المغرب يبدأ تحويل القنب الهندي لاستعمالات غذائية وطبية

11 يناير 2024
مزارع يتفقد حقل القنب الهندي في قرية أزيلا بمنطقة كتامة المغربية (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

خطا المغرب، هذا الأسبوع، خطوة حاسمة في مسار تقنين القنب الهندي مع بدء أول عملية لتحويل المادة المخدرة في مصنع محليّ، وإعلان السلطات عزمها على إنشاء منطقة لتحويلها إلى استعمالات طبية في شمال البلاد.

وشهدت منطقة باب برّد بإقليم (محافظة) شفشاون (شمال المغرب) الاثنين الماضي، انطلاق أول عملية لتحويل القنب الهندي واستخراج مواد لاستعمالها في الصناعات الغذائية والطبية في المغرب.

وتتركز عملية الإنتاج التي تتولاها تعاونية "بيوكنات بالمغرب" على تحويل القنب الهندي واستخراج مواد الكنابيديول، والكنابجغول، والكنابينول ومواد أخرى. وهي المواد، التي تدخل في العديد من الصناعات الغذائية والصناعية والطبية وشبه الطبية، نظراً لمزاياها العديدة، المثبتة علمياً في تخفيف الآلام والمساعدة في علاج العديد من الحالات المرضية، وفق بيان للتعاونية.

المغرب: تحويل القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

وتزامناً مع بدء أول عملية تحويل القنب الهندي، أعلن المغرب، الاثنين الماضي، أنه يعتزم إنشاء أول منطقة اقتصادية، لتحويل القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية، بمدينة إساكن شماليّ المملكة.

وقالت وكالة أنباء المغرب الرسمية، إن الرباط تعتزم "إنشاء منطقة اقتصادية في إساكن، على مساحة 10 هكتارات، لاستقبال الأنشطة، لتحويل نبات القنب الهندي، من أجل استخلاص منتجات ذات أغراض طبية وتجميلية وصناعية، وخُصِّص 45 مليون درهم (4.5 ملايين دولار) لإحداث هذه المنطقة".

ويقدَّر عدد المزارعين الذين يشتغلون في النشاط الزراعي للقنب الهندي في المغرب بما يقارب 400 ألف شخص، حسب أرقام رسمية.

وكانت الحكومة قد أقرت في 25 فبراير/ شباط 2021 قانوناً لتقنين زراعة القنب الهندي واستخدامه، في تغيير واضح لمقاربة التعامل مع النبتة المخدّرة، بعد سنوات من الرفض القاطع لزراعتها واستخدامها لأغراض طبية أو صناعية.

وينص قانون الاستخدامات المشروعة للقنب الهندي على إخضاع كلّ الأنشطة المتعلقة بالزراعة والإنتاج والتصنيع والتسويق والتصدير للترخيص، وإنشاء وكالة وطنية "تتولى التنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية (زراعية) وصناعية تُعنى بالقنب الهندي، مع الحرص على تقوية آليات المراقبة".

ويشترط القانون الانخراط في تعاونيات تنشأ خصيصاً لهذا الغرض، وأن يكون طالب الرخصة مالكاً لقطعة الأرض المخصصة لهذا الغرض، أو حاصلاً على إذن من المالك لزراعة القنب الهندي، أو على شهادة من السلطة الإدارية المحلية تثبت استغلاله لهذه الأرض. كذلك يتعيّن على المزارعين والمنتجين المرخّص لهم التقيّد بشروط الوكالة الرسمية بالتنسيق مع السلطات المعنية، واستعمال البذور والشتلات المعتمدة، وتسليم المحصول بالكامل للتعاونيات مقابل الثمن المحدّد في عقد البيع.

وفي نهاية إبريل/ نيسان الماضي، أعطت السلطات الانطلاقة الرسمية لموسم زراعة أول محصول القنب الهندي، بتسليم أول دفعة من بذور القنب المستوردة من سويسرا، للمزارعين والتعاونيات في أقاليم الحسيمة وشفشاون وتاونات (شمال المغرب)، وتوقيع محاضر الاستلام.

