باكستان تبدأ المرحلة الثانية من ترحيل اللاجئين الأفغان

23 ابريل 2024
تعرّض اللاجئون الأفغان لانتهاكات خلال مرحلة الترحيل الأولى (وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اللاجئون الأفغان في باكستان يواجهون قلقًا بعد إعلان السلطات الباكستانية عن المرحلة الثانية لإعادتهم إلى أفغانستان، وسط مخاوف من التعامل القاسي وتكرار القمع.
- "أطباء بلا حدود" ومنظمة العفو الدولية يعبران عن قلقهما إزاء الأوضاع الصحية والخطر على النساء والناشطين بأفغانستان، مطالبين باكستان بإعادة النظر في قرار الترحيل.
- الحكومة الباكستانية تصر على الترحيل لأسباب أمنية، بينما تنفي طالبان واللاجئون الاتهامات، مطالبين بمعاملة كريمة ومراجعة القرار، وسط تأكيدات دولية على عدم جاهزية أفغانستان لاستقبالهم.

يعيش اللاجئون الأفغان حالة من القلق منذ إعلان السلطات الباكستانية عن بدء المرحلة الثانية من خطة إعادتهم إلى بلادهم، خاصة بعدما عاشوا فترة من التعامل القاسي للشرطة الباكستانية معهم خلال المرحلة الأولى، في حين أعربت مؤسسات دولية معنية بحقوق اللاجئين عن خشيتها من تعرّض الأفغان في المرحلة الثانية لنفس القمع وحملات الاعتقال التي تعرّضوا لها خلال المرحلة الأولى.
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" في تقرير حديث، إن قرار باكستان بدء مرحلة ثانية من عملية إعادة اللاجئين الأفغان تنذر بالخطر، بعد أن تعرّض العائدون إلى أفغانستان خلال المرحلة الأولى لأنواع مختلفة من الأمراض والأوبئة. وبينما الأوضاع الصحية متردية للغاية في أفغانستان، فإن من يعودون خلال المرحلة الثانية يحتاجون إلى عناية كبيرة، وهناك خشية من معاناتهم مما عانى منه من عادوا سابقاً.
وأوضحت المنظمة أن "أمراضاً معدية مختلفة تفشّت بين العائدين من باكستان إلى أفغانستان، بالتزامن مع شح وسائل الرعاية الطبية، وتدني الوضع الصحي، والمرحلة الثانية من الترحيل ستجعل حاملي بطاقات اللاجئين التي أصدرتها مفوضية اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة الباكستانية في خطر، وإذا كانت هناك مرحلة ثالثة كما تعتزم الحكومة، فهذا يعني أن جميع الأفغان المقيمين في باكستان معرضون للترحيل، في حين أن الوضع الحالي في أفغانستان لا يتحمل ترحيل هذا العدد الكبير من اللاجئين".
وقالت منظمة العفو الدولية، في بيان، في الرابع من إبريل الماضي، إن قرار باكستان بدء مرحلة ثانية من إجلاء اللاجئين الأفغان سيعرّض الكثير من النساء والفتيات والناشطين المدنيين والإعلاميين للخطر، مشيرة إلى أن كثيراً من هؤلاء غادروا البلاد بسبب الأوضاع هناك، وترحيلهم سيعرّضهم لمزيد من الخطر، كما طالبت الحكومة الباكستانية بإعادة النظر في قرارها، لأن شريحة كبيرة من هؤلاء سيكونون مهددين داخل أفغانستان، ما يجعل ترحيلهم انتهاكا لحقوق الإنسان.
بدورها، طلبت حكومة طالبان من الحكومة الباكستانية أن تعيد النظر في القرار، والتقى نائب وزير المهاجرين في الحكومة الأفغانية، المولوي عبد الرحمن راشد، في 17 إبريل الماضي، مع نائب السفير الباكستاني في كابول، جنيد وزيري، وناقشا مستجدات أوضاع اللاجئين الأفغان في باكستان، وطالبه بأن تعامل سلطات بلاده الأفغان بكرامة، موضحاً أن حكومة طالبان مصممة على عودة جميع اللاجئين الأفغان إلى البلاد، لكن من دون ممارسة الضغوط عليهم.
ولا يبدو أن باكستان مستعدة لإعادة النظر في قرارها، خاصة وأنها لم تلق بالاً لكل المناشدات الدولية بهذا الخصوص، بحجة أن اللاجئين ضالعون في الأحداث الأمنية المتكررة في أنحاء البلاد. 
وفي 21 إبريل، أعلنت وزارة الداخلية الباكستانية أن عناصرها قتلوا مواطناً أفغانياً من ولاية بكتيكا الجنوبية، يدعى ملك الدين مصباح الدين، وأنه قتل خلال مواجهة مسلحة مع قوات الجيش في مقاطعة شمال وزيرستان القبلية، ضمن مجموعة من المسلحين من حركة طالبان الباكستانية، مستدلة بذلك على أن المواطنين الأفغان ما زالوا يشاركون في أعمال العنف داخل باكستان.

وخلال الأسابيع الماضية، شددت الخارجية الباكستانية أكثر من مرة على أن قرار ترحيل اللاجئين الأفغان نهائي؛ وأن القضية مرتبطة بالأمن الباكستاني، مشيرة إلى ثبوت ضلوع مواطنين أفغان في أعمال عنف داخل باكستان. لكن الناطق باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، ومسؤولين في الحكومة الأفغانية نفوا تلك الادعاءات، وقالوا إن الأفغان يعيشون في باكستان منذ عقود، ولا دخل لهم بأعمال العنف هناك.
وثمة قلق متزايد في صفوف اللاجئين من تكرار التعامل المهين من الشرطة الباكستانية معهم. يقول التاجر الأفغاني عبد الودود، وهو يعيش في مدينة لاهور، لـ"العربي الجديد": "نعيش في قلق دائم، ليس بسبب قرار ترحيلنا، رغم أنه سيؤدي إلى ترك أعمالنا وما بنيناه خلال سنوات، ولكن حيال عملية الترحيل نفسها، فتعامل الشرطة الباكستانية شديد القسوة. حكومة باكستان من حقها أن تخرج الأفغان، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة مكرمة، وخلال فترة معقولة، وليس كما فعلت في المرة الماضية".
وتؤوي باكستان نحو 3.7 ملايين لاجئ أفغاني، وتم ترحيل ما يقارب 500 ألف لاجئ في المرحلة الأولى، والعديد من الأفغان الذين يعيشون في باكستان موجودون هناك منذ عقود، وأمضوا فيها وقتاً أطول مقارنة بفترات معيشتهم في بلدهم الأصلي.

المساهمون