النفايات الطبية الخطرة تهدد تونس من جديد.. وشركات النقل والمعالجة في إضراب مفتوح

16 يوليو 2022
أقسام كوفيد-19 فاقمت أزمة النفايات الطبية الخطرة في تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

 

تهدّد أطنان النفايات الطبية الخطرة مستشفيات تونس ومراكزها الصحية المختلفة، بعد أن أعلنت الغرفة الوطنية لمؤسسات تجميع ونقل ومعالجة النفايات الطبية الخطرة الدخول في إضراب مفتوح احتجاجاً على رفض السلطة التفاوض مع أصحاب الشركات بشأن ديونها وتحسين ظروف العمل، في حين تعرف محافظات عدّة أزمة نفايات وتلوّث، والنفايات تحوّلت إلى أزمة محوريّة.

وأمس الجمعة، أطلقت الغرفة الوطنية لمؤسسات تجميع ونقل ومعالجة النفايات الطبية الخطرة إضرابها، وبالتالي امتناعها عن رفع نحو 25 طناً من مخلفات المستشفيات الحكومية والخاصة، موضحة أنّها دُفعت إلى الإضراب بعد أن أوصدت وزارتَا الصحة والبيئة كلّ أبواب التفاوض مع العاملين في القطاع.

وسوف يؤدّي هذا الإضراب إلى تكدّس أطنان من النفايات الطبية التي يخلّفها القطاع الصحي، بما في ذلك تلك المتعلقة بأقسام كوفيد-19، في وقت تتصاعد فيه العدوى مجدداً وتقترب تونس من بلوغ الذروة في موجة سادسة من تفشّي فيروس كورونا الجديد.

وتعمل تسع شركات متخصصة، يومياً، في رفع ونقل النفايات الطبية الخطرة التي يفرزها القطاع الصحي وتودَع في مستودعات مراقبة لمعالجتها، قبل أن تطمر في المكبات المراقبة وفقاً لكرّاس شروط وبروتوكلات تحدّدها وزارة البيئة.

لكنّ المتحدّث باسم الغرفة التي تجمع المؤسسات الناشطة في هذا القطاع وليم المرداسي يقول، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشركات تواجه صعوبات متعدّدة الأوجه ولم تعد قادرة على الاضطلاع بوظائفها"، لافتاً إلى "عدم تجاوب السلطة مع مطالبنا التي ضمّنّاها في برقية الإضراب".

ويوضح المرداسي أنّ "مؤسسات تجميع ونقل ومعالجة النفايات الطبية الخطرة أنقذت البلاد من كوارث بيئية وصحية في أزمة كورونا، وتحمّلت أعباء مادية كبيرة من أجل جمع الكميات التي تفرزها مراكز العلاج والتحصين، غير أنّها لم تحصل في مقابل ذلك على مستحقاتها، الأمر الذي تسبّب في تراكم ديون المستشفيات لمصلحتها". يضيف المرداسي أنّ المؤسسات التي تنشط في القطاع "تصنّف كمؤسسات صغرى، ولا تملك القدرة المالية لتحمّل أعباء التسيير والانتظار مدّة طويلة قبل الحصول على مستحقاتها من المستشفيات ووزارة الصحة".

ويشير المرداسي إلى أنّ "المطالب التي دفعت العاملين في القطاع إلى تنفيذ الإضراب لا تتوقّف عند الجانب المادي، بل تمتدّ لتطاول مشكلات لوجستية، من بينها عدم السماح للمؤسسات بتوسيع مستودعات التخزين وزيادة قدرتها على التدوير، وهو ما يخلّف آلاف الأطنان من النفايات الخطرة من دون معالجة". ويحذّر من "مخاطر تسرّب هذه النفايات إلى الطبيعة فيما تواصل السلطة صمّ آذانها عن مشكلات القطاع".

