باكستان: اعتداءات جنسية متزايدة

01 ابريل 2021
الشرطة تكتفي بتحقيقات لا تصل إلى نتائج (عارف علي/ فرانس برس)
+ الخط -

باتت وقائع الاعتداء الجنسي منتشرة في أنحاء مختلفة من باكستان، وهي في المدن أكثر من القرى، بسبب الثغرات في القوانين، من جهة، وعدم تطبيق القانون وأحكام القضاء من جهة ثانية. في الفترة الأخيرة، أبدت السلطات جدية حيال القضية، من خلال إصدار أحكام في حق عدد من الجناة. كذلك، شكلت الحكومة لجاناً قانونية على مستوى الأقاليم للنظر في قضايا الإعتداءات الجنسية وتحديد حلول مناسبة لها. مع ذلك، تستمر الاعتداءات الجنسية، والمقلق أنّها في كثير من الأحيان تطاول قاصرات.
في أحدث الوقائع، قُتلت الطفلة حريم شاه (3 سنوات) في مدينة كوهات، شمال غربي البلاد، بعدما خطفها جناة مجهولون، في 24 مارس/ آذار الجاري. وبعد البحث عنها، لجأ والد الطفلة، ويدعى نويد إقبال، إلى مركز الشرطة، وسجل القضية مع مواصلة البحث. في اليوم التالي، عُثر على جثمان الطفلة في أحد مجاري المياه، لترسله الشرطة إلى الفحص الطبي الذي أثبت تعرضها إلى الاعتداء الجنسي قبل قتلها. من جهته، قال مسؤول شرطة كوهات، طيب حفيظ شيمه، في تصريح صحافي، إنّ الشرطة تبذل جهوداً حثيثة للوصول إلى الجناة، وتعتبر القضية تحدياً كبيراً لها، ولن تهدأ حتى تصل إلى من ارتكبوا هذه الجناية البشعة.

المرأة
التحديثات الحية

من أحدث الوقائع أيضاً الاعتداء على طفلة عمرها أربع سنوات، في مدينة فيصل أباد، بإقليم البنجاب. ففي الثامن والعشرين من مارس/ آذار الجاري، اعتدى جناة جنسياً على الطفلة، وهي ابنة موظف في مصنع طوب، يدعى شهزاد أحمد. ولم يكتفِ الجناة بالاعتداء بل قتلوا الطفلة، ليُعثر على جثمانها بالقرب من مصنع الطوب، فيما وعدت الشرطة بإجراء تحقيق للوصول إلى الجناة. كذلك، قُتلت، في مدينة راولبندي، طفلة تدعى زينب (9 سنوات). وقالت الشرطة، في بيان، إنّ الطفلة ذهبت إلى بقالة قريبة من منزلها في 22 مارس/ آذار الجاري، وخُطفت من الطريق، وبعد يوم عُثر على جثمانها، وكشفت الفحوص الطبية أنّها تعرضت لاعتداء جنسي قبل قتلها خنقاً، فيما باشرت الشرطة التحقيقات. وهي تحقيقات لا تصل إلى شيء عادة.
ويؤدي تزايد أعداد وقائع الاعتداء الجنسي إلى إثارة الذعر في صفوف المواطنين، كما يضع تساؤلات حول أداء أجهزة الأمن وما أتخذته من إجراءات. في هذا الخصوص، يقول شهزاد علي، من سكان العاصمة، وهو إعلامي وناشط، لـ"العربي الجديد" إنّ الحديث عن الاعتداءات الجنسية يثير الحزن، إذ لا يمكن وقفها إلا بتطبيق القانون، مع سنّ قوانين صارمة إضافية لردع الجناة، مؤكداً أنّ تزايد الأعداد يثير الذعر في صفوف المواطنين عموماً لا سيما الآباء والأمهات.
من جهتها، أصدرت المحكمة الخاصة في مدينة لاهور في 20 مارس/ آذار الجاري حكم الإعدام في حق متهمين اثنين بالاعتداء جنسياً على امرأة، على الطريق الرئيسي بين مدينة سركودها بإقليم البنجاب والعاصمة إسلام أباد في سبتمبر/ أيلول الماضي، وهما: شفقت وعابد مهلي، بالإضافة إلى حكم آخر بالسجن لمدة خمسة أعوام بسبب ضربهما المرأة قبل الاعتداء الجنسي عليها. وحظيت القضية بتغطية واسعة، واهتمام على المستويات السياسية والإعلامية والمجتمعية، بعدما رفعت المرأة صوتها. وفي حينه، وعدت الحكومة بسنّ قوانين جديدة ومعاقبة الجناة.
وفي تعليق على القضية، تقول الناشطة حسيبة عباسي، المحامية في محكمة إسلام أباد، لـ"العربي الجديد": "نرحب بما قضت به المحكمة، لكنّ ما نريده هو تطبيق الحكم، لأنّ من النادر تطبيقه، خصوصاً أنّ عدم تطبيق أحكام الإعدام الأخيرة، تحديداً في هذه القضية، سيؤدي إلى ضياع هيبة القوانين عموماً". تضيف: "ولأنّنا نعيش في مجتمع ذكوري بأعراف متجذرة، فالمرأة الباكستانية لا يمكنها الخروج من المنزل ولا قيادة السيارة في بعض المناطق، وبالتالي فإنّ عدم تطبيق القوانين سيعرّض نساء كثيرات لمثل هذه الاعتداءات، التي تطاول كثيراً من القاصرات أيضاً". تضيف المحامية أنّه "على المدى البعيد، نحن في حاجة إلى إعطاء المرأة الجرأة كي ترفع صوتها، خصوصاً في المناطق الريفية والنائية، إذ إنّ النساء اللواتي يتعرضن لمثل هذه الاعتداءات يُمنعن من رفع أصواتهن غالباً، كما نحتاج إلى إعادة النظر في تربية أجيالنا المستقبلية، وإعادة إعمار المجتمع مع تطبيق القانون حرفياً".

أما في ما يتعلق بسَنّ القوانين الجديدة، فيقول المحامي، وقاص علي، لـ"العربي الجديد": "لا شك أنّنا نحتاج إلى سنّ قوانين جديدة وإجراء تعديلات في القوانين الحالية، لكنّ كلّ ذلك ليس مشكلة كبيرة، بل إنّ المعضلة الأساسية تطبيق تلك القوانين... السلطات تحتاج إلى تطبيق القوانين القائمة أكثر من سنّ قوانين جديدة".
يذكر أنّ وزير التقنية، فواد شودري، وهو قيادي في الحزب الحاكم، قال في خطاب في البرلمان، إنّه في كلّ عام تسجل لدى السلطات الباكستانية أكثر من خمسة آلاف قضية اعتداء جنسي، ولا يمكن الوصول إلا إلى خمسة في المائة من الجناة، في تلك القضايا، بينما هناك أعداد من الضحايا لا تسجل قضاياهن أساساً لأسباب مجتمعية.

المساهمون