بريطانيا: ملفّ الهجرة يعود إلى الواجهة مع "فضيحة" مركز مانستون في كينت

02 نوفمبر 2022
في مركز مانستون حيث يُحتجَز أكثر من أربعة آلاف مهاجر طالب لجوء (دان كيتوود/ Getty)
+ الخط -

هيمن ملفّ الهجرة على جلسة البرلمان التي عُقدت قبل قليل ككلّ يوم أربعاء، لمساءلة رئيس الحكومة ريشي سوناك عن أبرز المستجدّات. وافتتح الجلسة زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر عبر توجيهه سؤالا ساخرا لزعيم "المحافظين" ورئيس الوزراء ريشي سوناك حول ما قالته وزيرة الداخلية سويلا برافرمان قبل يومَين من أنّ "نظام الهجرة في بريطانيا معطّل". وتساءل ستارمر عمّن تسبّب في تعطيله وسط ضحكات أعضاء البرلمان من حزبه. كذلك واصل ستارمر انتقاداته لبرافرمان لأنّها حتى هذه اللحظة لم تعالج سوى أربعة في المائة من طلبات اللجوء التي قدّمها كلّ من وصل على متن قوارب صغيرة إلى الشواطئ البريطانية في العام الماضي، وقال ساخراً إنّ فرص برافرمان للوصول إلى "داونينغ ستريت" في خلال عام من الآن أعلى بكثير من فرص استكمالها معالجة تلك الطلبات المتراكمة منذ عام.

وإذا كان سوناك قد اعترف بشكل غير مباشر ببعض التقصير قائلاً إنّ الحكومة تعمل على "إصلاح هذا التأخّر في معالجة طلبات اللجوء"، إلا أنّه أشار إلى أنّ "الأمن القومي مسألة مهمّة" وأنّ هذه "الحكومة المحافظة سوف تحافظ على أمن البلد".

ونُقل مئات المهاجرين، مساء أمس الثلاثاء، من مركز مانستون في كينت الواقعة جنوب شرقي إنكلترا حيث يُحتجَز ما يزيد على أربعة آلاف شخص في الموقع المصمّم لاستيعاب 1600 شخص كحدّ أقصى ولمدّة لا تزيد عن 24 ساعة.

وكانت برافرمان، وزيرة الداخلية من أصول مهاجرة، قد واجهت الأسبوع الماضي اتّهامات خطرة لارتكابها خروقات أمنية ولرفضها نقل طالبي اللجوء من المركز المكتظّ، حيث اضطر بعض اللاجئين إلى افتراش الأرض وسط تفشّي أمراض عديدة معدية من قبيل الدفتيريا والجرب.

ومع أنّ برافرمان نفت في خلال جلسة المساءلة التي عُقدت قبل يومَين في مجلس العموم كلّ الاتّهامات التي وُجّهت إليها، إلا أنّ شبكة سكاي نيوز أكّدت نقلاً عن مصدر حكومي تجاهلها للاستشارة القانونية المتعلقة بضرورة نقل طالبي اللجوء إلى فنادق أو مراكز احتجاز بديلة. ولا تتوفّر أيّ تفاصيل دقيقة حتى الآن، عن عدد المهاجرين الذين نُقلوا في حافلات أمس، إلا أنّ وزارة الداخلية أكّدت أنّ عملية نقل جديدة سوف تجري اليوم لتخفيف الضغط عن مركز مانستون من دون الإفصاح عن وجهة نقل المئات منهم وما إذا كانت الفنادق هي المكان الجديد لإقامتهم أم مراكز احتجاز بديلة.

وكان نحو 40 ألف مهاجر قد وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر قوارب صغيرة هذا العام، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم في خلال الشهر الجاري ربّما، قبل أن تسوء أحوال الطقس في شهرَي ديسمبر/ كانون الأوّل ويناير/ كانون الثاني المقبلَين. وقد دفع ذلك الصليب الأحمر البريطاني إلى التعبير عن قلقه بشأن سياسة التعامل مع طالبي اللجوء، ورأى في بيان له أنّ "المشكلات الخطرة في مركز مانستون تدلّ على القضايا الأوسع التي تواجه نظام اللجوء في المملكة". كذلك طالب المتحدّث باسم الصليب الأحمر أليكس فريزر المعنيّين باتّخاذ إجراءات فورية "لتلبية الاحتياجات الأساسية لمئات الرجال والنساء والأطفال الذي وصلوا إلى الشواطئ البريطانية بعد رحلة شاقّة وأليمة"، مضيفاً أن "بلدنا يمتلك تاريخاً مشرّفاً في مساعدة الفارّين من الحروب والاضطهاد. وبغضّ النظر عن طريقة وصول هؤلاء المهاجرين، فإنهم يستحقّون جميعاً دون استثناء معاملة رحيمة وإنسانية".

وكانت برافرمان قد وصفت المهاجرين في وقت سابق من هذا الأسبوع بـ"الغزاة"، الأمر الذي أثار موجة انتقادات جديدة ومطالب باستقالتها. ونشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، تقريراً عن "انتهاكات" يمارسها بعض مسؤولي الهجرة في وزارة الداخلية بحقّ طالبي اللجوء من الأطفال، وقد سرّبت الصحيفة شكاوى لأطفال أكراد طُلب منهم أن يزوّروا تواريخ ميلادهم وأن يدّعوا كذباً بأنّهم بالغون وبأنّهم تجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم.

ونفت وزارة الداخلية المعلومات التي تدينها في تقرير "ذا غارديان"، لافتة إلى أنّ الصحيفة "فشلت في تزويدنا بدلائل ملموسة في هذا الخصوص". لكنّ مديرة شبكة "هيومنز فور رايتز" مادي هاريس أكّدت في اتصال مع "العربي الجديد" إقدام بعض مسؤولي الهجرة على ممارسة الضغوط على الأطفال ليكذبوا بشأن تواريخ ميلادهم حتى تتمكّن الوزارة لاحقاً من ترحيلهم إلى رواندا وفقاً لخطّتها المثيرة للجدال.

يُذكر أنّ مركز مانستون التابع لوزارة الدفاع كان في السابق مركز تدريب لمكافحة الحرائق، وقد أعادت وزارة الداخلية تصميمه كمركز احتجاز وافتتحته في بداية العام الجاري. وقد تفاقمت مشكلة الازدحام في المركز يوم الأحد الماضي بعد أن نقلت السلطات إليه عدداً كبيراً إضافياً من المهاجرين من مركز للاحتجاز في دوفر جنوب شرقي إنكلترا، بعد تعرّضه لاعتداء بالقنابل الحارقة على يد رجل أبيض أقدم على قتل نفسه بعد تنفيذه الهجوم.

ومع أنّ برافرمان قالت في خلال جلسة المساءلة قبل يومَين إنّ الشرطة تحقّق في الموضوع وإنّها لن تتعامل مع الهجوم على أنّه إرهابي، إلا أنّ الجهة التي خاضت التحقيق في النهاية هي شرطة مكافحة الإرهاب وقد أعلنت أنّ "الهجوم هو جريمة دنيئة، والكراهية هي الدافع وراءها". كذلك كشفت الشرطة عن هوية المعتدي البالغ من العمر 66 عاماً والذي تعبّر منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي عن عنصرية كبيرة تجاه المسلمين والغرباء من غير الناطقين بالإنكليزية واللاجئين، بحسب بيان الشرطة.

المساهمون