المغرب: مطالب بإلغاء الساعة الإضافية في المؤسسات التعليمية

27 سبتمبر 2022
مطالبات برلمانية بإلغاء العمل بها حفظاً لسلامة التلاميذ (عبد الحق سينا/فرانس برس)
+ الخط -

عاد الجدل حول اعتماد الحكومة المغربية إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية للمملكة، أو "الساعة الإضافية" (غرينتش+1)، إلى الواجهة، بالتزامن مع مطالبات برلمانية بإلغاء العمل بها في مؤسسات التربية والتعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي والثانوي التأهيلي، حفظاً لسلامة التلاميذ وذويهم.

ودعت مجموعة من الفرق (الكتل) البرلمانية، في أسئلة كتابية موجهة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، إلى اعتماد زمن مدرسي يراعي مطالب وملاحظات جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، خصوصا في العالم القروي، الذي يشهد نقصا على مستوى البنيات التحتية، في مقدمتها الطرق المعبدة والإنارة.

وفي السياق، طالبت النائبة البرلمانية عن الفريق النيابي لحزب "التقدم والاشتراكية" المعارض نزهة مقداد، في سؤال كتابي وجهته، بمناسبة العام الدراسي الجديد، إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بإعادة النظر في الساعة الإضافية في قطاع التربية الوطنية.

وقالت، في مساءلتها للوزير الوصي على قطاع التعليم، إن "اعتماد الساعة الإضافية خلال فصل الصيف والفترة التي تسبقه بقليل أمر مفهوم ومقبول، أما الإبقاء عليها طيلة السنة، فإن ذلك يتسبب في الكثير من المتاعب للمواطنات والمواطنين، وبالأخص في قطاع التربية الوطنية".

ولفتت إلى أن الأسر تضطر إلى مرافقة أبنائها إلى المدارس في جنح الظلام صباحا، ومساء حيث العودة لاستعادتهم، في ظل هواجس الحفاظ على أمنهم وسلامتهم، خوفا من الكلاب الضالة ومن تجليات بعض مظاهر الجريمة.

وأوضحت النائبة البرلمانية أن "العديد من الدراسات أظهرت تأثير الساعة الإضافية على المتمدرسين، وتتجلى ملامح هذا التأثير في ضعف التركيز داخل حجرات الدراسة، لاسيما في البوادي، حيث انعدام وسائل النقل المدرسي، لأن ذهن التلميذ يظل مشغولا بالطريق بعد الدرس".

ومنذ اعتماد الحكومة المغربية توقيت (غرينتش+1) رسميا في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، "بكيفية مستقرة تفاديا لتعدد التغييرات خلال السنة"، تواجه "الساعة الإضافية" انتقادات حادة ومطالب متكررة بالإلغاء، لاسيما تلك التي تتعلق بدراسة التلاميذ في فصل الشتاء.

وبحسب رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، نورالدين عكوري، فإن الإشكال يطرح بحدة في فصل الشتاء مقارنة مع اعتماد الساعة الإضافية في فصل الصيف، موضحا في حديث مع "العربي الجديد": "الحكومة تعتبر الساعة الإضافية خطوة استراتيجية، ونحن لا نعلم الخبايا، لكنها تخلق مشاكل كثيرة للتلاميذ. لذا، فإن مطلب إسقاطها قائم على الدوام".

من جهته، يلفت رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بوعزة الخراطي، في حديث لـ"العربي الجديد "، إلى أن "التلاميذ يتأثرون سلبا بهذا التوقيت، لأنهم لا ينالون كفايتهم من ساعات النوم، مما يدفعهم إلى النوم داخل حجرات الدراسة لتعويض الخصاص، والأمر نفسه ينطبق على المستخدمين الذين يضطرون إلى الاستيقاظ باكرا لنقل أبنائهم إلى المؤسسات التعليمية".

ويتابع قائلا: "قضية الساعة الإضافية أصبحت متجاوزة، لأن التبريرات الحكومية غير معقولة بتاتا، فبالعكس التوقيت الحالي يرفع من فاتورة الاستهلاك الطاقي، وهو ما يتناقض مع ما تسوقه الحكومات المتعاقبة من ادعاءات".

وكانت الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب قد طالبت، في وقت سابق، بإلغاء الساعة الإضافية بشكل مستعجل وفتح تحقيق حول مآل الدراسة التي أجرتها الحكومة المنتهية ولايتها بخصوص تأثيراتها، فضلا عن تحديد موقفها من الساعة الإضافية المعمول بها على طول السنة (غرينتش+1)، والتي "شكلت تذمرا في أوساط المجتمع المغربي من خلال تثبيتها بشكل تعسفي من توقيت صيفي إلى توقيت إجباري".

وبحسب رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، عبد الواحد الزيات، فإن قرار فرض الساعة الإضافية "لم يراع التأثيرات السلبية النفسية والاجتماعية والصحية والأمنية والمجالية على عموم المواطنين وعلى الأسر والطفولة وتلاميذ المؤسسات التعليمية والطبقة العاملة، بالنظر إلى عدة ظروف تم تغييبها أو استغفالها".

ويقول الزيات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الساعة الإضافية التي فرضت عنوة تجسد حجم خيبات القرارات الحكومية، لم تعد ساعة إضافية، وإنما أضحت ساعة إجبارية"، مبديا استغرابه من فائدة اعتماد العمل بها في الوقت الذي لم تعمل فيه مجموعة من الدول الأوربية على تثبيتها على طول السنة، بل تعمل بها في فصل الصيف فقط.

وبينما دعا الزيات الحكومة الحالية لرفع منسوب التفاؤل والثقة بإلغاء والتراجع عن الساعة الإضافية التي فرضتها الحكومة السابقة، تدفع السلطات المغربية في وجه الانتقادات الموجهة إليها بأهمية الإجراءات المصاحبة لنظام التوقيت الجديد ودورها في ملاءمته لخصوصية المجتمع المغربي، من بينها إصدار السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية للمذكرة عدد 18/158 بتاريخ 02 نوفمبر/ تشرين الثاني  2018 المتعلقة بضرورة اعتماد صيغ للتوقيت المدرسي تتناسب وخصوصيات الجهات، حيث تم إعطاء الصلاحية لمديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بتنسيق مع الولاة للقيام بذلك، وكمثال على ذلك ذكرت بعض الأكاديميات الجهوية التي غيرت توقيت الدخول المدرسي كجهة بني ملال خنيفرة 08:30 درعة تافيلالت 09:00، الداخلة واد الذهب 09:00، الشرق 08:30، فاس مكناس 08:30.

وكانت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور، قد لفتت في مايو/ أيار الماضي بمجلس المستشارين ( الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، إلى أن الساعة الإضافية تم اعتمادها، بالاستناد إلى دراسة أجريت سنة 2018، وأظهرت أن فوائدها شملت الطاقة والصحة والاستهلاك العام والأثر الداخلي.

المساهمون