وجّه مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي، اليوم الجمعة، نداءً ملحّاً إلى الدول المتطوّرة لكي لا "تهمل" الدول التي هي في حاجة إلى مساعدة إلى جانب أوكرانيا التي تعاني وسط الحرب اليوم. وقال بيسلي خلال مكالمة مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، خُصّصت لبحث وضع الدول المتضرّرة من النزاعات: "أحاول توعية الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية". أضاف بيسلي: "فيما تركّزون على أوكرانيا، من فضلكم لا تهملوا منطقة الساحل ولا سورية ولا الأردن ولا لبنان. إذا قمتم بذلك فإنّ التداعيات سوف تكون كارثية... أكثر من كارثية".
وحذّر مدير البرنامج، وهو وكالة تابعة للأمم المتحدة مقرّها روما، من مخاطر تتجاوز تفاقم المجاعة في العالم، مشيراً إلى أنّه "قد تحصل هجرة جماعية أو زعزعة استقرار" في العالم. وذكّر بأنّه من دون الأمن الغذائي، يكون السلام مجرّد وهم. وشدّد بيسلي على الخيار الرهيب الذي يواجهه برنامج الأغذية العالمي اليوم، قائلاً إنّ "الأمر الأخير الذي أرغب في القيام به هو أخذ بذور لم تُنتج في أوكرانيا وإعطاؤها لأوكرانيا". وسأل: "هل من العادل أخذ الطعام من أمام الأطفال الإثيوبيين وتقديمه للأطفال الأوكرانيين؟"، مجيباً بجزم: "كلا".
وتابع بيسلي: "لا يمكننا أن نضع أنفسنا في هذا الوضع"، لافتاً إلى أنّ برنامج الأغذية العالمي كان يفعل كلّ شيء لشراء أكبر قدر ممكن من القمح من أوكرانيا عندما كان متوفّراً. لكنّ المنظمة تواجه مشاكل ملموسة من قبيل إيجاد سائقين لنقله، إذ إنّهم على الجبهة. حتى المزارعون أيضاً مقاتلون ولا يستطيعون بالتالي زراعة أرضهم في الربيع.
وأوصى بيسلي المانحين ومصارف التنمية بأن يعتمدوا مقاربة أكثر واقعية عبر تمويل مشاريع قصيرة إلى متوسطة المدى، مثل تمويل وجبات مدرسية، الأمر الذي يترك أثراً مباشراً على السكان. من جهتها، أفادت جورجييفا بأنّ الصندوق يوجّه كذلك مساعدته إلى الدول الهشّة والتي تشهد حروباً، مؤكدة على العلاقة المباشرة "ما بين استقرار الاقتصاد الكلي والسلام".
The war in #Ukraine could compound the hunger crisis in #Afghanistan, as food prices soar and foreign aid is diverted to help refugees in Europe.
— World Food Programme (@WFP) March 18, 2022
WFP has reached 12 million Afghans so far this year with life-saving food, but funding is running out fast. pic.twitter.com/Zv6BXy07lS
في سياق متصل، قال مسؤول آخر في برنامج الأغذية العالمي، اليوم الجمعة، إنّ سلاسل إمداد الغذاء في أوكرانيا تنهار في ظلّ تدمير قطاعات من البنية التحتية وخلوّ كثير من متاجر البقالة والمخازن من السلع. أضاف منسّق الطوارئ المعني بالأزمة الأوكرانية في البرنامج جيكوب كيرن، في إفادة صحافية، أنّ "حركة السلع تتباطأ بفعل انعدام الأمن وعزوف السائقين". كذلك عبّر عن مخاوف بخصوص الوضع في "المدن المحاصرة" مثل ماريوبول حيث تنفد إمدادات الغذاء والمياه، فيما لم تعد قوافل البرنامج قادرة على دخول المدينة.
ولأنّ برنامج الأغذية العالمي يشتري نحو نصف إمدادات القمح من أوكرانيا، قال كيرن إنّ الأزمة التي نتجت عن الغزو الروسي للبلاد في 24 فبراير/ شباط الماضي دفعت أسعار الغذاء إلى الارتفاع بشكل حاد. أضاف أنّه "مع ارتفاع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوى على الإطلاق، يعبّر برنامج الأغذية العالمي عن قلقه كذلك من تأثير الأزمة الأوكرانية على أمن الغذاء عالمياً، خصوصاً في مناطق المجاعات"، محذّراً من "مجاعة جماعية" في بعض المناطق.
من جهة أخرى، حذّر المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سولتمارش، اليوم الجمعة، من أنّ الحاجات الإنسانية في شرق أوكرانيا أصبحت ملحّة بشكل متزايد. وأوضح أنّ "أكثر من 200 ألف شخص محرومون من المياه في مناطق عدّة في دونيتسك وحدها، في حين أنّ القصف المتواصل في منطقة لوغانسك دمّر 80 في المائة من بعض البلدات وحرم 97 ألفاً و800 أسرة من الكهرباء". أضاف سولتمارش أنّ "الوضع الإنساني في مدن مثل ماريوبول وسومي خطير جداً، إذ يواجه السكان نقصاً حاداً - مع عواقب تهدّد الحياة - في الغذاء والماء والأدوية". وأكّد سولتمارش أنّ الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنيّة وعدم توفّر ممرّ آمن تعرّض حياة آلاف المدنيين للخطر.
وتواجه الفئات المحرومة من السكان، بحسب المفوضية، صعوبات متزايدة في الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الغذاء والماء والأدوية والرعاية الصحية الطارئة في المناطق المتضرّرة. وتشير المفوضية إلى أنّها تتابع عن كثب المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة مع طرفَي النزاع، لتتمكّن من إرسال مساعدات إنسانية إلى بلدات ومدن في شرق البلاد.
(فرانس برس)