المكسيك: نساء تعرّضنَ لاعتداءات بالحمض الكاوي يكشفنَ عن وجوههنّ

06 مايو 2022
كارمن سانشيز: أقاوم لكنّني لا أعرف إن كنت سوف أُشفى نهائياً (عمر توريس/ فرانس برس)
+ الخط -

تحاول نساء تعرّضن لاعتداءات بالحمض الكاوي في المكسيك مساعدة أخريات يختبرنَ المعاناة نفسها، لعلّهن يتمكّنّ من إعادة بناء حياتهنّ. ويمثّل هذا الدعم المتبادل جزءاً من علاجهنّ، إلى جانب العمليات الجراحية، فيما تكون الدعاوى القضائية التي يرفعنَها من دون جدوى في أحيان كثيرة. ومن بين هؤلاء، ناجيات لا يخشينَ الكشف عن وجوههنّ، سواء أكانت مشوّهة أم لا، والإفصاح عمّا تعرّضنَ له.

منذ ثمانية أعوام، تتعايش كارمن سانشيز مع حروق تعرّضت لها من جرّاء هجوم بالحمض الكاوي، لكنّ المرأة البالغة من العمر 37 عاماً تضع نظّارات سوداء كبيرة لتغطّي بها حروقها تلك. وبعد خضوعها إلى 61 تدخلاً طبياً مختلفاً، أسست مؤسسة تحمل اسمها وصار عملها يمثّل تحدياً يومياً لها. وتؤكد المرأة المكسيكية، التي أطلقت مؤسستها في عام 2021 بهدف وضع حدّ للعنف بالحمض الكاوي: "أقاوم بشكل يومي، لكنّني لا أعرف إن كنت سوف أُشفى نهائياً يوماً ما".

وفي عام 2021، سجّلت المكسيك 3751 جريمة قتل نساء، صُنّفت 1004 منها جرائم قتل استهدفتهنّ بسبب نوعهنّ الاجتماعي، بحسب البيانات الرسمية. وقد وثّقت مؤسسة كارمن سانشيز 32 هجوماً بالأحماض ضدّ نساء منذ عام 2001، قُتلت من جرّاءها ستّ مكسيكيات. وقد ارتفعت الأرقام في عام 2021، مع تسجيل سبع حالات مقارنة بحالتَين في السنوات السابقة.

ولكارمن ابنتان أنجبتهما من علاقة سابقة استمرّت عشرة أعوام، وقد رفعت ثلاث دعاوى ضدّ شريكها السابق الذي أساء معاملتها من دون أن يتلقّى أيّ عقاب، علماً أنّها انفصلت عنه في عام 2014. وتخبر: "كان يقول لي إنّه سوف يأتي بفعل أتذكّره من خلاله طيلة حياتي". وهذا ما قام به بالفعل. ونظراً إلى عدم فعالية السلطات في هذا المجال، حدّدت كارمن بنفسها موقع المعتدي عليها الذي أُوقف العام الماضي. وتوضح كارمن: "كان عليّ أن أنتزع من الدولة جزءاً من العدالة".

وبعد تعرّضها للهجوم بالحمض الكاوي، دخلت كارمن المستشفى لمدّة ثمانية أشهر. وتروي: "قالوا لي (في المستشفى العام) إنّني أستطيع أن أتعايش مع الحروق، وعليّ أن أكون ممتنّة لأنّني بقيت على قيد الحياة"، مشيرة إلى صعوبات واجهتها للحصول على رعاية صحية جيّدة يغطّي الضمان الاجتماعي نفقاتها. ولا تخفي كارمن أنّ حياتها تمثّل صراعاً مستمراً مع عدم الاستقرار العاطفي، وتشرح أنّه "لم يكن ما تعرّضت له نتيجة حادثة عارضة، بل هو خطط له (شريكها السابق) واشترى الحمض الكاوي وألقى به عليّ. وعندما أنظر إلى المرآة، أراه هو".

