كشفت بيانات أصدرتها وزارة الداخلية البريطانية ارتفاع عدد ضبط وموظفي جهاز الشرطة المدانين في إنكلترا وويلز خلال العام الماضي، وبلغت الزيادة 70 في المائة مقارنة بعام 2022، إذ أدين 115 ضابطاً و43 موظفاً بارتكاب جرائم مختلفة، بينها اعتداءات جنسية وأعمال عنف ضد الأفراد، في مقابل 68 ضابطاً و25 موظفاً في عام 2022.
وكشفت بيانات وزارة الداخلية أن الجرائم الجنسية هي الفئة السائدة، وأن 33 ضابطاً و7 من أفراد الشرطة ارتكبوها، في حين واجه 18 ضابطاً و5 موظفين إدانات بتهم العنف ضد الأشخاص، و19 ضابطاً و15 موظفاً إدانات بجرائم تتعلق بمخالفات مرورية، و4 ضباط وموظفان إدانات بالسرقة، كما تورط 4 ضباط وموظف واحد في قضايا تتعلق بالتسبب في أضرار جنائية.
وتشمل الأرقام فقط الإجراءات الجنائية التي بدأت في الأصل بشكوى أو مسألة سلوك قابلة للتسجيل، وحصلت بموجب لوائح جرى تقديمها عام 2020. وتُثير هذه التفاصيل المهمة مخاوف من احتمال أن يتجاوز إجمالي عدد رجال الشرطة المدانين الأرقام التي جرى الإبلاغ عنها، ما يشير إلى احتمال تقليل الحجم الحقيقي للمشكلة.
وتعلّق وزارة الداخلية على تأثر الناس بالبيانات المنشورة على ثقة الناس بالشرطة، وتعاونهم مع رجالها في سبيل تطبيق القانون بشفافية ونزاهة، بالقول: "يتوقّع الناس أن يظهر العاملون في جهاز الشرطة أعلى معايير النزاهة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمعالجة أي تقصير يؤثر في ثقتهم، علماً أن وزارة الداخلية تسهّل إجراءات إقالة عناصر الأمن الفاسدين، وأولئك الذين يفشلون في التدقيق المنتظم الذي يخضعون له لتحديد من يحتاجون إلى تحقيقات بسبب مخالفات جنائية أو تأديبية".
أظهرت الأرقام الرسمية الأخيرة اتجاهات مقلقة داخل قوات الشرطة البريطانية
وتتابع الوزارة: "يدقق تحقيق إيليش أنجيوليني، كبيرة ممثلي الادعاء العام في اسكتلندا، الذي وُضع بعد ارتكاب رجل في شرطة لندن جريمة قتل سارة إيفيرارد عام 2021، في القضايا الخاصة بثقافة الشرطة وسلامة المرأة، وستواصل الحكومة العمل مع الشرطة لضمان الالتزام بالمعايير المناسبة. أرقام إدانات عام 2023 استندت إلى إحصاءات خضعت لتغييرات كبيرة مقارنة بالعام الماضي، بعدما أجرت الحكومة مراجعة شاملة للنظام التأديبي للشرطة بعد إدانة رجل الأمن ديفيد كاريك مطلع العام الماضي بارتكاب جرائم جنسية، لذا لا يمكن إجراء مقارنات مباشرة بين هذه الأرقام وتلك في العام الماضي".
وفي يناير/ كانون الثاني 2023، أطلق مجلس رؤساء الشرطة الوطنية (NPCC) عملية لفحص بيانات جميع رجال الشرطة والموظفين والمتطوعين في إنكلترا وويلز، ومقارنتها بقاعدة بيانات الشرطة الوطنية.
ويقول مصدر في المكتب المستقل لسلوك الشرطة (IOPC) لـ"العربي الجديد" إنّ "التغييرات في نظام الشكاوى التي شملت توسيع تعريفها حققت النتائج المنشودة على صعيد زيادة عدد الشكاوى المسجّلة في قوات الشرطة خلال السنوات الأخيرة، وتتعامل الشرطة مع غالبية هذه الشكاوى من دون إحالتها إلى المكتب المستقل لسلوك الشرطة إلا إذا استوفت معايير محددة في القانون".
يتابع المصدر: "يعترف القانون بأن شكاوى عدة لا تتطلّب إجراء تحقيقات طويلة، إذ تتوفر مجموعة خيارات لحلها، مثل التعلم التنظيمي أو الفردي وتقديم تفسير أو اعتذار. ويواصل المكتب المستقل لسلوك الشرطة العمل مع أقسام المعايير المهنية للمساعدة في تحسين التعامل مع الشكاوى الأولية، ما يفيد الشرطة والناس معاً. طبيعة العديد من الادعاءات لا تصل إلى الحدّ المطلوب للشروع في تطبيق إجراءات تأديب رسمية أو فرض عقوبات، وقد تطلب أقل من 2 في المائة من الادعاءات التي سُجّلت العام الماضي إجراء تحقيقات في سلوك أفراد الأمن".
ويشير إلى أن مقدمي الشكاوى يملكون حق مراجعة طريقة التعامل معها، في حين تصل الشكاوى إلى المكتب المستقل لسلوك الشرطة في الحالات الأكثر خطورة، ويضمن ذلك وجود رقابة على النظام، ويسمح للمكتب بتحديد ومعالجة الاتجاهات والمواضيع في التعامل مع الشكاوى عند الضرورة، وبالنسبة إلى التحسينات الأخيرة التي أُدخلت على نظام الشكاوى، هناك حاجة إلى تنفيذ إصلاحات أكثر جذرية، وبينها اعتماد نموذج ممارسة اللياقة الذي يطبق في مهن أخرى، والذي يبسّط نظاماً معقداً للغاية، ويساعد في التركيز على رفع معايير عمل الشرطة.
وسلّطت أرقام وزارة الداخلية الأخيرة الضوء على اتجاهات مقلقة داخل قوات الشرطة، إذ أشارت إلى ارتكاب 393 ضابطاً سوء سلوك مصنّفاً بأنه "جسيم"، و435 سوء سلوك خلال العام الماضي، وشهدت نسبة 42 في المائة من 352 قضية إجراءات فصل أو كانت ستؤدي إلى ذلك لو كان رجال الأمن لا يزالون في الخدمة.
ومن بين ضباط الشرطة الذين أُدينوا بارتكاب جرائم على مدار العام، ويل سكوت باريت، الذي أرسل رسائل جنسية على تطبيقي "سناب شات" و"ديسكورد" إلى صبي يبلغ من العمر 15 عاماً، وضابط الشرطة فرنسوا أولواج الذي اتهم بترتيب لقاء لممارسة الجنس مع فتاة يعتقد أنها في الـ13 من العمر. كذلك حكم القضاء بسجن الشرطيين جوناثان كوبان وجويل بوردرز بعدما أدينا بمشاركة رسائل مسيئة في مجموعة "واتساب" مع الشرطي واين كوزينز الذي قتل سارة إيفيرارد. كذلك وُجد ماثيو كوبر مذنباً بتهمة ارتكاب سلوك السيطرة على تحركات شريكته وتتبعها لمنعها من الاتصال بأصدقائها.
وواجه نحو ثلث ضباط الشرطة في إنكلترا وويلز البالغ عددهم 42854 شكاوى عامة، 71 في المائة منها ذات طبيعة خطيرة تضمنت حوادث أدّت إلى وفيات أو إصابة جسدية، أو إجراءات جنائية أو تأديبية محتملة. لكن التقييم الفعلي لهذه الشكاوى ظل محدوداً.