مرت أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء العام الدراسي في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في لبنان. لكن مسيرة التعليم لم تبدأ بخير بسبب مشاكل عدة، ولا سيما اكتظاظ الصفوف، وعدم ملء شواغر المعلمين، ودعم نفقات المواصلات، ما دفع اللجان الشعبية والاتحاد العام لطلاب فلسطين والمؤسسات المعنية بقضايا المجتمع الفلسطيني، وأهالي التلاميذ إلى تنفيذ احتجاجات واسعة للمطالبة بحل هذه الأزمة، آخرها التحرك في ثانوية بيت جالا بمنطقة سبلين في قضاء الشوف.
وكانت اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، والاتحاد العام لطلاب فلسطين في لبنان، قد أكدت في بيان أصدرته أنها تتواصل منذ اليوم الأول لبدء العام الدراسي مع مسؤولي دائرة التربية والتعليم في "أونروا". وأوضحت أنها حذرت من التباطؤ في حل المشاكل، من دون أن تلقى آذاناً مُصغية، فنفذت وقفات للاحتجاج أمام المدارس.
وأورد بيان المحتجين: "سنستكمل التحرك إذا لم تُلَبَّ المطالب، وفي مقدمها تقسيم صفوف التدريس إلى شُعَب لإنهاء الاكتظاظ في الصفوف، واستكمال ملء الشواغر، وتوزيع كميات كافية من القرطاسية، ومنح التلاميذ بدل نقل".
تقول فادية خربيطي، المتحدرة من بلدة أم الفرج في فلسطين، وتقيم في مخيم برج البراجنة للاجئين في بيروت، وتعمل في جمعية "الأنامل الصغيرة، روضة أزرق زهر"، لـ"العربي الجديد": "تملك مؤسستنا الموجودة في المخيم شبكة لحماية الطفل، ونعمل مع مجموعة من النساء في مخيم برج البراجنة على حل قضية اكتظاظ الصفوف في مدارس الأونروا في المخيم، وقدمنا مطالب لمعالجة هذا الأمر، ونفذنا اعتصاماً أمام مدارس في المخيم، والتقينا مجموعة من سفراء من الخارج، وقدمنا لهم ورقة تفصيلية بمعوقات عملية التعليم، وأهمها اكتظاظ الصفوف الذي يؤدي أيضاً إلى التسرّب. وكي نتفادى هذا الأمر، يجب حل كل المشاكل مع بداية العام الدراسي، وهو ما طالبنا بتحقيقه خلال تواصلنا مع الأونروا، إلى جانب تشكيل لجنة أهل لمتابعة قضايا التلاميذ".
تضيف: "يؤثر اكتظاظ الصفوف في تلقي التلاميذ التعليم، فيصبحون في حاجة إلى أساتذة خصوصيين في البيوت، وهؤلاء أجورهم باهظة جداً. أما الترفيع الآلي لتلاميذ المرحلة الابتدائية، فموضوع يجب حسمه بسرعة على غرار تحديث المنهج، فنحن نحتاج إلى نوعية من الطلاب يستطيعون القراءة والكتابة".
وتشير إلى أن "أونروا" وعدت بحل مشكلة الاكتظاظ في القريب العاجل، علماً أن الوكالة أصدرت في 4 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بياناً حول التعليم جاء فيه: "فتحت مدارس الأونروا أبوابها للطلاب في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، رغم كل التحديات التي تواجهها. وجرى توزيع كتب مدرسية وقرطاسية على التلاميذ".
وأضاف البيان: "يُجري برنامج التعليم في الأونروا حالياً، كجزء من التخطيط الداخلي، عملية تحقيق لتأكيد الأعداد الفعلية للتلاميذ الحاضرين في الصفوف بعد انطلاق العام الدراسي، وسيُقسَّم الصف الواحد إلى شعبتين إن كانت الأعداد كبيرة".
ويعتبر التحقق من أعداد الطلاب إجراءً اعتياداً ينفذ في جميع الصفوف، ويسمح بتحديد "الأونروا" الأعداد الدقيقة للطلاب، التي قد تختلف عن الأعداد المتوقعة.
إلى ذلك، تلقت "أونروا" في لبنان موافقة الرئاسة على تعيين عدد من المعلمين المياومين مؤقتاً، وقالت: "نعيد تأكيد التزام وتفاني فريق التعليم لدينا، ونشكر جميع الطلاب وأولياء أمورهم على صبرهم وتفهمهم، بأمل إنهاء إجراءات التعيين ووضعها قيد التنفيذ في أسرع وقت".
وقال الصحافي الفلسطيني أحمد الحاج: "ليس اكتظاظ الصفوف صدفة، بل سياسة عامة قررتها أونروا في السنوات الأخيرة، لكن المشكلة تضاعفت هذه السنة بسبب انتقال طلاب من مدارس خاصة إلى مدارس الأونروا بتأثير الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك بسبب تأخر أونروا في ملء الشواغر بمعلمين، علماً أن تحقيق ذلك يحتّم تعيين 119 أستاذاً، وهذا عدد كبير، لذا اضطرت المدارس إلى جمع الطلاب في هذه الصفوف. لكن الخطر الأكبر من الاكتظاظ يرتبط بمساهمته في أزمة التعليم. وفي كل الأحوال لا يستطيع المعلم ضبط صف يوجد فيه 50 طالباً أو إدارته، وبهذه الطريقة لا تصل المعلومات الدراسية للطالب".
أيضاً، تظاهر تلاميذ ثانوية بيسان في مخيم عين الحلوة بمدينة صيدا لرفض سياسة "أونروا" في الملف التربوي، وطالبوا بإيجاد حل لاكتظاظ الصفوف، ونقص كوادر التعليم، والقرطاسية، وعدم دفع مستحقات المواصلات.