الصورة
ياسمين امرأة مكسيكية تعرضت للحمض الكاوي (عمر توريس/ فرانس برس)
ياسمين: كان الألم شديداً لدرجة أنّني تمنّيت الموت (عمر توريس/ فرانس برس)

وتدعم مؤسسة كارمن سانشيز ثماني نساء للحصول على علاجات صحية جسدية مجانية واستشارات قانونية وعلاج نفسي، ياسمين البالغة من العمر 34 عاماً واحدة من هؤلاء. وتروي ياسمين، التي فضّلت عدم الكشف عن اسم عائلتها، أنّها عندما كانت تغادر مكان عملها، قبل عام ونصف عام، ألقت إحدى النساء سائلاً ساخناً عليها، فأُصيبت بحروق في حاجبَيها ورقبتها وذراعها اليُسرى وساقَيها، فيما فقدت إحدى أذنَيها. تضيف: "كان الألم شديداً لدرجة أنّني تمنّيت الموت".

بالنسبة إلى ياسمين، فإنّ زوجها السابق مسؤول عن إرسال المرأة التي هاجمتها بالحمض الكاوي، إذ تشير إلى أنّه "قبل أيام قليلة، كنّا نتشاجر عبر الهاتف، وهدّدني دعياً إيّاي أن أكون حذرة، وقال إنّ لديه مفاجأة صغيرة لي". يُذكر أنّ ممارسة عنيفة سادت العلاقة التي جمعت ياسمين بزوجها السابق، لكنّ الدعاوى التي رفعتها ضدّه لم تسفر عن أيّ نتيجة. وتقرّ المرأة بأنّ تجربتها مع مؤسسة كارمن سانشيز كانت "عامل تحرّر لي"، مضيفة "نشعر بثقة أكبر، إذ لا يُحكَم علينا ولا نُحمَّل مسؤولية ما حصل لنا".

الصورة
خيمينا كانسيكو تساعد نساء مكسيكيات تعرضن للحمض الكاوي (عمر توريس/ فرانس برس)
خيمينا كانسيكو: لا بدّ من أن يستعدنَ هدفهنّ في الحياة (عمر توريس/ فرانس برس)

في سياق متصل، تشدّد نائبة كارمن سانشيز في المؤسسة، خيمينا كانسيكو، على أنّ على النساء اللواتي تعرّضن لهجوم بالأحماض أن يستعدنَ حياتهنّ وهدفهنّ في الحياة. وتدعوهنّ إلى "الترفيه، والاحتفال بالمناسبات الرئيسية، والخروج لتناول العشاء مع الأصدقاء أو التحدّث إليهم عبر الهاتف بكلّ بساطة". بالنسبة إليها، فإنّ هذه "خطوات أساسية ليحافظنَ على قوّتهنّ".

الصورة
مارتا أفيلا امرأة مكسيكية تعرضت للحمض الكاوي (عمر توريس/ فرانس برس)
مارتا أفيلا: أنا محظوظة لأنّ ابنتي نجت من الاعتداء (عمر توريس/ فرانس برس)

من جهتها، تعرّف مارتا أفيلا، البالغة من العمر 63 عاماً، عن نفسها بأنّها "ضحية جانبية". ففي عام 2017، تعرّضت لاعتداء من زوج ابنتها السابق. وتخبر المرأة، التي تغطّي الحروق 40 في المائة من مساحة جسمها، أنّه "أتى للاعتداء عليها (ابنتها)، لكنّه لم يجدها فهاجمني أنا". وقد يصير المعتدي على مارتا حرّاً في غضون عامَين، إذا أُطلق سراحه بحسب المتوقّع. فثمّة معتدون في بعض الولايات المكسيكية يستفيدون من إمكانية تخفيف عقوباتهم في حال اعترفوا بجرائمهم.

وعلى الرغم من كلّ ما حصل، تؤكد مارتا: "أنا محظوظة لأنّ ابنتي نجت من الاعتداء". وتقول "أفكّر كوالدة بأنّ تعرّضي للاعتداء أفضل ألف مرّة من مواجهة ابنتي له"، مشيرةً إلى أنّ "صديقات قابلتهن في المؤسسة، تتراوح أعمارهنّ ما بين 20 و30 عاماً، دُمّرت حياتهنّ على يد آباء أبنائهنّ في بعض الأحيان".

(فرانس برس)

المساهمون