بريطانيا تحتجز أطفالاً لاجئين في سجن لمرتكبي جرائم جنسية

29 اغسطس 2023
طفل لاجئ وصل إلى بريطانيا (هنري نيكولز/فرانس برس)
+ الخط -

كشف تقرير نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن وجود اتهامات لوزارة الداخلية البريطانية باحتجاز الأطفال اللاجئين في سجون تضم بالغين مدانين في جرائم جنسية.
وأكد التقرير المنشور يوم الاثنين أنه تم التعرف على عدد متزايد من الحالات التي أرسل فيها الأطفال الضعفاء غير المصحوبين بذويهم، والذين وصلوا إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة، إلى سجن HMP Elmley (إلملي) بمنطقة كينت مع المحكومين في قضايا جنسية، والمخصص للبالغين ويضم أعداداً كبيرة من مرتكبي الجرائم الجنسية.
وتشير المعلومات إلى أن معظم الحالات هي لأطفال سودانيين أو جنوب سودانيين سافروا إلى المملكة المتحدة عبر ليبيا، ويبدو أن معظمهم قد تم الاتجار بهم أو تعرضوا لشكل من أشكال الاستغلال. وبحسب آخر تفتيش في إلملي، فقد احتجزوا في المبنى الذي يودع فيه أجانب ارتكبوا جرائم جنسية.
وقال التقرير إن واحداً من بين 14 طفلاً غير مصحوبين بذويهم تم تحديدهم من قبل العاملين في شبكة حقوق الإنسان، لم يكن يتجاوز الـ14 عاماً حين أرسل إلى سجن للبالغين. ودعت وزارة الداخلية إلى بدء تحقيق فوري في هذه القضية والإفراج بشكل عاجل عن أي شخص يعتقد أنه طفل داخل سجن للبالغين.
ونقل التقرير عن مادي هاريس من شبكة حقوق الإنسان، قولها إن الشبكة عملت مع أكثر من ألف طفل مشكوك في أعمارهم، وكان أولئك الذين أُرسلوا إلى سجون البالغين من بين "الأشد تضرراً".

وأضافت: "هؤلاء الأطفال محتجزون في زنازينهم، ولا يعرفون ممن يطلبون المساعدة، ويُمنعون من الحصول على المشورة القانونية بشكل مناسب والطعن في القرار التعسفي الذي اتخذه مسؤولو الهجرة بشأن أعمارهم لدى وصولهم إلى المملكة المتحدة. هؤلاء هم أطفال يبحثون عن الأمان. لكن بدلاً من ذلك، يجدون أنفسهم في سجن للبالغين، ومحرومين من تلك الحماية ومعرضين لضرر كبير".
من جهتها، قالت المسؤولة عن مشروع الأطفال المهاجرين في جمعية كورام الخيرية للأطفال، أنيتا هوريل: "من الخطأ تجريم هؤلاء الأطفال والخطير إرسالهم إلى سجون الرجال البالغين". 
ويحذّر المحامون من أن إرسال الأطفال غير المصحوبين بذويهم إلى سجون البالغين آخذة في التزايد. وتمّ التعرف على طفل في محكمة فولكستون الجزئية خلال التوجه إلى السجن. وتفيد تقارير بأنّ قاصراً آخر كان محتجزاً لدى الشرطة في مارغيت، ومن المتوقع أيضاً إرساله إلى إلملي.
ويشير المتابعون إلى إن سجن الأطفال القُصّر هو أحدث صورة لأوجه الفشل التي تعتري نظام اللجوء على الرغم من تضاعف الإنفاق الحكومي عليه. وسجلت تقارير أن عدد طلبات اللجوء المتراكمة قد ارتفع إلى أكثر من 175 ألف شخص، بزيادة 44 في المائة عن العام الماضي.

أزمة التقييم العمري للأطفال

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أن الأطفال الذين أرسلوا إلى سجن إلملي بالغون، وهو ما وصفه الخبراء بأنه تقييم عمري "سريع وتعسفي" من قبل المسؤولين، وأجري في غضون ساعات من وصولهم إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة. ويخضع الكثير من اللاجئين الواصلين عبر القوارب إلى تقييم عمري من قبل متخصصين مستقلين أو محليين.
وأوضح التقرير أن البيانات الجديدة تؤكد أن مئات الأطفال من طالبي اللجوء يعاملون خطأً كبالغين من قبل وزارة الداخلية. وأظهرت البيانات المستمدة من 55 مجلساً محلياً، أنه من بين 1416 تقييما عمريا أجري على مدار السنوات الخمس الماضية وحتى إبريل/نيسان 2023، من قبل متخصصين، تبين أن 809 من بينهم أطفال. وفي 10 مجالس، تبين أن جميع من تم تقييم أعمارهم أنهم شباب فوق الـ18 عاماً هم في الحقيقة أطفال.

بريطانيا (هنري نيكولز/ فرانس برس)
يخضع الأطفال لتقييم عمري لدى وصولهم إلى بريطانيا (هنري نيكولز/ فرانس برس)

إلى ذلك، يقول المدير المشارك لمنظمة العدالة المتساوية للأطفال المهاجرين سيد بولتون: "أصبح تقييم العمر أكثر الأجهزة الإجرائية وحشية، وبات وسيلة لحرمان طالبي اللجوء الصغار من الوصول إلى خدمات الأطفال". يضيف: "تصنيف الأطفال بأنهم بالغون عن طريق الخطأ يعني إمكانية وضعهم بمفردهم في أماكن إقامة غير خاضعة للرقابة إلى جانب البالغين". 
ويوضح هاريس أنه وفقاً لآخر اختبار أجراه سجن "إلملي"، فإن واحدا من بين كل أربعة نزلاء يشعر بعدم الأمان في السجن. وقالت إنه على الرغم من أن السجن "لم يعد مخصصاً لاحتجاز السجناء المدانين بارتكاب جرائم جنسية"، إلا أن 70 من هؤلاء السجناء لا يزالون هناك، مشيرة إلى أنه قبل أيام، ظهرت تفاصيل عن شخص مثلي الجنس محتجز في إلملي، دين بارتكاب 14 جريمة جنسية ودين بإساءة معاملة طفلين.
أضافت هاريس: "لا ينبغي تجريم أي شخص بالغ أو طفل بسبب وصوله إلى المملكة المتحدة لطلب اللجوء، وهو ما يتعارض مع اتفاقية اللاجئين".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وتشير التقديرات الحكومية، بحسب أحدث تقرير صادر في 24 أغسطس/آب، إلى أن نحو 9300 قاصر ممن تم رسمياً تسجيل أن أعمارهم لا تتجاوز 17 عاماً، دخلوا المملكة المتحدة عن طريق القوارب الصغيرة خلال عام 2022 وحتى شهر يونيو/ حزيران 2023.
وقال متحدث باسم الحكومة إن "تقييم العمر عملية صعبة ولكنها حيوية لتحديد الأطفال الحقيقيين ووقف إساءة استخدام النظام. يجب علينا أن نمنع البالغين من الادعاء بأنهم أطفال، أو الأطفال من المعاملة الخاطئة كبالغين، وكلاهما يشكل مخاطر وقائية جسيمة". أضاف أنه لم يتم تزويد الحكومة بالمعلومات اللازمة للتحقيق في النقاط التي أثارتها الجريدة، في حين أشارت ذا غارديان إلى أن الحكومة لم تطلب، حتى وقت نشر التقرير، الاطلاع على أي دليل.

المساهمون