تحوّلت شوارع لبنانية إلى مكبٍّ للنفايات، إذ تنتشر القمامة على جوانب الطرق والأرصفة وتتراكم في الأماكن العامة مُسبِّبة أضراراً بيئية وصحية في بلدٍ صُنِّف حديثاً بين أكثر 10 دول تلوثاً في العالم وفق "World Of Statistics"، وهي شبكة إحصاء عالمية تضم ما يقرب من 2360 منظمة في جميع أنحاء العالم.
وتعاني معظم المدن اللبنانية من مشكلة النفايات التي تتفاقم حدّتها وتداعياتها في فصل الصيف وموجات الحرّ الشديدة، إذ تتحلّل تدريجياً لتفوح رائحتها في الأرجاء وتغزو الأحياء، ما يدفع السكان إلى تفادي فتح الشبابيك أو الجلوس على شرفات منازلهم وهم الذين يعانون في الوقت نفسه من أزمة كهرباء وفواتير المولدات الخاصة الباهظة التي تدفعهم إلى التقنين.
ولم تجد الحكومات المتعاقبة في لبنان حلّاً مستداماً لمشكلة النفايات وتكتفي بالإجراءات الترقيعية رغم مرور أكثر من 8 سنوات على الأزمة التي تفاقمت أكثر بفعل الانهيار النقدي المستمرّ منذ أواخر عام 2019.
ويشكو المواطنون من تكدّس النفايات في الشوارع وأمام مداخل المباني في العديد من المناطق في بيروت ومحيطها وخارجها، ومما تتسبب به أيضاً من روائح كريهة تنبعث منها، وتكاثر الحشرات والقوارض، مطالبين برفعها سريعاً في ظلّ تداعياتها الصحية والبيئية الكبيرة.
يأتي ذلك في وقتٍ يشهد فيه لبنان هذا الموسم إقبالاً متزايداً للسياح والمغتربين اللبنانيين الذين يُعوَّل عليهم لإنعاش الاقتصاد اللبناني وإعادة الحركة إلى المؤسسات السياحية التي تدعو بدورها إلى حل أزمة النفايات ولا سيما تلك التي على مقربة منها، حيث الروائح المنتشرة تؤثر كثيراً على عملها.
في السياق، يقول وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين لـ"العربي الجديد": "نحاول منذ سنتين إبقاء القطاع صامداً بالحدّ الأدنى للحفاظ على النظافة العامة، هناك مدن تعاني من تعثر أكثر من غيرها، مثل صيدا جنوباً، وعكار شمالاً، بينما تعدّ المشكلة أقلّ في مناطق مثل بيروت وجبل لبنان، ونحن نقوم بما يلزم لإبقاء المرفق يعمل".
ويلفت وزير البيئة إلى أن "لا أزمة نفايات بمعنى توقف أعمال الرفع والكنس والتنظيف، لكن وتيرة الشغل باتت أقلّ، فبدل القيام بها مرتين مثلاً في النهار، أصبحت تقتصر على مرّة واحدة خلال أربع وعشرين ساعة من جانب بعض البلديات والشركات المتعهدة، وذلك يعود إلى مشاكل في تمويل هذا القطاع، وقلّة الموارد وصعوبة تأمين الإيرادات في ظلّ الانهيار النقدي والأزمة الاقتصادية التي انعكست على البلديات والإدارة المركزية.
ويشير وزير البيئة اللبناني إلى أن هناك خطة بدأنا بتنفيذها لرفع القطاع ونحاول تأمين التمويل المطلوب من الهيئات المانحة، وفي الوقت الحاضر نحن في فترة انتقالية تستدعي العمل بالموجود وإبقاء الأشغال قائمة ولو بوتيرة أقلّ، وخصوصاً في المدن الكبرى، وذلك لحين وضع التعديلات المطلوبة في القوانين، لحوكمة القطاع بشكل أفضل، وتمكين البلديات من جباية الرسوم مباشرة على النفايات التي تنتج من المنازل والمطاعم والمصانع، إضافة إلى الاستثمار والتطوير لكل المنشآت المتعلقة بالنفايات، معامل الفرز والمطامر، في إطار التعاون بين البلديات.
ويؤكد أن الشركات المتعهدة برفع النفايات لم تتوقف عن العمل، ولكنها وفق المعادلة الجديدة تستوفي فقط ما بين 18 و20% من القيمة التي كانت تحصل عليها سابقاً، فهي لم تذهب إلى "الدولرة الشاملة بل اللولرة"، أي الشيكات الدولارية التي تصرف على 15 ألف ليرة لبنانية، مع بدل إضافي للمحروقات، وهو ما يجعل الأعمال بوتيرة أقل، لكنها مستمرّة لإبقاء المرفق حيّاً.