بالونات حمر فوق أنقاض أنطاكيا تكريماً للأطفال ضحايا الزلزال

22 فبراير 2023
أصرّ أوغون سيفير أوكور على تكريم ضحايا صغار من خلال بالونات حمر (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

بمحاذاة طريق رئيسي في مدينة أنطاكيا، يلاحظ الناظر عشرات البالونات الحمر فوق الركام، في تحيّة إلى أرواح الأطفال الذين قضوا بالزلزال المدمّر الذي ضرب جنوبيّ تركيا في السادس من فبراير/ شباط الجاري.

ويبدو التباين في المشهد صادماً. فالبالونات الحمر المتناثرة وسط الأنقاض التي سبّبها الزلزال، تأتي في تناقض صارخ مع اللون الرمادي المغبرّ للركام والأساسات المعدنية الملتوية التي كانت تشكّل ذات يوم مبنى من تسع طبقات. على خلفية أحادية اللون، تشهد مقتنيات شخصية قليلة على أنّ ثمّة صغاراً كانوا يسكنون في المبنى الواقع في هذه البقعة قبل أن يحصد الزلزال أرواحهم.

أوغون سيفير أوكور، مصوّر تركي يعمل كذلك في زراعة الأزهار، صاحب فكرة تلك المبادرة. ويخبر وكالة فرانس برس أنّ "ثلاثة أطفال قضوا هنا. كانوا يبلغون من العمر 18 شهراً وأربعة أعوام وستّة". وهو كان قد تطوّع كمنقذ عقب الزلزال، في مسقط رأسه بمدينة أضنة، قبل أن يتوجّه إلى مدينة أنطاكيا الواقعة على بعد 200 كيلومتر منها، وهي من أكثر المواقع تضرّراً جرّاء الزلزال.

يقول أوكور: "بدأت عملي هنا، ثمّ انتقلت إلى المبنى الخلفي. هذه المنطقة أحدثت صدمة لديّ. لم أستطع النوم لليال عدّة، لأنّنا لم نتمكن من إنقاذ الأطفال هنا". وبعد ثمانية أيام من الزلزال، بدأ أوكور بوضع البالونات فوق الأنقاض في أنطاكيا التي يقطنها 400 ألف شخص، والتي باتت أشبه بمدينة أشباح لا يخرق صمتها سوى الحفارين وشاحنات إزالة الردم.

وأودى الزلزال المدمّر بحياة أكثر من 42 ألف شخص في تركيا، فيما لم تعلن السلطات التركية عدد الأطفال من بين هؤلاء الضحايا. وفيما أثارت الاستجابة غير السريعة بما يكفي التي نفّذتها هيئات الطوارئ في أنطاكيا تنديداً واسع النطاق، نفى أوكور، وهو أب لطفلَين، أن يكون لمبادرته هذه أيّ دافع سياسي، مشدّداً في المقابل على الجانب العاطفي لهذه المبادرة.

ومنذ عام 2020، يدعم أوكور الأطفال المحرومين من خلال جمعية تزود الأطفال بالألعاب والطعام، وتغطّي في بعض الحالات تكاليف أطراف صناعية أو عمليات جراحية. ويقول إنّ البالونات هي "اللعبة الأخيرة" التي يستطيع تقديمها إلى الضحايا الصغار. وقد نُشر نحو ألف بالون في خمسة أو ستّة مبانٍ في أنطاكيا. ويوضح أنّ البالونات الحمر تمثّل "الفرح والحب" في العادة، غير أنّ "هذه هي المرّة الأولى التي تنهمر دموعنا بسبب بالون" في أنطاكيا بعد الزلزال.

(فرانس برس)

المساهمون