استمع إلى الملخص
- تم إعفاء مسؤولين في وزارة التربية بعد اكتشاف شبكات غش واسعة، مما يشير إلى اتساع الظاهرة رغم محاولات التقليل من فداحتها.
- الغش منتشر في مناطق النظام وسلطات الأمر الواقع، حيث تحول إلى تجارة رابحة تؤثر على مستقبل الطلاب وتدفع الأهل لدفع مبالغ كبيرة لتأمين علامات عالية.
أدّى نحو 559 ألف طالب في سورية امتحانات شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) التابعة للنظام في عام 2024، مقارنة بأكثر قليلاً من 256 ألف طالب، خاضوا امتحاناتهم في 2023، بحسب أرقام وزارة التربية، ما يظهر تضاعف العدد.
وخلال امتحانات العام الحالي، رُصِد عدد كبير من حالات الغش، قدرت بنحو 2475 حالة، بينما في العام الماضي، قدرت أعداد من جرى ضبطهم متلبسين بمحاولة الغش بـ 800 حالة، ما يعني أن نسبة الزيادة بلغت 300%.
وتبعاً لذلك، كان من اللافت ما رافق الامتحانات الأخيرة من فضائح، فبعد اكتشاف شبكات متخصصة في الغش، أعفى وزير التربية محمد عامر مارديني مدير التربية في محافظة دمشق، ومدير التربية في ريف دمشق من مهماتهما، ثم إعفاء مدير التربية المساعد لشؤون التعليم الثانوي في مديرية تربية ريف دمشق.
وأشارت وسائل إعلام مقربة من النظام إلى أن هذه القرارات جاءت "نتيجة المتابعة والمراقبة لمجريات عملية الامتحان، وتمَّ على إثرها ضبط شبكة واسعة من الأشخاص، من بينهم من يعمل في قطاع التربية، بشبهة التزوير في دمشق وريفها وغيرها من المحافظات".
ومع تأكيد أن تلك الشبكة لم تتمكن من تحقيق أهدافها لضبطها في الوقت المناسب، لكنّ ذلك مشكوك فيه، ويهدف إلى التقليل من فداحة الوقائع، فالقرارات التي شملت عدة محافظات تؤشر إلى اتساع الظاهرة. ومن المعروف أن القانون السوري يجرّم كل من يسيء إلى العملية الامتحانية من غير الطلاب بعقوبات تصل إلى السجن 15 سنة.
ولا يقتصر الغش على مناطق النظام، فالأوضاع في مناطق سلطات الأمر الواقع ليست أحسن حالاً. في دير الزور، أصدرت مديرية التربية قراراً بحرمان قائد "الدفاع الوطني"، فراس العراقية، من التقدم لامتحانات الشهادة الثانوية، بعد قيامه بإدخال أحد العناصر إلى مركز امتحاني عوضاً عنه.
وألقت الشرطة العسكرية القبض على المتقدم البديل في مدرسة فاطمة الزهراء، فهاجم العراقية مركز الامتحانات مصحوباً بنحو 20 عنصراً مسلحاً، قبل أن يتم التفاوض مع الشرطة العسكرية لإطلاق سراح العنصر.
مثل هذه الواقعة ليست معزولة، فقد ذكرت معلومات مؤكدة أن عناصر من الدفاع الوطني كانوا ينقلون قيودهم المدرسية إلى هذه المحافظة لأنهم يحصلون فيها بسهولة على شهادتي الثانوية العامة والتعليم الأساسي، ما يساعدهم على الحصول على ترقيات ومنافع.
وقد تحول الغش إلى تجارة رابحة بفعل تأثير معدل العلامات على اختصاص الطالب، ما يدفع الأهل إلى دفع مبالغ كبيرة لتأمين حصول أبنائهم على علامات عالية. وعليه، يقوم أشخاص برشوة موظفين في الوزارة للحصول على الأسئلة، ثم يقومون ببيعها للطلاب لقاء مبالغ تعادل أضعاف ما دفعوه.
(باحث وأكاديمي)