ينتظر طالب لجوء سوداني يدعى حامد منذ أكثر من 18 شهراً رد مفوضية شؤون اللاجئين في تونس على طلب اللجوء الذي قدمه بعدما أجرى محادثات في مناسبتين مع مسؤولي مصالح البلاد المتخصصة في فرز طلبات الباحثين عن صفة لاجئين.
ويخبر حامد "العربي الجديد" أنه لا يعلّق آمالاً كبيرة على هذا الطلب بعدما سبق أن رفضت المفوضية طلبات عدة لرفاقه في السكن، وهم من جنسيات سودانية وإيفوارية، ويقول: "هاجر اثنان من أصدقائنا بطريقة سرية إلى إيطاليا التي وصلا إليها بعدما أمّن لهم منظم الرحلة ظروفاً جيدة لبلوغ الضفة الشمالية للمتوسط".
ويعتبر حامد أن "طول إجراءات الحصول على صفة لاجئ قانوني يدفع مئات من طالبي اللجوء في تونس إلى خيار الهجرة السرية، رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهذه الرحلات وتنامي عدد ضحاياها".
ويعد حامد واحداً من أكثر من 8900 طالب لجوء في تونس مسجلين على لوائح مفوضية شؤون المهاجرين الذين ينتظرون الحصول على صفة اللاجئ، ويعلّق بأن" صفة لاجئ توفر الحد الأدنى لأمثاله من أجل العيش في تونس بلا مواجهة ملاحقات قانونية، تمهيداً لتسهيل اندماجهم المجتمعي والحصول على عمل بعقد".
وقبل أشهر أطلق لاجئون وطالبو لجوء في محافظات جنوب تونس سلسلة احتجاجات للفت نظر السلطات والمنظمات المهتمة بشؤون اللاجئين إلى خطر تنامي الممارسات العنصرية التي تستهدفهم، وطالبوا بوضع سقف زمني للإجابة على مطالب اللجوء التي يقدمونها وفق القوانين والمعاهدات الدولية التي تنظم اللجوء.
وطالب المحتجون حينها بتسريع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في تونس البت في طلبات اللجوء، ومنح من يقدمون طلبات للحصول على هذه الصفة موافقة أو ردا خلال مدة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر، وفق ما تنص عليه القوانين الدولية المنظمة للهجرة.
ويؤكد المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أن طول إجراءات النظر في ملفات طالبي اللجوء يحبط العديد منهم، ويدفعهم نحو قوارب الهجرة التي تعتبر الحل الوحيد لهم في رحلات بحثهم عن أوضاع قانونية ومعيشية أفضل. ويقول لـ"العربي الجديد": "تحدد مفوضية شؤون اللاجئين عدد المطالب التي تنظر فيها سنوياً بحسب التمويلات التي تملكها، ويخضع طالبو اللجوء إلى حصص استماع ومحادثات متعددة بهدف تمديد مهل درس الملفات وفق خطة تنفذها المفوضية السامية لشؤون المهاجرين".
ويرجّح بن عمر أن يكون عدد طالبي اللجوء في تونس أقل بكثير من الرقم الرسمي المعلن بعدما اختار مهاجرون رحلات الهجرة السرية بسبب انتظارهم الطويل لتسوية أوضاع إقامتهم، علماً أن بعض الحاصلين على صفة لاجئ في تونس يشاركون أيضاً في رحلات الهجرة السرية بسبب أوضاعهم الصعبة في تونس وعدم مساعدتهم بالقدر الكافي في الاندماج في المجتمع".
ويرى أن "طول فترة إجراءات البت في مطالب اللجوء تعرّض المهاجرين لكل أشكال الاستغلال نظراً لأوضاعهم الهشّة، كما أن إبقاءهم في ظروف إقامة غير قانونية أصبح يمثل خطراً على وجودهم داخل مجتمعات لم تعد تتقبلهم بسهولة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية متفاقمة التي تزداد حدتها يوماً بعد يوم".
في المقابل، يقول المدير التنفيذي للمجلس التونسي لشؤون اللاجئين عبد الرزاق الكريمي إن "مفوضية شؤون اللاجئين في تونس تبت في مطالب اللجوء خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر".
ويشير إلى أن نسبة كبيرة من طالبي اللجوء لا يملكون هويات ويصعب تحديد جنسياتهم وأعمارهم، ما يجبر مصالح مفوضية شؤون اللاجئين في تونس على التحري لمدة أشهر قبل البت النهائي في الملفات".
ويفسّر الكريمي اختيار طالبي اللجوء حلول الهجرة السرية "بوجود نية الهجرة إلى أوروبا منذ البداية لدى غالبيتهم، واعتبارهم تونس أرض عبور، وبعض المهاجرين يقدمون طلبات لجوء للحصول على إقامات قانونية تسمح لهم بالعمل في تونس ونيل امتيازات توفرها هذه الصفة من أجل جمع الأموال لاستخدامها في رحلات الهجرة لاحقاً".
ويبلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس 8930 بينهم 2804 فقط حصلوا على صفة لاجئ، فيما ينتظر 67 في المائة منهم تسوية أوضاع إقاماتهم بحسب أحدث البيانات للمجلس التونسي للاجئين.
وتمثل محافظات تونس الكبرى وكل من صفاقس ومدنين (جنوب) أكثر المدن التونسية استقبالاً للمهاجرين الذين تنعكس الأزمة السياسية السائدة في البلاد عليهم، وذلك بالتزامن مع تعثر السلطات في إقرار قانون لحماية اللاجئين إثر تعليق أعمال البرلمان.
وقبل أكثر من ست سنوات، سعت الحكومة التونسية إلى صياغة مشروع قانون خاص بحماية اللاجئين بإشراف وزارة العدل ولجنة حقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمعهد العربي لحقوق الإنسان بهدف وضع إطار قانوني يحدّد صفة اللاجئ وحقوقه في الاندماج في البلد المستضيف، وكيفية التعامل مع مسألة اللجوء في البلاد.