وبحسب منسق "الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف" شكيب الخياري، فإن عملية تنزيل القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي تتجه نحو النجاح، وفقاً للمعطيات المتاحة حالياً، لافتاً إلى أن هناك تقدماً جيداً في عدة جوانب من هذا العمل.

وقال، في حديث مع "العربي الجديد": "وفق الأرقام المعلنة رسمياً، يظهر أن العديد من المزارعين انخرطوا في إنشاء التعاونيات المنتجة للقنب الهندي، وهو ما يشير إلى تغير في العلاقة بين المزارعين والدولة، التي تميزت في الماضي بالتوتر، لكن الآن الدولة ترافقهم بشكل فعال في الانتقال إلى الاقتصاد المشروع من طريق الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

ويلفت إلى أنه "رغم ما تحقق، فإنه يتعين مراعاة أن هناك فئات واسعة من المزارعين لم تنخرط بعد في هذه التجربة، ما يقتضي تكثيف التواصل معهم وتقديم التدريب اللازم لهم لضمان انخراطهم. مضيفاً: "فقط يجب الانتباه إلى أن الدولة لم تمرّ إلى السرعة القصوى، على اعتبار أن هذه المرحلة تجريبية، حيث الهدف منها اكتشاف مناطق القوة والضعف في تدبير هذا الاقتصاد الجديد".

من جهة أخرى، قال الخياري إن "عملية منح التراخيص للشركات المتخصصة في تصنيع المنتجات المشتقة من القنب الهندي تسير بسلاسة، وهو ما يشير إلى جاهزية الدولة لتسهيل عمل القطاع الخاص ودعم الاستثمار في هذا المجال الواعد، ويبدو من خلال ذلك أن تجربة المغرب تجذب انتباه المستثمرين".

وأصدر المغرب حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الأول الماضي 430 ترخيصاً قانونياً لزراعة القنب الهندي وإنتاجه على مساحة تصل إلى 277 هكتاراً، من خلال 32 تعاونية إنتاجية. في حين بلغ إجمالي الإنتاج في الموسم الأول للتقنين 294 طناً، بمتوسط يراوح بين 10 و27 قنطاراً في الهكتار. ومنحت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (رسمية) "خلال الفترة نفسها 179 ترخيصاً لأنشطة تحويل القنب الهندي، بما في ذلك 47 ترخيصاً لأغراض صناعية، و7 تراخيص لأغراض طبية، و51 ترخيصاً لأغراض التسويق، و54 ترخيصاً لأغراض التصدير، و17 ترخيصاً لاستيراد البذور، و3 تراخيص لأغراض النقل".

ووفق دراسة جدوى متعلقة بتطوير القنب الهندي في المغرب، كانت قد أعدتها وزارة الداخلية، فإنّ الأسواق ذات الأولوية للقنب المغربي الطبي هي إسبانيا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا، مع توقعات بقيمة 25 مليار دولار أميركي سنوياً في عام 2028. وبحسب التوقعات ذاتها، فإنه "إذا أُخذَت إمكانات أسواق فرنسا وإيطاليا في الاعتبار، فهذا يعزز حجم السوق المحتمل بمقدار 17 مليار دولار، ليصل إلى 42 مليار دولار".

وفي ما يتعلق بحصة الإنتاج المغربي في الأسواق الأوروبية، قدمت وزارة الداخلية فرضيتين تتعلقان بأهداف الصادرات المغربية من القنب للاستخدام القانوني في أوروبا بحلول عام 2028. الفرضية الأولى منخفضة، وتمثّل 10 في المائة من سوق القنب الهندي الطبي المستهدف (42 مليار دولار)، وهو ما يعادل 4.2 مليارات دولار، ويمثّل مداخيل فلاحية سنوية بنحو 420 مليون دولار. أمّا الفرضية الثانية، فهي مرتفعة، وتمثل 15 في المائة من سوق القنب الهندي الطبي المستهدف، وهو ما يعادل 6.3 مليارات دولار، ويمثل مداخيل فلاحية سنوية بنحو 630 مليون دولار.

المساهمون