وفي بلاغ لها أصدرته تزامناً مع تنفيذ الإضراب، أوضحت الغرفة أنّها "ستواصل وقف العمل بشكل كامل إلى حين تعهّد وزارة الصحة بخلاص كامل ديون الشركات الناشطة في القطاع". كذلك طالبت بـ"استجابة وزارة البيئة للسماح لجميع شركات تجميع ونقل ومعالجة النفايات الطبية الخطرة بإجراء التوسيعات اللازمة ومضاعفة طاقة استيعابها وتمكينها من التخزين المؤقت للكميات المهمة (الكبيرة) الناتجة عن أزمة كوفيد، التي لم تُعالَج، وإلغاء جميع محاضر المخالفة المتعلقة بالكميات المجمّعة خلال فترة كورونا منذ شهر". إلى جانب ذلك، تحدّثت عن ضرورة "إرساء مسار تشاركي في العمل بين وزارة الإشراف والغرفة، خصوصاً في ما يتعلق بالقرارات المهمة التي تؤثّر على ديمومة المؤسسات الناشطة في القطاع ودورها الحيوي في حماية البيئة من مخلفات النفايات الخطرة التي يفرزها القطاع الصحي".

ولا يُعَدّ احتجاج شركات معالجة النفايات الطبية الخطرة الأوّل من نوعه، إذ نفّذت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إضراباً مماثلاً قبل أن يُرفع عقب تعهّد من سلطة الإشراف بالاستجابة لمختلف مطالب المهنيّين.

بيئة
التحديثات الحية

وتفرز المستشفيات والمراكز الصحية التونسية سنوياً 18 ألف طن من النفايات الطبية، من بينها ثمانية آلاف طن من النفايات الخطرة التي تخضع للمراقبة، غير أنّ مراكز علاج كوفيد-19 ومراكز التحصين زادت كميات النفايات بنحو 90 في المائة. وترفع شركات خاصة تلك النفايات من 210 منشآت صحّية عامة، و110 خاصة، و165 مركزاً لتحليل الدم، و500 مختبر، فيما تشير أرقام رسمية صادرة عن وزارة البيئة إلى أنّ معالجة هذه النفايات تتراوح نسبتها ما بين 85 و94 في المائة.

في سياق متصل، يقول المتحدث باسم شبكة تونس الخضراء (مجموعة جمعيات بيئية) حسام حمدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مشكلات البيئة في تونس تتصاعد بشكل مخيف فيما تغيب الحلول كلياً، الأمر الذي يحوّل أزمة النفايات إلى مشكلة جوهرية تهدّد صحة المواطنين". يضيف حمدي أنّ "مخلفات المستشفيات تتكدس في مشهد مخجل حول المؤسسات الصحية"، مؤكداً أنّ "خطر هذه النفايات يمتدّ إلى الأراضي والمياه الجوفية في كلّ المساحات التي تخزّن فيها من دون احترام للترتيبات التي يُعمل بها".

ويرى حمدي أنّ "محافظات البلاد كلها صارت معرّضة للخطر بسبب النفايات الطبية ومخلفات المستشفيات الخطرة. وقد رُصدت تجاوزات كبيرة، من بينها ردم النفايات بالقرب من مساحات زراعية، وذلك في غياب أجهزة المراقبة".

قانونياً، يُخضع المشرّع التونسي التصرّف بالنفايات ومعالجتها النفايات الطبية لقانون أُصدر في عام 1996، وعدد من قرارات استغلال النفايات الطبية ينصّ على "ضرورة تولّي الوحدات الصحية القيام بعملية الانتقاء للنفايات الصحية الخطرة من المصدر"، ويشترط أن تعالج النفايات الطبية الخطرة هذه في وحدات خاصة.

ويخضع التعامل مع ملف النفايات الطبية الخطرة إلى مراقبة لجنة وطنية استشارية، كذلك وضعت تونس برنامج دعم امتدّ من عام 2012 إلى عام 2017 لمساعدة 12 ولاية في التصرّف في النفايات الخطرة، عبر مساعدة فنية واقتناء تجهيزات لتكييف النفايات الخطرة وتوفير التدريب اللازم للموارد البشرية في هذا المجال.

المساهمون