الهند تتّبع سياسة الهدم بالجرّافات ضد المحتجين المسلمين

06 يوليو 2022
تظاهرة مندّدة بهدم منازل مسلمين في الهند (أمارجيت كومار سينغ/ الأناضول)
+ الخط -

بعد توقيفها لمدّة ليلتَين، أُفرج عن سمية فاطمة، الهندية البالغة من العمر 19 عاماً، لترى بعد ذلك في لقطات حيّة المنزل الذي نشأت فيه يُهدَم بجرّافة في إطار حملة تقول السلطات إنّها لمكافحة البناء العشوائي، فيما تؤكّد منظمات أنّها سياسة عقابية ضدّ المسلمين.

وقد لقي عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية المصير نفسه هذه السنة في الهند، في إطار حملة للسلطات لمكافحة الأبنية غير المرخّصة ونشاطات إجرامية أخرى. لكنّ منظمات تُعنى بحقوق الإنسان تدين "عدالة الجرّافة" هذه التي تعدّها عقاباً جماعياً مخالفاً للقانون تمارسه حكومة ناريندرا مودي، مشيرة إلى قاسم مشترك ما بين ضحايا هذه الحملة.

وقالت سمية فاطمة، لوكالة فرانس برس: "نحن مسلمون ولهذا السبب نحن مستهدفون".

والشابة اعتُقلت مع جميع أفراد عائلتها بعد اتهام والدها بتنظيم تظاهرة كبيرة في شهر يونيو/ حزيران الماضي في مدينة الله أباد في شمال البلاد.

وكانت تجمّعات عدّة قد نُظّمت في اليوم الذي تمّ فيه الاعتقال، في كلّ أنحاء البلاد، للاحتجاج على تعليقات مسيئة للنبي محمد، أتت بها المتحدثة باسم حزب الشعب الهندي "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي الحاكم، وأثارت الغضب في كلّ العالم الإسلامي.

وبعدما أُطلق سراح فاطمة، كانت تستريح في غرفة معيشة أحد أفراد أسرتها عندما شاهدت على هاتفها الجوّال لقطات لمنزلها يُهدَم في بثّ حيّ على قناة يوتيوب، ورأت أنّ ذلك إشارة موجّهة إلى المسلمين الذين يحاولون انتقاد الحكومة الهندية.

ورأت الشابة الهندية أنّ المعنيّين "زرعوا الخوف في المجتمع بأسره"، أضافت أنّ "الجميع ينظرون الآن إلى منزلنا ويفكّرون بأنّ ذلك حدث لنا، وبالتالي قد يحدث لهم أيضاً".

ويحكم ولاية أوتار براديش، التي تتحدّر منها فاطمة، الراهب الهندوسي يوجي أديتثياناث الذي يُعَدّ خليفة محتملاً لرئيس الوزراء الهندي القومي ناريندرا مودي، وقد جعل الجرّافة شعاراً لمعركته ضدّ من يسميهم "مثيري الشغب".

وفي وقت سابق من هذا العام، احتفل أنصاره بإعادة انتخابه على رأس ولاية أوتار براديش وهم يقودون آليات حفر، في حين أبرز بعضهم وشوماً تمثّل جرّافة. ومنذ ذلك الحين، حصلت "سياسة الجرّافات" على مؤيّدين في أماكن أخرى من البلاد، فيما تتزايد حملات الهدم مع تصاعد الاضطرابات الدينية.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، بعد اشتباكات عنيفة ما بين هندوس مشاركين في موكب ومسلمين يؤدّون الصلاة في خلال شهر رمضان، هدمت سلطات دلهي نحو عشرين محلاً تجارياً يديرها مسلمون وواجهة مسجد، مخالفة بذلك أمراً قضائياً يأمرها بالتوقّف عن ذلك.

وتصرّ السلطات على أنّ عمليات الهدم هذه نظامية، لأنّها لا تستهدف إلا الأبنية المشيّدة من دون تراخيص. وهذا ما ينفيه الضحايا، مؤكّدين أنّهم محرومون من فرصة الطعن في أوامر الهدم.

يُذكر أنّ منزل فاطمة سُوّي بالأرض "بحضور مئات من رجال الشرطة ومئات الكاميرات من دون أدنى تعاطف"، بحسب ما أفاد "فرانس برس" كاي راي، وهو أحد محامي والدها، وأضاف: "هذه القسوة غير مسبوقة".

ويرى معارضو الحكومة أنّ هذه الحملة هي أحدث مثال على السياسات التمييزية التي ينفّذها حزب "بهاراتيا جاناتا" ضدّ 200 مليون مسلم هندي.

وقال راي: "هم ملتزمون عقائدياً بجعل المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية في الهند وإهانتهم اجتماعياً وتدمير ممتلكاتهم". وقد ذكرت منظمة العفو الدولية أنّ عمليات الهدم هذه هي جزء من حملة قمع انتقائي و"شرس" ضدّ المسلمين الهنود الذين يجرؤون على التحدّث علنًا ضدّ التمييز الذي يعانون منه.

وفي ولاية أوتار براديش يخشى عدد كبير من المسلمين الذين شارك أقاربهم في احتجاجات الشهر الماضي من أن تكون منازلهم على قائمة عمليات الهدم المقبلة. وقال محمد جاويد، وهو أحد سكان سهارانبور، الذي تلقّى أمراً بإخلاء منزله بعد اعتقال شقيقه بسبب الاحتجاج هناك: "نحن الآن نمضي الليالي بلا نوم، وأيامنا مضطربة".

وبعد أسبوع من اعتقال فاطمة، ظلت جرّافة متوقفة بجوار مركز شرطة الحيّ الذي كان يضمّ منزلها ذات يوم، وتعزّز رؤية الأنقاض شعورها بالانتماء إلى مجتمع المنبوذين، وقالت: "ولدت هناك وأمضيت حياتي كلها هناك... لكنّه كان من الواضح أنّ الناس بدوا سعداء لرؤية منزل آخرين يُهدم"، وهي تتذكّر سيل التعليقات على موقع يوتيوب في أثناء بثّ لقطات عملية الهدم.

(فرانس برس)

المساهمون