المغرب: هل اقتربت الحكومة من طي ملف أساتذة التعاقد؟

29 يناير 2024
احتجاجات سابقة لأساتذة المغرب للمطالبة بتحسين أوضاعهم (العربي الجديد)
+ الخط -

دخل ملف أساتذة التعاقد في المغرب منعطفاً مفصلياً، بعد أن أقرت لجنة التعليم بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، اليوم الاثنين، بالإجماع مشروع قانون ينص على إضفاء صفة الموظفين على "الموارد البشرية لأكاديميات التربية والتعليم".

ويعتبر إقرار اللجنة النيابية مشروع القانون، اليوم، خطوة حاسمة في طريق حل ملف شائك منذ سنوات، بالنظر إلى أنه يعيد إلى جانب تنزيل النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم الجديد، الطريق للطي النهائي لملف الأساتذة المتعاقدين، وفق وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى.

وفي انتظار المصادقة النهائية على مشروع القانون من قبل مجلس النواب، ومن بعده مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) اعتبر بنموسى، خلال اجتماع لجنة التعليم بمجلس النواب، اليوم، أن المشروع يستجيب لفئة من الأساتذة يشتكون من التمييز بينهم وبين باقي موظفي القطاع.

 كما يأتي المشروع، وفق الوزير، في إطار التدابير التشريعية المتخذة لتنزيل بنود الاتفاقين الموقعين بتاريخ 10 و26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تحت إشراف رئيس الحكومة، مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في المغرب في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي، ولا سيما المتعلقة منها بإضفاء صفة "موظف" على جميع موظفي الوزارة، بمن فيهم الذين جرى توظيفهم طبقاً لأحكام القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين كما وقع تغييره وتتميمه.

وينص المشروع على أن "موظفي الأكاديميات" يتكونون من الفئات التالية: أولا، موظفون يسري عليهم، خلافا لأحكام المادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية. ويوجد هؤلاء الموظفون في وضعية قانونية ونظامية إزاء الأكاديمية، ويجري توظيفهم وتعيينهم وترسيمهم في إحدى الدرجات المنصوص عليها بالنظام الأساسي المذكور، وفق الشروط والكيفيات التي يحددها.


كما يتكون "موظفو الأكاديميات" من موظفين يجري توظيفهم، وفق الأنظمة المطبقة على الهيئات المشتركة بين الوزارات. في حين، تتمثل الفئة الثالثة في "موظفين في وضعية إلحاق".

تجدر الإشارة إلى أن نظام التعاقد هو برنامج أطلقته حكومة المغرب في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية، بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنه خلف احتجاجات لدى من جرى توظيفهم، والذين طالبوا بتغييره ودمجهم في القطاع العام.

وفي عام 2019، تخلت وزارة التربية الوطنية عن النظام نهائيا، واستحدثت نظاما أساسيا يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحق في الترقية والتقاعد، والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكن الاحتجاجات استمرت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة، وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية، لا الأكاديميات.

وتعليقا على مصادقة اللجنة النيابية على المشروع، قال عضو لجنة الإعلام بـ"التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد، مصطفى الكهمة، إنه "عوض أن تعمل الحكومة على تعديل موازنة 2024 وإحداث مناصب مالية لإدماج الأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد، عملت على تعديل بعض القوانين، من خلال التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات التي لا تلمس جوهر المشكلة".
وأوضح لـ"العربي الجديد" قائلا: "ليست المرة الأولى التي يقال فيها رسميا إنه تم طي ملف الأساتذة المتعاقدين، إذ سبق الإعلان عن ذلك في أكتوبر الماضي، بعد المصادقة على النظام الأساسي الذي أحدث احتقانا غير مسبوق في القطاع، وقبل ذلك قال وزير التربية الوطنية السابق سعيد أمزازي إن التعاقد انتهى سنة 2019. واليوم نفاجأ بإعادة تكرار الأسطوانة نفسها وهي التخلي عن التعاقد، ما يطرح أكثر من علامة استفهام".

واعتبر الكهمة أن مشروع القانون "محاولة أخرى لذر الرماد في العيون، في وقت يبدو فيه أن ملف التعاقد يموت ويحيا كل سنة"، مضيفا: "سنعتبر الملف مطويا عمليا إذا جرى إحداث مناصب مالية منصوص عليها ضمن قانون المالية، وإلا سيظل عالقا، وما حدث اليوم هو تعديل للتسمية فقط وليس الجوهر؛ وقد جرى تعديل التسمية مرتين، والحال أن المطالب جوهرية وليست شكلية".

وعاش قطاع التعليم في المغرب على وقع الاحتقان منذ بدأ العام الدراسي الحالي، جراء خوض آلاف الأساتذة منذ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إضرابات ووقفات ومسيرات واعتصامات احتجاجية، مطالبين بإسقاط النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التعليم، ومعبرين عن رفضهم اتفاق 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والذي كان من أهم مخرجاته زيادة 1500 درهم (نحو 150 دولاراً) في أجور موظفي التعليم.

المساهمون