استمع إلى الملخص
- **أسباب الانقطاع وتبريرات السلطات:** تسببت أضرار بخط رئيسي في بنغازي وسرقة أسلاك في الجبل الأخضر في تفاقم الأزمة، بينما ترفض الشركة العامة للكهرباء ضم طرابلس لبرنامج طرح الأحمال اليومي.
- **ردود الفعل والمطالب:** يطالب سكان مدن مختلفة بإنهاء الأزمة، ويشعرون بغياب العدالة في توزيع الكهرباء، ويتهم سكان الجنوب الحكومتين بالتهميش.
تستمر أزمة انقطاع التيار الكهربائي في تعكير صفو السكان في مناطق عدة بليبيا، ولا سيما مدينتي بنغازي (شرق) ومصراتة (غرب). وتبرر السلطات الانقطاع غالباً باتخاذها إجراءات لتوفير خدمة الكهرباء.
قبل سنتين نجحت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس في تجاوز أزمة الكهرباء بعدما اتخذت تدابير عملية لمعالجتها، ودعمت الشركة العامة للكهرباء، ما أنهى سنوات من مواجهة معظم مناطق البلاد انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وأحياناً الظلام التام، لكن ذلك لم يعالج الأزمة بالكامل ما جعلها تستمر هذا الصيف.
ورغم أن الحكومة المكلفة من مجلس النواب أعلنت في الأسبوع الثاني من يوليو/ تموز الماضي قرب عودة التيار الكهربائي الى مدينة بنغازي بعد أكثر من أسبوع من انقطاعه، لم يشمل ذلك كل الأحياء التي لا تزال بعضها تعاني انقطاعات طويلة لساعات يومياً.
وبررت الحكومة انقطاع الكهرباء عن بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، بخروج 15 وحدة تغذية فرعية للكهرباء عن الخدمة بسبب أضرار غير مقصودة لحقت بخط رئيسي للتغذية خلال أعمال صيانة أجرتها شركة تتولى تشييد جسر، ثم أعلنت تشكيل فريق للتحقيق في الواقعة وتحديد مكان العطل، ثم جلبت خبراء من الخارج لإصلاح الأعطال، ووعدت بعودة الكهرباء إلى بنغازي في وقت قريب.
وفي مصراتة، ندد مجلس حكماء المدينة نهاية الأسبوع الماضي برفض الشركة العامة للكهرباء ضم العاصمة طرابلس ومدن أخرى إلى برنامج طرح الأحمال اليومي الذي ينفّذ في مصراتة ومناطق أخرى مجاورة، واتهموا السلطات بتعمّد حصار المدينة عبر فرض برنامج لطرح الأحمال عليها وحدها من دون باقي المدن.
وفي مدن بني وليد والجفرة وسبها وطبرق وغيرها، طالب السكان بضرورة إنهاء أزمة الكهرباء وتقديم حلول عملية من أجل وضع حدّ لانقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة يومياً.
وفي حين بررت الشركة العامة للكهرباء تطبيق برنامج طرح الأحمال في مدينة مصراتة باستهلاك مصنع الحديد والصلب في المدينة كميات كبيرة من الكهرباء، ما تطلب طرح وتوزيع الأحمال لتخفيف العبء على محطات التوليد، قالت وزارة الكهرباء في حكومة مجلس النواب في الشرق إن "انقطاع الكهرباء عن رقعة جغرافية واسعة في مناطق الجبل الأخضر نتجت من سرقة عصابة أسلاك كهرباء".
وأوضحت أن طول الأسلاك المسروقة بلغ نحو 3 آلاف متر، وأعلنت أن أجهزة الأمن ستلاحق العصابة وتعاقب أفرادها على أعمال التخريب التي ارتكبوها. كما تعهدت بتوفير حل عاجل وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق التي انقطعت فيها الخدمة.
وفي بيانات منفصلة، أبلغت وزارة الكهرباء في حكومة مجلس النواب سكان بنغازي وسبها الأسبوع الماضي أنها ستقطع الكهرباء ساعات لصيانة خطوط نقل، لكن الناشط المدني عقيلة الأطرش يرى أن "هذه الإعلانات تهدف إلى تبرير فشل الأجهزة في تنفيذ مهماتها".
ويلفت، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن بيانات وزارة الكهرباء لم ترفق أي صور لأعمدة الكهرباء التي سُرقت أسلاكها، كما لم تحدد أماكن أعمال الصيانة التي تنفذ في بنغازي وسبها. وعموماً لا يزال وضع الكهرباء سيئاً بعد أيام من انتهاء أعمال الصيانة المزعومة".
ويشير الأطرش إلى أن "انقطاع الكهرباء يستمر فترات طويلة يومياً في بنغازي، في حين تحظى بعض أحيائها باستقرار في التغذية، ما يجعل أهل المدينة يشعرون بغياب العدالة في توفير حقوقهم المعيشية الطبيعية، خصوصاً أن مسؤولين كبار يمكثون في الأحياء التي لا تغيب عنها الكهرباء.
وفي حين يبدو التيار الكهربائي مستقراً في غالبية أحياء العاصمة طرابلس، تعاني مصراتة ومناطق مجاورة، مثل بني وليد وزليتن تاورغاء، من غياب الكهرباء ساعات طويلة بسبب برنامج طرح الأحمال الذي يرى سالم الزقل الذي يسكن في مصراتة، أن "لا مبرر له، فشركة الكهرباء نفسها أعلنت مرات سابقاً أن مصنع توليد الطاقة يدعم شبكة الكهرباء بـ175 ميغاوات، في حين أن الاستهلاك يناهز 200 ميغاوات، ما يعني أن الفارق ليس كبيراً، ولا يستدعي تطبيق برنامج لطرح الأحمال على امتداد ساعات طويلة".
وفي حين يوافق الزقل على اتهام مجلس حكماء المدينة السلطات بالتضييق ومحاصرة سكان المدينة بسبب مواقفهم المعارضة لسلطة حكومة الوحدة الوطنية، يرى أكرم بو الأسعد الذي يسكن في الجنوب، أن سبب استمرار أزمة الكهرباء في الجنوب مختلف، ويتعلق بالتهميش الذي يمارسه مسؤولو الحكومتين.
ولم تستكمل أعمال تشييد محطة أوباري الغازية في الجنوب رغم أن حكومات كثيرة تعاقبت على ليبيا، علماً أن المشروع يهدف إلى احتواء أزمة الكهرباء احتواءً كبيراً، لكن وجود المحطة وسط مناطق شهدت توتراً أمنياً وعسكرياً طوال سنوات أخر إنجازها الذي تأثر أيضاً بعودة البلاد الى الانقسام الحكومي الذي جعل المحطة تقع ضمن مسؤوليات وزارة الكهرباء في حكومة مجلس النواب التي لم تنفذ فيها أي خطوات جديدة.