتُخيم رائحة الكبريت والدخان في أجواء بغداد، ويصف ناشطون الدخان في أجواء العاصمة بالضباب الذي يصعُب معه استنشاق الهواء بسهولة، وسط تأكيدات أن مصدرها معامل تدوير أسلاك الكهرباء والبلاستيك التي تحيط ببغداد، وكذلك مطامر النفايات. ووفقا لموقع "IQAir" المتخصص بمراقبة جودة الهواء وقياس درجات التلوث، فقد تصدرت العاصمة العراقية بغداد قائمة المدن الأعلى في نسب التلوث.

ومساء أمس الأحد، عقد رئيس لجنة الصحة ماجد شنكالي مؤتمرا صحافيا مشتركا مع وزير البيئة جاسم الفلاحي، وأقر بوجود "تلوث بالهواء في بغداد هو الأعلى بين مدن العالم"، مشيرا إلى أن "انتشار الرائحة والغيوم السوداء في بغداد ناتج عن احتراق الوقود الثقيل، الذي يتمثل بالنفط العالي الكبريت، نتيجة استخدام هذا النوع من الوقود في مصفى الدورة والمحطات الكهربائية، بالإضافة إلى معامل الإسفلت والطابوق، والتي يبلغ عددها 250 معملًا، وكذلك بعض معامل صهر النحاس. كما أن احتراق النفايات في منطقة النهروان ومعسكر الرشيد يساهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة"، كاشفا عن أن "95% من التلوث في العراق مصدره مؤسسات القطاع العام، وأن الفرق الرقابية لا تستطيع ممارسة عملها".

من جهته، أكد وكيل وزارة البيئة جاسم الفلاحي خلال المؤتمر أن "انتشار رائحة الكبريت بشكل كثيف يعود إلى تلوث الهواء في بغداد، ونحن نعمل على إعداد تقرير سنوي عن حالة البيئة في العراق"، موضحا أن "ظهور الرائحة وانتشارها في هذه الفترة مرتبط بالطقس والرياح وارتفاع درجات الرطوبة، وهذه هي الأسباب الرئيسية وراء انتشارها ورؤيتها في الليل وبداية فترة الصباح".

وأوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، في بيان له، أن "العراق يعاني من تحولات مناخية وزيادة معدلات الاحتباس الحراري وتدهور الواقع المائي والبيئي على وجه الخصوص الذي أدى إلى ازدياد العواصف وارتفاع معدلات تلوث الهواء، وتغير الغطاء من غطاء نباتي إلى غطاء إسمنتي في كافة محافظات العراق وخصوصاً في مدينة بغداد"، مشيرا إلى أن هذا "قاد لرداءة الهواء وارتفاع حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في العديد من محافظات العراق".

 وكتب الخبير في شؤون البيئة والطقس صادق العطية، على صفحته في "فيسبوك"، إن "الدخان الصادر عن مواقع الحرق والطمر هو عبارة عن كورة خاصة بالحرق يستخدمها تجار مواد الصفر والنحاس وكيبلات الكهرباء (الوايرات)، وهي منتجة لرائحة الكبريت كون بعض المواد الممنوعة هي مواد حربية أو أجهزة إلكترونية دقيقة، بالإضافة إلى قناني الكلور والزئبق، وهو ما يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والإنسان".

من جهته، قال الناشط في مجال حماية البيئة في بغداد وصفي مصطفى إن "العاصمة العراقية تتصدر معدلات التلوث بين مدن العالم، من جرّاء الإهمال من قبل السلطات لمسببات التلوث"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لم تسيطر على الحرائق العشوائية للنفايات، ومخلفات المعامل، كما أنها لم تنفذ قرارها السابق بشأن إغلاق المعامل المتجاوزة على البيئة، والتي لا تحمل إجازات عمل أصلاً".

وأكمل مصطفى أن "التلوث الذي تخلفه المعامل يتمثل في أمراض عدة، من بينها الأمراض الجلدية والتحسس والربو وحالات الاختناق، فضلاً عن الأمراض السرطانية، بالتالي لا بد من السيطرة ومعالجة الحرق العشوائي للنفايات، وغلق محطات تجميع النفايات القريبة من العاصمة، ومعامل الإسفلت والأسلاك الكهربائية".

المساهمون