جرى على نطاق واسع في سورية تداول خبر تسريب أسئلة مادة الرياضيات المقررة لطلاب الثانوية العامة الفرع العلمي يوم 18 يونيو/ حزيران الحالي قبل ساعات من موعد تقديم المادة، فيما سجل عدد من المشافي العامة حالات انهيار وإغماء عدد من الطلبة بفعل صعوبة الأسئلة.
وكان موقع "مناقشة طلاب بكلوريا سورية" قد نشر أوراق الأسئلة قبل موعد توزيعها على الطلاب بدقائق، فيما قال بعض الطلاب في مدينتي دمشق واللاذقية إن الأسئلة ذاتها وصلت لزملائهم في ساعات الصباح الباكر قبل الامتحان.
وأكد عدد من المتقدمين للامتحان لـ"العربي الجديد"، أن زملاء لهم في مدينة السويداء احتاجوا إلى ساعة ونصف للإجابة عن الأسئلة، فيما هم يحتاجون لثلاث ساعات للإجابة عن الأسئلة الصعبة.
من جانبها، نفت وزارة التربية السورية على لسان مدير الامتحانات في الوزارة يونس فاتي ما يشاع عن تسريب الأسئلة، مشيرًة إلى أن ذلك "لا أساس له من الصحة، وأن الأسئلة لم تستبدل".
واعتبر مدير التعليم في الوزارة عماد هزيم أن هناك حملة تشويش على العملية الامتحانية لا سيما مادة الرياضيات من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى توتر الطلاب وذويهم، بحسب قوله، داعياً الأهالي وأبنائهم إلى عدم الانجرار خلف الشائعات وما يروج عبر "فيسبوك".
واشتكى طلبة ومراقبون في محافظات سورية من صعوبة الأسئلة وكثافتها وضيق الوقت اللازم، إضافة إلى وجود مشكلة في طباعة أوراق الامتحان حجبت بعض الأسئلة، الأمر الذي دفع الوزارة إلى تشكيل لجنة للتأكد والمتابعة، فيما أكدت، بحسب موقع "سورية التعليمية"، حذف السؤال (المحجوب) وتوزيع علامته على باقي الورقة الامتحانية بعد قرار اللجنة الذي لم يؤكد أو ينفي إلى الآن.
إضافة إلى ذلك، اشتكى الطلبة من تأخر وصول أوراق الامتحان إلى عدد كبير من المراكز، ما أوحى للعديد من الطلاب والمراقبين بأن الوزارة استبدلت النموذج المقرر بأحد النماذج الاحتياطية.
وقال أحد الطلبة المتقدمين للامتحان لـ"العربي الجديد": "وصلتني صورة عن نموذج امتحاني حوالي الساعة الرابعة فجراً قبل الامتحان، وبعد ساعتين تقريباً، أي في حوالي الساعة السادسة والربع، وصلتني صورة لنموذج آخر، وقال المرسل إن الوزارة اكتشفت تسريب الأسئلة واستبدلتها بهذا الثاني، وهو ما كان مطابقاً للنموذج الامتحاني".
وبحسب الطالب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن "هذه ليست المرة الأولى"، مشيرًا إلى حصوله على بعض أسئلة مادة الفيزياء، دون النموذج الكامل، وأكد أن معهدًا خاصًا بدمشق يرسل له الأسئلة بعدما سجل فيه ودفع مبلغا كبيرا نسبيًا مقابل وعود بتسريب الأسئلة.
وأضاف "هناك أسئلة يتم تسريبها عن طريق ضباط متنفذين وتتناقل من خلال أبنائهم.. غالبية مدرسي مادة الرياضيات أكدوا أن الأسئلة وُضعت للطالب الجيد والمتفوق لأهداف تبدو مقصودة".
وقد سجل عدد من المشافي العامة حالات انهيار واغماء عدد كبير من الطالبات والطلاب. ففي مدينة درعا في الجنوب السوري، سُجلت أكثر من أربعين حالة إسعاف، بحسب صحيفة "البعث" التابعة للنظام، كذلك في مدن دمشق وريفها والسويداء حيث بدأ الأهالي يرافقون أبناءهم إلى مراكز الامتحان خوفاً عليهم من الانهيار.
وقالت سيدة فضلت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إن ابنتها أصيبت بصدمة حادة أدت إلى فقدانها النطق منذ يوم الأحد أثناء تقديم مادة الرياضيات. وأضافت: "كانت تتوقع تحقيق العلامة الكاملة، لكنها انهارت عندما شاهدت الأسئلة، وقد أسعفتها إدارة المركز الامتحاني إلى المشفى، وفقدت كل فرصة بالنجاح".
وشهدت الأيام الماضية انتحار طالبين في كل من دمشق والقنيطرة، وسط دعوات متواصلة من غالبية من تبقى من سكان بتغيير "العقلية التجارية" في التعامل مع الجيل الجديد، والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة ومناهجها الدراسية، وترك قطاع التعليم بعيداً عن الفساد والنظرة الربحية.