النزوح يقلق أهالي إدلب مع اقتراب الشتاء

27 أكتوبر 2023
القصف طاول كذلك مخيّمات نازحين في إدلب فخلّف فيها أضراراً (معاوية الأطرش/ فرانس برس)
+ الخط -

يعيش السوريون في المناطق التي تتعرّض لقصف مستمرّ في محافظة إدلب، شمال غربي سورية، وسط مخاوف دائمة من ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري والاضطرار إلى النزوح، لا سيّما أنّ القصف لم يتوقّف منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري على الرغم من الإعلان عن هدنة مزعومة.
ويخشى السكان من التهجير، ومن عدم القدرة على الوصول إلى منطقة آمنة في المحافظة، وكذلك من عدم القدرة على الحصول على خيمة تؤويهم أو اللجوء إلى منزل أقارب يستطيع استيعاب عدد من العائلات. وبالتالي يتعرّض هؤلاء لضغط نفسي، لا سيّما سكان أريحا وجبل الزاوية في إدلب خصوصاً، إذ هما من المناطق المستهدفة بالقصف اليومي والمتواصل، إلى جانب سكان مدن كانت تُعَدّ آمنة نسبياً من قبيل مدينة الدانا في شمال المحافظة.
وتطاول المخاوف كذلك السوريين في مخيمات النازحين بالمنطقة. ويقول النازح إبراهيم الدرويش المقيم حالياً في مخيّم قريب من بلدة ترمانين لـ"العربي الجديد" إنّ "المخيمات تتعرّض للقصف، وبالتالي فإنّ وجهتنا المقبلة هي النقاط الحدودية التي تُعَدّ أقلّ خطورة علينا، ونأمل أن تبقى بعيدة عن القصف".
ويشير الناشط عز الدين الشامي المقيم في أريحا لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "سكانها لا يفكّرون بالنزوح في الوقت الحالي"، ويعيد ذلك إلى "تعرّض المناطق المجاورة أو مناطق النزوح لقصف، وإن كان متقطّعاً. وبالتالي، فإنّهم لا يعرفون إلى أين يتوجّهون. كذلك فإنّ القصف يأتي كثيفاً بالمدفعية والطائرات الحربية". يضيف أنّ "ثمّة سبباً آخر وهو أنّ فصل الشتاء على الأبواب والنزوح في خلال الشتاء صعب".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويتابع الشامي أنّ "الأهالي اختبروا النزوح قبل ثلاثة أعوام من أريحا، وكان صعباً جداً". ويشير إلى أنّ "الوضع يكون أسوأ في حال وجود أطفال خصوصاً. ومع عدم توفّر مراكز مخصّصة للنزوح الجماعي، فإنّ إيواء النازحين يكون في مخيمات، لكنّها لن تكون مجهّزة وبالتالي سوف تكون المعاناة كبيرة جداً". ويرى الشامي أنّ "الناس قد يختارون البقاء على الرغم من القصف. وفي حال النزوح، فسوف يكون العدد قليلاً".
ويؤكد الشامي أنّ "السكان بمعظمهم سوف يلازمون منازلهم، أو قد ينتقلون إلى منازل أقارب لهم تقع في طبقات أرضية فتكون بالتالي أقلّ عرضة للخطر بالنسبة إليهم". لكنّه يستدرك قائلاً إنّ "في المناطق المستهدفة لا مكان أكثر أماناً من غيره. وبالتالي قد يكون الخيار الأمثل هو مغادرة المنطقة بالكامل".
في الإطار نفسه، يقول غسان العبد، أحد سكان أريحا، لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة أشخاصاً توجّهوا أخيراً إلى منازل أقارب لهم، وقد مكثوا فيها أياماً عدّة إلى حين تراجع القصف، وإعلان هدنة. وبعدما عاد هؤلاء إلى المنطقة، وتجدّد القصف، لم يعرفوا ماذا يمكنهم فعله". ويوضح العبد أنّ "ثمّة خوفاً شديداً والأهالي لا يعلمون ما هو القرار الأفضل في هذه الحال"، متسائلاً "هل نغادر لنعيش في خيمة تحت المطر ووسط الطين والبرد؟". ويؤكد العبد أنّ "هذا يجعلنا في حالة تردّد، وفي الوقت الحالي الخوف هو من إمكانية حدوث قصف".

من جهتها، تسكن هدى عبد السلام مع أطفالها وزوجها في أحد مخيّمات دير حسان في الريف الشمالي لمحافظة إدلب، علماً أنّ المخيّم يتألّف من منازل مبنيّة من الطوب. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "لا مكان ننزح إليه. عشنا على مدى أعوام في الريف الشمالي لمحافظة حمص نازحين من ضمن المنطقة. وبعد تهجيرنا في عام 2018، نزحنا إلى أماكن عدّة، قبل أن نلجأ إلى هذا المخيّم حيث نقيم حالياً". تضيف عبد السلام أنّ "في خلال الأعوام الماضية، كانت قذائف المدفعية تصل في بعض الأحيان إلى هذه المنطقة، لكنّنا لم نعرف حينذاك الخوف الذي خبرناه في الأيام الأخيرة". وتتابع عبد السلام: "لا نعرف إلى أين نذهب. كذلك فقد حلّ فصل الشتاء والبرد لا يُحتمَل في الليل من دون أغطية، ولا شكّ في أنّ الأولاد سوف يمرضون في حال نزحنا إلى خارج المخيّم"، مشدّدةً "لم نعد نحتمل كلّ هذا القهر والتهجير".
تجدر الإشارة إلى أنّ بلدات عدّة في محافظة إدلب تعرّضت للقصف يوم الاثنين الماضي في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، من بينها بلدة محمل غربي إدلب وقريتا بيدر شمسو وإنب، وقد طاول القصف كذلك مدينة جسر الشغور، الأمر الذي يجعل المنطقة ككلّ في حالة من التوتّر الأمني.

المساهمون