الهزة الأرضية تدفع لبنانيين إلى قضاء ليلتهم بالشارع

06 فبراير 2023
نجا لبنان من دمار كالذي شهدته سورية من جراء الزلزال (محمد سعيد/ الأناضول)
+ الخط -

عاش اللبنانيون حالة من الهلع والذعر، فجر الاثنين، إثر الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسورية، ووصلت ارتداداته إلى دول الجوار. وهرع الكثير من المواطنين والمقيمين إلى الشوارع تحت الأمطار الغزيرة، بحثاً عن مكان آمن يحتمون فيه. وعلى وقع التكبيرات والآيات القرآنية والأدعية وأجراس الكنائس وإطلاق الرصاص، استيقظ الأهالي في معظم المناطق اللبنانية، وخصوصاً شمال البلاد ومناطق محافظة البقاع، وقضوا دقائق من الرعب والصراخ والبكاء، ناهيك عن البرد القارس والرياح الشديدة، من جراء العاصفة التي تضرب البلاد منذ نحو أسبوع.
فالهزة الأرضية التي كانت بعيدة 150 كيلومتراً عن شمالي لبنان، وبقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر، شعر بها سكان لبنان عند الساعة 3:17 فجراً بتوقيت بيروت، وتسببت بأضرار مادية طفيفة داخل المنازل والمؤسّسات وبعض المستشفيات، بالإضافة إلى ارتجاج المباني والأسرّة والثريّات، وتطاير بعض المقتنيات، وتشقّقات في بعض الطرقات. 
وكانت مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء مارلين البراكس قد أعلنت للوكالة الوطنية للإعلام (رسمية) أنّ مناطق لبنان الشمالية هي التي شعرت بالهزة أكثر من غيرها لأنها الأقرب إلى جنوب تركيا. وتبع الهزة عدد من الهزات الارتدادية لكنها أخف وطأة من الهزة الأساسية، لذلك لم يشعر بها المواطنون.
وشهدت بعض المناطق مسيرات شعبيّة لإيقاظ المواطنين، وجولات لسيارات الدفاع المدني، والهيئات الإغاثية لتفقد الأضرار. في منطقة عكار (شمالاً)، استيقظ المواطن خالد طالب، وهو أب لطفلين، على صوت الهزة، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الأضرار طفيفة في المنطقة، وهي عبارة عن بعض التشققات والتصدعات في المنازل، لكن حالة من الخوف والهلع عمّت الأرجاء. كانت هزة قوية استمرّت نحو 40 ثانية، وهي فترة طويلة. لا يمكن وصف الشعور. هرعتُ وزوجتي إلى طفلينا النائمَين لحمايتهما. البعض لم ينم طوال الليل، كما أنّ العديد من المحال أغلقت أبوابها، بالإضافة إلى المدارس".


أمّا سارة محفوظ، فاختصرت هول الحادثة بالقول: "ما زلنا في حالة صدمة، وكأنّنا كنّا في كابوس. استيقظت وإخوتي وأهلي على ضخامة الصوت وتكبيرات الجوامع وارتجاج الثريّات في منزلنا". الشابّة العشرينيّة التي تسكن في منطقة زغرتا (شمالاً) تحدّثت عن "تدافع الناس وخروجهم إلى الشوارع، في وقت استقلّ آخرون سياراتهم وقصدوا أماكن مكشوفة للاحتماء بها".

من جهته، يقول ساسين تنوري، وهو أب لولدين من بلدة قاع الريم ـ زحلة (البقاع الأوسط): "شعرت زوجتي بالهزة فأيقظتني على الفور، وتركنا الأولاد نائمين، إلا أنّ الهزة امتدّت نحو 40 ثانية، وهرع البعض إلى الخارج، في حين لازم آخرون المنازل. سمعنا إطلاق نار لتنبيه السكان من مخاطر الهزة".
إلى ذلك، يروي نسيم هلال من بلدة المريجات (البقاع الأوسط)، أنّه سمع صوتاً ضخماً وسط تساقط كثيف للأمطار، فهرع إلى الخارج لتفقد الأمر ظنّاً منه أنّه حادث اصطدام جرافة. يضيف لـ "العربي الجديد": "تراقص المنزل بأكمله وارتجّ بشكل كلّي، ولدى خروجي سمعتُ إطلاق نار ودعوات لإخلاء المنازل. قضى معظم الأهالي ليلتهم على الطرقات رغم البرودة والصقيع والثلوج، حاملين أطفالهم بانتظار انتهاء الهزة الأرضية، وسط خوفٍ وذعر شديدين. كما سُجّلت أضرار في بعض المباني".


بدوره، يقول نبيل صلوح، وهو أب لثلاثة أولاد يقطنون في العاصمة بيروت: "زوجتي مريضة وتخضع للعلاج في المنزل. ورغم تعبها ووجعها شعرت بالهزة، وانهالت بالبكاء خوفاً على الأولاد. كان الصوت مخيفاً جدّاً، لكنّنا نجونا من الأضرار".
وبصوتٍ شاحب، تتحدّث لينا العرّ عن هول الصوت ولحظات الرعب التي عاشتها وأهلها في مدينة صيدا (جنوب)، قائلة: "نعيش في طابقٍ مرتفع. وفور وقوع الهزة استيقظنا جميعاً على صوت قوي ومخيف، وسادت حالة من الذعر. كان البيت يتأرجح فينا يميناً وشمالاً فوقعت بعض المقتنيات لدينا، وانكسر بعضها الآخر، وكنّا نظنّ بداية أنّ الصوت من الخزانات على السطح، أو من الطاقة الشمسية من جراء العاصفة، قبل أن ندرك أنها هزة أرضية. وفي اليوم التالي (أمس)، شعرنا بهزة جديدة، وتمايلت الثريّات ومروحة السقف". وختمت حديثها قائلة: "لم ننم إلا عند ساعات الصباح الأولى، وما زالت أجسادنا ترتجف حتى اليوم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وربّما كانت خيمة اللجوء، وللمرة الأولى، خلاصاً لأرواح اللاجئين السوريين في لبنان. يقول الناشط السوري إبراهيم مسلماني (أبو مسعود)، وهو من لاجئي عرسال الحدودية، إنّهم شعروا بالهزة، لكنّ وجودهم في المخيمات شكّل "رحمة" لهم، "إذ كنّا وللمرة الأولى أكثر أماناً من سكّان المباني والمنازل. لكنّنا بالأصل كنّا مستيقظين قبل وقوع الهزة؛ تحسّباً لخطورة وتداعيات سرعة الرياح الناجمة عن العاصفة. فكان أن تفاجأنا بوقوع الهزة الأرضية التي لم تسبّب إلا أضراراً طفيفة في مخيماتنا، لكن بعض الخيم كانت قد هبطت من جراء سماكة الثلوج".

المساهمون